لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

تقرير - دوائر التنظيم وعشوائية الانتقاء.. أجنحة "داعش الفكر" في أوروبا

02:58 م الأربعاء 20 يوليه 2016

كتبت- ندى الخولي:
تحققت خلال السنوات القليلة الماضية، مخاوف الأوروبيين التي عبر عنها استطلاع رأي صدر في 2014، أجراه مركز "آي سي إم"، كشف فيه أن أكثر من ربع الشباب الفرنسيين يتعاطفون مع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وأن واحداً من كل ستة فرنسيين بمختلف الأعمار لا يجد حرجاً في تأييد التنظيم المتطرف.

الدراسة نفسها أكدت أن بريطانيا، بلغت نسبة المؤيدين لداعش فيها حوالي 7 في المئة من السكان، وتنخفض النسبة بشكل أكبر في ألمانيا بين 3 و4 في المئة من بين السكان.

مخاوف الأوروبيين لم تؤكدها فقط العمليات والتفجيرات الإرهابية التي شهدتها بلادهم خلال السنوات الماضية، بل أكدها مسلحو داعش أنفسهم في أكثر من مناسبة، من بينها تسجيل مصور لهم أثناء عملية ذبح الأقباط المصريين المختطفين في ليبيا مطلع 2015، إذ وجهوا رسالة مباشرة للغرب "اليوم نحن في جنوب روما.. نوجه رسالة أخرى، أيها الصليبيون إن الأمان لكم أماني، لا سيما وأنكم تقاتلوننا كافة، فسنقاتلكم كافة".

التسجيل نفسهه ذٌكر فيه للمرة الأولى اسم زعيم تنظيم القاعدة الراحل، أسامة بن لادن. "هذا البحر الذي غيبتم به جسد الشيخ أسامة بن لادن، أقسمنا بالله أن نخلطه بدمائكم"، وهو ما يفتح بابا جديدا للتساؤل عن توجه داعش لأوروبا، وعلاقته بتنظيم القاعدة والتنظيمات الجهادية الأخرى، كما يزيد من علامات الاستفهام حول التنظيم الذي يبدو عشوائيا في استقطابه لمقاتليه، ومنظما في فكرته التي تسافر عبر الحدود.

داعش VS القاعدة
يقول الباحث العراقي والخبير بشؤون الجماعات الإسلامية، هشام الهاشمي، إن داعش تختلف كثيرا عن تنظيم القاعدة في أن أولوياته كانت ترتبط بصناعة أرض التمكين وإعلان الدولة وتأسيس وحدات إدارية وفرض الأحكام الشرعية، لكن انشغالهم بالعدو البعيد "أوروبا" بدأ في سبتمبر 2014 عندما أعلن التحالف العسكري الدولي محاربته لهم، فتوجهوا في سبيل تفكيك التحالف إلى ضرب المدنيين في الدول المنضمة لهم كآداة للضغط على الرأي العام الداخلي في تلك الدول. بدأ التحالف بـ65 دولة، وبقي منهم 34 دولة فقط.

يضيف الباحث العراقي، ومؤلف كتاب "عالم داعش"، قائلا "الحقيقة هم يمتلكون أسس القيادة والإدارة والمنهج لكنهم يبالغون في تجاوز القوانين التي سارت عليها التنظيمات الجهادية السابقة".

وعن خطط استهداف الفئات العمرية الصغيرة والشباب في أوروبا لنشر فكرهم وفرض نفوذهم، وتنفيذ عملياتهم على طريقة "الذئاب المنفردة"، قال الهاشم إن تنظيم داعش لديه ثلاثة خطوط يعمل بشكل أساس في أوروبا، شارحا:

الخط الأول: يعتمد على من تم إخراجهم من أرض الصراع في سوريا والعراق، كمؤسسين لتلك الشباكات اللوجستية المهمة في أوروبا،
الخط الثاني: يمثل قيادة وسطة للتنظيم، أو من يعرفون بـ(الذئاب المنفردة) التي تنفذ العمليات ذات التنظيم الخيطي وليس الشبكي، ويعتمد على الذين دخلوا مع النازحين والمهجرين إلى أرض أوروبا،
الخط الثالث: يشكله المجندون ممن يجيد اللغة، وهؤلاء يتم التقاطهم بشكل عشوائي غير منتظم ويفرض عليهم البيعة فقط.

بالفعل؛ كشفت دراسة ناقشها قريبا مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، متعلقة بتنظيم داعش والعوامل التي تجذب الشباب العربي والأوربي للانضمام للتنظيم بعنوان "التهديدات الإرهابية في منطقة الاورومتوسطية"، أن عدد المقاتلين الأجانب في صفوف التنظيم يبلغ 30 ألف مقاتلل قادمين من 86 دولة، وأن هناك زيادة في عدد المنضمين الأجانب في العام الماضي 2015 عن العام الذي سبقه.

وأشارت الدراسة ذاتها إلى أن فرنسا جاءت في مقدمة الدول الأوربية، بنحو 1700 مقاتلا تبعتها بريطانيا بـ760مقاتلا. أما عن أعداد الملتحقين بالتنظيم من دول أوربا الشرقية فوصل نحو 4700 مقاتلا، في حين بلغ عدد المنضمين من أوربا الغربية نحو 5 ألاف مقاتل.

الدراسة التي ناقشها مركز الأهرام، شارك فيها عدد من الباحثين التابعين لمراكز دراسات أوربية، من بينهم ايرجيبت روزا، الباحثة بمعهد الشئون الخارجية والتجارة بالمجر، وبريتشا ساسنال، الباحثة بالمعهد البولندي للشئون الدولية، وعمرو الشيرة، الباحث بمركز الاتجاهات السياسية العالمية التركي، إضافة إلى عدد من الباحثين العرب، منهم أمل مختار، مدير المشروع البحثي ممثلة لمركز الأهرام للدراسات، وفؤاد عمور، من المغرب، وداليا يزبك من لبنان.

دوائر ثلاث
من جانبه قال الباحث المصري والمتخصص في شئون الحركات الإسلامية، كمال حبيب، إن تنظيم داعش يعمل من خلال ثلاث دوائر، الدائرة الأولى تشكل المركز الذي يبسط يده عليه "الأرض" في سوريا والعراق، ويستهدف به جذب الأنصار والمؤيدين، باعتباره مركزا للدولة، التي يستعيد فيها نموذج الخلافة الذي لم تستطع القاعدة أو أي تنظيم آخر إنجازه.

الدائرة الثانية التي يتحرك فيها التنظيم، بحسب الباحث والمتخصص، هي "الولايات" والتي تتبع التنظيم خارج أرضه، وعددها يتراوح ما بين 25 إلى 29 ولاية، بدءا من باكستان وصولا للصين وبنجلاديش.

أما الدائرة الثالثة فهي تشكل "المسلمين في أوروبا"، وهم من يشكلون أساس عمليات "الذئب المنفرد"، كما حدث في نيس الفرنسية وألمانيا وبلجيكا من قبل، تماما كما أعلن أبو محمد العدناني، المتحدث باسم التنظيم، في خطبة لهم في مارس الماضي، بأنه "سيتحرك من خلال وحدات بسيطة"، وفقا لحبيب.

ويرى الباحث والمتخصص في الشئون الإسلامية، إن تنظيم داعش ليس لديه ايديولوجية واضحة، لكنه ورث الاجتهادات السابقة للتيارات السلفية الجهادية، وخاصة فكر أبو قتادة الفلسطيني، المنظر البارز في التيار السلفي الجهادي، والذي يرتكز على فكرة "لا مركزية التنظيم، بحيث لا يمكن ضربه ككتلة واحدة، كما حدث من قبل مع طالبان وغيرها".

وأضاف حبيب "داعش ليس لديه فكرة يخاطب بها العالم كما كان لدى بن لادن من قبل، لكن من خلال استراتيجياته خلال الفترة الماضية، يمكن استنتاج أنه يستهدف الحصول على أرض واسعة وبناء تنظيم قوي، ويتخذ من بن لادن زعيما ملهما له، متابعا "كما استفاد داعش من التنظيمات السرية في العراق تحديدا مثل البناء السري والبعث، وتمكن من التزاوج مع القبائل هناك للسيطرة على موارد الدولة".

ويرى حبيب إن تجربة سيطرة داعش على أراضي سوريا والعراق لن تتكرر ثانية، مفسرا "مسألة القدرة على إعادة إنتاج نموذج سوريا والعراق بعيدة تماما، لأنه سيطر على الأرض استنادا إلى عدم قدرة الأنظمة والمعارضة هناك على محاربته، فضلا عن استناده على تناقضات في السياسية الدولية زادت من فرص نفوذهم على الأرض".

أما عن رأيه في استهداف الدول الأوروبية بكثافة خلال السنوات الماضية، وخاصة فرنسا، قال حبيب "فرنسا من أكثر الدول التي أعلنت انخراط عدد من شبابها في التنظيم واقتناعهم بمعتقداتها، وبالتالي زادت فرصة وجود فرص ومساحات وفراغات تجعلها مسرح عمليات لداعش.. هي علاقة طريدية في الأساس".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان