رهانات حماس الخاسرة تُجبرها على قبول انتخابات المحليات – (تقرير)
تقرير – مصطفى ياقوت:
يعقد ملايين الفلسطينيين الآمال، على توافق كافة القوى السياسية بالداخل الفلسطيني، على إجراء الانتخابات المحلية، بكافة البلديات، شاملة قطاع غزة للمرة الأولى منذ 10 سنوات، حيث رفضت حركة حماس، المتحكمة في القطاع، إجراء الانتخابات المحلية الأخيرة عام 2012، وما سبقها، بداعي الملاحقات الأمنية لعناصرها من قبل حكومة فتح.
وبإعلان حركة المقاومة الإسلامية حماس، الأسبوع الماضي، عزمها المشاركة في الانتخابات، المزمع إقامتها أكتوبر المقبل، على لسان سامي أبو زهري، المتحدث الرسمي باسم الحركة، دفع البعد لاعتبارها خطوة إيجابية في سبيل المصالحة بين الفصائل الفلسطينية.
مناورة سياسية
يقول الدكتور أسامة شعث، أستاذ العلوم السياسية، والمحلل السياسي الفلسطيني، إن موافقة الفصائل الفلسطينية -وخاصة حركة حماس- على إجراء الانتخابات المحلية، يعد أمرًا هامًا في ذاته، حيث أن أية انتخابات تعد تعبيرًا عن تطلعات الشعب الفلسطيني، في اختيار من يمثلونه، ومن يستطيعون تقديم الخدمات الإنسانية والاحتياجات الاجتماعية لهم.
يرى شعث، أن الانتخابات المحلية ستكون خطوة بالاتجاه الصحيح نحو المصالحة الفلسطينية، كما أنها ستساهم في تعزيز الثقة بين الأطراف المتنافرة، وربما تمثل بادرة لإجراء الانتخابات التشريعية أو الرئاسية بعد ذلك.
يُخالفه في الرأي، الباحث بوحدة الدراسات الفلسطينية والإسرائيلية بمركز الأهرام الاستراتيجي، محمد جمعة، والذي أكد أن موقف حركة حماس، لا يتعدى كونه مناورة سياسية، بعد أن فقدت حماس رهانات كثيرة، كانت تستند إليها.
ويعتقد جمعة، أنه لن يكون لهذا الموقف الحمساوي أثرًا ملموسًا في سبيل المصالحة المنشودة، وإنهاء الانقسام السياسي القائم بين الصفوف والفصائل الفلسطينية.
وكان خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحماس، قد دعا، في كلمة ألقاها خلال تخريج دورة عسكرية للجناح المسلح لحماس "كتائب القسام"، الجمعة، الفلسطينيين للمشاركة في التصويت، مؤكدًا أن "حماس لا تخشى النتائج والاختبارات التي يريدها البعض".
وأضاف مشعل، في كلمته "نحن على أبواب انتخابات بلدية محلية، وأعلنا أننا سندخلها، وربما كان البعض يريد اختبارنا، لكن حماس تؤمن بالانتخابات والديمقراطية، وتحترم نتائج ذلك ولا تخشاه أبدًا"، في إشارة منه لحركة فتح.
تراجع حماس
وعن أسباب، تراجع موقف حماس، يقول جمعة، إن هذا الموقف المستجد من الحركة، يتواءم مع المعطيات الإقليمية الجديدة، حيث أن حماس فقدت معظم الأطراف الإقليمية، التي كانت تضمن لها قدرًا من المناورة السياسية.
يوضح الباحث المختص بالشأن الفلسطيني، أن تركيا تصالحت مع إسرائيل وفق إملاءات تكاد تكون إسرائيلية 100%، كما أن رهان حماس على -ما اعتبره البعض- تغيرًا في المزاج السياسي السعودي، عقب تولي الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم، واحتمالية أن يتغير موقف المملكة تجاه الإخوان، لم يكن رهانًا في محله، وكذلك الحال في رهانها على إيران، والتي توترت علاقاتهما مؤخرًا ، بحسب جمعة.
وكان نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، موسى أبو مرزوق، قد شن هجومًا على إيران، على خلفية ما وصفه بالتقارب بين طهران، وروسيا، مشيرًا إلى أن الفلسطينيين يقعوا ضحية لدهاء إيران.
وقال أبو مرزوق في مكالمة مسربة عبر الإنترنت، إن الإيرانيين من أكثر الناس باطنية وتلاعبًا بالألفاظ، وأن كل ما تقوله إيران عن دعمها لحماس مجرد أكاذيب، بحسب قوله.
رهانات خاسرة
ويستند جمعة في تحليله، إلى أن خسارة حماس لتلك الرهانات، جعلها لا تجد سبيلًا سوى الاتجاه نحو الداخل المحلي الفلسطيني، "موقف حماس مؤسف لأن اعتبارات المصلحة الفلسطينية تقتضي أن تكون طواعية لا اضطرارًا، ويؤكد أن هناك مساحة كبيرة بين المعلن والمستتر في خطاب الحركة"، يُعلق جمعة.
يرى جمعة، أنه لا يجب أن نبالغ في موقف حماس، حيث أن موافقتها جاءت على انتخابات بلدية خدمية، مضيفًا أنه يمكننا قياس التغير الفعلي في الموقف الحمساوي، حال موافقتها على إجراء الانتخابات التشريعية البرلمانية.
فيما أعلنت لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية، الأحد، عبر بيان نشرته على صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أن جميع الأحزاب والفصائل السياسية الفلسطينية وقعت على "ميثاق شرف" بخصوص الانتخابات المحلية، وأن هذا الميثاق ينص على التقيد التام بأحكام قانون الانتخابات الفلسطيني وقرارات لجنة الانتخابات المركزية فيما يتعلق بسير العملية الانتخابية، وعلى ضرورة احترام دور المراقبين المحليين والدوليين والتعاون معهم في أداء دورهم الرقابي.
كما دعا الميثاق، بحسب البيان، إلى الامتناع عن التشهير والقذف والشتم، والابتعاد عن إثارة النعرات أو استغلال المشاعر الدينية أو الطائفية والقبلية والإقليمية والعائلية أو العنصرية بين فئات المواطنين.
في الوقت الذي يرجع فيه، المحلل السياسي الفلسطيني، أسامة شعث، تحول الموقف الحمساوي، إلى تزايد الأعباء والأثقال، الناتجة عن الحصار، وكذا تراكم الأزمات الخدماتية، وتدني مستوى الخدمات في البلديات الفلسطينية، والذي أثقل كاهل حركة حماس، وجعلها تتمنى أن يكون هناك مشاركة من باقي الفصائل في معالجة تلك الأوضاع، بحسب رؤيته.
ويؤكد شعث، أن طبيعة الانتخابات المحلية، والتي تعتمد على القوائم الانتخابية، لن تجعل هناك فائزًا واحدًا، وتضمن لكل فصيل عدد من المقاعد، وهو ما قد يكون أحد دوافع حماس لقبول إجراء الانتخابات.
"يمكننا أن نعتبر إجراء الانتخابات المحلية، بمثابة التعاطي الجيد مع مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي للمصالحة الفلسطينية، إدراكًا منهم بأنه لا بد من الاهتمام باحتياجات الشعب الفلسطيني، لأن الشعب ضاق ذرعًا بالعوائق التي تحول دون إتمام المصالحة"، يقول شعث.
فتح ترحب بالمصالحة
الدكتور أيمن الرقب، القيادي بحركة فتح الفلسطينية، وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس المفتوحة، يرى أن أي حراك سياسي داخل الأوساط الفلسطينية، من شأنه أن يخلق جسرًا لجدار التوافق الفلسطيني المأمول، وكذلك بوابة لإجراء الانتخابات التشريعية.
يؤكد الرقب، أنه لا تخوف -حتى الآن- من موقف حركة حماس، والذي اعتبره "بداية لترتيب إجراءات المصالحة"، مشيرًا إلى استشعار رغبة حماس في إنجاح الانتخابات، عبر دعوة قيادات الحركة للمواطنين بضرورة المشاركة.
ويضرب القيادي بحركة فتح، مثالًا في جدية دعوتها لإجراء الانتخابات، حيث تعكف كافة التيارات السياسية الآن على الدفع بمرشحيها عبر التسجيل في لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية، في 416 هيئة محلية.
فيديو قد يعجبك: