لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

لماذا حاول عسكريون أتراك الانقلاب على أردوغان؟ - تقرير

04:21 م السبت 16 يوليه 2016

أردوغان

كتب – مصطفى ياقوت:
أسباب عديدة قد تكون ساهمت بشكل رئيسي في محاولة الانقلاب العسكري، التي قامت بها وحدات من القوات البرية والجوية بالجيش التركي، مساء أمس الجمعة، قبل أن يتم إجهاضها من قبل أفراد الشرطة التركية وقيادات عسكرية وحكومية، أسفرت عن مقتل 17 شرطيًا، واعتقال نحو 1563 عنصرًا بالجيش.

بيان الجيش، الأوحد، الذي خرج للإعلان عن توليه مقاليد الحكم، وعزل حكومة العدالة والتنمية، أكد أن تولي السلطة جاء؛ "للحفاظ على الديمقراطية وحقوق الإنسان"، وهو المبرر الذي يستبعد نشأت الديهي، الباحث المتخصص في الشأن التركي، أن يكون سببًا أساسيًا في محاولة الانقلاب، حيث أن الأنظمة العسكرية أبعد ما تكون عن الاهتمام بالحريات، وفق قوله.

يؤكد الديهي، أن استخدام الجيش لمصطلحات الحرية وحقوق الإنسان في بيانه، لم يتعد كونه محاولة للعب بمشاعر المواطنين، وكسب تأييدهم وتعاطفهم، مستغلًا في ذلك حالة التضييق التي يعمد إليها أردوغان وحكومته، وما وصفه بـ"كبت" الحريات التي بدت جليه في التعامل الأمني مع التظاهرات، وكذا "تراجع مستوى حريات الصحافة والحريات العامة".

وتقبع تركيا في المرتبة 151 من أصل 180 دولة، على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة لعام 2016، الذي نشرته منظمة مراسلون بلا حدود.

بينما مؤسسة فريدم هاوس، المنوطة بالبحوث حول الديمقراطية والحرية السياسية وحقوق الإنسان، وضعت تركيا في قائمة الدول "غير الحرة" فيما يتعلق بحريات الصحافة، واحتلت وفق مؤشر المؤسسة المرتبة 71، في عام 2016، على مقياس يبدأ بصفر (الأفضل) وينتهي بمائة (الأسوأ)، وحصدت تصنيف 3.5 من واقع عشر درجات، مخصصة للحقوق العامة والحريات.

"سياسات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ستتباين تمامًا بعد ما أسماها بمحاولة الانقلاب الجزئية، خاصة فيما يتعلق بالحريات"، يقولها مصطفى زهران، الباحث والمتخصص في الشئون التركية، مضيفًا أنها "ستكون فرصة مواتية لأردوغان ليتخلى عن سياساته السلطوية، ويرأب الصدع مع الشارع التركي، فما حدث أبرز أن الشارع هو الفيصل في الداخل التركي".

يرى زهران، أن جماعة فتح الله جولن، صاحبة اليد العليا في دفع الجيش للانقلاب على السلطة الحاكمة، لافتًا لمحاولة انقلاب جزئية في القطاع القضائي، قام فيها أنصار جولن بضبط وإحضار قيادات سياسية وعسكرية دون الرجوع للنائب العام، وبمخالفة القانون.

ثاني الأسباب التي دفعت عسكريين لما وُصف بـ"الانقلاب"، وفقًا لزهران، هو نجاح تركيا الاقتصادي، وطموحات التموضع الإقليمي، لاسيما تصاعد الرغبة في الانضمام للاتحاد الأوروبي، وهي الأسباب التي خلقت لنظام أردوغان خصومًا شرسة.

يؤسس الباحث والمتخصص في الشئون التركية، على هذه الأسباب، دافعًا للجيش الذي رأي في الكيان الموازي (جولن وجماعته)، عبء على الحياة السياسية في أنقرة، بالإضافة إلى تصاعد "العمليات الإرهابية" على المسرح التركي.

"هناك ربط ما بين امتناع تنظيم داعش الإرهابي، عن تبني تفجير مطار أتاتورك بإسطنبول، والذي أسفر عن مقتل 32 شخصًا وإصابة نحو 150 آخرين، وبين ما حدث بالأمس، أعتقد أن وراء تفجير مطار إسطنبول ومحاولة الانقلاب الجزئية شخص واحد"، يقول زهران.

"الدولة أولًا ثم أي شيء"، "دولتي أماني".. هما الشعاران اللذان رفعتهما قوى المعارضة التركية، ردًا على محاولة الانقلاب، كما يرى زهران، والذي أوضح أن قوى السياسة التركية دائمًا ما ترجح كفة دولتها عن مصالحها الخاصة، حتى في أصعب الظروف، مؤكدًا أن ما حدث بالأمس هو تلاحم للقوى السياسية، وسيتم استغلاله جيدًا من قبل أردوغان- على حد تعبيره.

وبالانتقال للحديث عن الأكراد، وصراعهم الذي وصفه البعض بـ"المتأجج" مع السلطات، جنوبي غرب تركيا، أشار زهران، إلى أن "حزب العمال الكردستاني" لا يمثل بالضرورة كافة الأكراد، لافتًا إلى أنهم ربما يعيدون النظر في علاقاتهم بالسلطة بعد محاولة الانقلاب.

وتصاعد الصراع التركي الكردي، في الآونة الأخيرة، في ظل رغبة الأخير في الحكم الذاتي، خاصة وهم من يمثلون قرابة الـ20% من التعداد السكاني لتركيا، البالغ 78 مليون نسمة، وبالرغم من انطلاق محادثات السلام بين حزب العمال الكردستاني ممثلًا لأكراد تركيا، والحكومة التركية في 2012، إلى أن مسلسل الاشتباكات استمر، وحصد العديد من الأرواح.

سكان الجبال، كما يطلق عليهم الأتراك، محل اتهام دائم في أغلب الحوادث التي تطال الأمن التركي، ولعل آخرها اتهام أردوغان لهم بالتورط في استهداف قافلة للجيش، فبراير الماضي، وهو الأمر الذي نفاه مسؤول بارز في حزب العمال الكردستاني، في تصريحاته لرويترز.

"الجيش يخشى الانفلات خاصة بعد دخول تركيا على خط النار مع الأكراد" يقول الديهي، عن إمكانية تسبب صراعات أنقرة مع الاكراد، في تمرد قطاع من العسكريين، والذين ارتأوا في ضعف العلاقات الخارجية لنظام أردوغان فرصة مناسبة لخلق حاضنة شعبية ، وهو ما أخطأوا في تقديره، بحسب قوله.

يستبعد الباحث المتخصص بالشأن التركي، إجهاز أردوغان على الجيش، معللًا ذلك بأن ما وصفه بـ"دولة المؤسسات" تمنعه من المساس بالجيش أو معاقبته، لافتًا في الوقت ذاته إلى ضرورة تقنين دور الجيش دون أية سياسات استبدادية، ويتمثل التقنين في تعديل ببعض القيادات، وتوليته اهتمامًا أكبر.

يُرجع الديهي، رفض أحزاب المعارضة، وخاصة حزب الشعوب الديمقراطي ـ أكبر القوى المعارضة بتركياـ لمحاولة "الانقلاب"، لكون الأحزاب المعارضة بين شقي الرحى، حيث أن دعمهم لـ"الانقلاب" يعني خسارتهم للظهير الشعبي والإقليمي، مشيرًا إلى أن جولن رغم كونه أشد خصوم أردوغان، إلا انه كأي سياسي يملك "حصافة دبلوماسية" لا يمكن له أن يدعم انقلابًا على السلطة، بحسب قوله.

يرى، الباحث بالشأن التركي، أن رفض الشعب التركي لمحاولة الانقلاب، "ليس حبًا في أردوغان"، بل حفاظًا على شكل تركيا "البراق"، ورغبتهم في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، في ظل حرص الولايات المتحدة والمجتمع الدولي على استقرار تركيا، كونها أحد أعضاء حلف الناتو.

رئيس حكومة تركيا بن علي يلدريم، شدد في مؤتمر صحفي، اليوم السبت، إن النظام التركي استطاع كسر "العمود الفقري" لمحاولة الانقلاب، التي وصفها بالفاشلة، مُعلنا اعتقال الأطراف التي خططت له، مُستعديًا الدول التي ترحب بوجود المعارض التركي فتح الله جولن على أراضيها.

بينما شوهد الرئيس التركي، وهو يُحيي أنصاره، اليوم السبت، على الجانب الأسيوي من إسطنبول، في صور التقطتها وبثتها وكالة أنباء الأناضول التركية.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان