الصحافة الغربية تواصل انتقاداتها.. والخارجية على خط المواجهة
كتب - مصطفى ياقوت:
فيما اعتبرته وزارة الخارجية المصرية، "مزاعم غير موضوعية"، نشرت عدة صحف غربية تقاريرًا متباينة، تنتقد الأوضاع الحقوقية والاقتصادية في مصر، كان آخرها ما نشرته مجلة الإيكونوميست البريطانية، تحت عنوان "خراب مصر"، هاجمت فيه السياسات العامة والاقتصادية تحت حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي.
تقول الإيكونوميست، في عددها الأخير، الصادر في مطلع أغسطس 2016، إن النظام المصري "مفلس"، ويعتمد على حقن نقود سخية من دول الخليج، في ظل إصرار على الدفاع عن الجنيه المصري لتجنب ارتفاع التضخم، وطلب قرض دولاري من صندوق النقد الدولي يقدر بـ12 مليار، لتنفيذ حزمة إجراءات للإنقاذ المالي.
وأسهبت المجلة البريطانية المختصة بالشأن الاقتصادي، في استعراض ما وصفته بـ"مصر شديدة الهشاشة"، من تشديد القيود على رأس المال، والفشل في السيطرة على السوق السوداء للدولار، واستخدام أموال الضرائب في تمويل مشروعات ضخمة، وفق الصحيفة.
وطالبت بوضع شروط صارمة -خاصة من دول الخليج- قبيل تقديم أية مساعدات اقتصادية لنظام الرئيس السيسي، أبرزها تعويم العملة، وتقليص الوظائف الحكومية، وإلغاء تدريجي للدعوم المكلفة التي يشوبها الفساد.
بدورها ردت الخارجية المصرية، على لسان متحدثها الرسمي، المستشار أحمد أبو زيد، على الصحيفة، مؤكدة أن ما جاء فيها "مغالطات وأكاذيب"، قائلة: "يبدو أن مجلة (الإيكونوميست) اختارت أن تقف مع من يتخذون موقفًا متحيزًا ضد مصر".
وأضاف أبو زيد، "كان من المنتظَر أن تقدم مجلة رائدة في التحليل الاقتصادي والمالي تحليلًا موضوعيًا ومستنيرًا يركز على تقييم خصائص السياسات الاقتصادية في مصر خلال الأشهر القليلة الماضية، إلا أن المجلة عمدت في المقابل إلى تجنب أي مظهر من مظاهر التحليل الموضوعي، واهتمت بتوجيه إهانات لشخص الرئيس المصري".
وتابع المتحدث: "إنه لمن المؤسف، بل ومن المشين، أن تلجأ مجلة محترفة إلى أساليب غير موضوعية ومهينة وذات دوافع سياسية لتوصيف السياسات الاقتصادية لمصر، ناهيك عن التحليل الركيك والقراءة السطحية للاقتصاد المصري وطبيعة التحديات التي تواجهه"، بحسب البيان.
وقائع متكررة
سجالات الخارجية والصحف الأجنبية لم تقتصر على تلك الواقعة، فعقب واقعة اختطاف طائرة مصر للطيران، وإجبار قائدها على تحويل مساره إلى مطار لارناكا في قبرص مارس الماضي، أعربت "الإندبنتنت" البريطانية، عن قلقها إزاء إجراءات تأمين المطارات المصرية، مؤكدة أن مطارات مصر أصبحت "تحت التدقيق المتزايد".
وهو الأمر الذي رفضته الخارجية المصرية، في بيانها، قائلة "إبداء مخاوف لا داعي لها بشأن أمن الطيران ليس فقط أمرًا غير عادل بالنسبة لمصر، والتى تجد نفسها باستمرار موضع انتقاد وسخرية بدلًا من التضامن، بل هو أيضًا أمر غير مسئول في ضوء القلق الحالي بشأن الأمن بشكل عام في جميع أنحاء العالم"، مختتمًا "في جو عالمي من الخوف الطاغي والتهديد الإرهابى المستمر، فإنه يبدو من غير الملائم وغير المهني أن يتم نشر الذعر بهذا الأسلوب".
واقعة مشابهة، حازت على اهتمام الخارجية بالتعليق عليها، فور تقرير نشرته صحيفة "الجارديان" البريطانية، فبراير الماضي، حول أسباب مقتل الشاب الإيطالي جوليو ريجيني، والذي أعزته الجريدة لـ"السجل السيء السمعة لمصر في حقوق الإنسان،وعلامات القتل غير القانوني الذي تقوم به شرطة أمن الدولة، وتعدد ظواهر الاختفاء القسري والعنف الممنهج"، وذلك قبل إصدار تقرير الطب الشرعي الرسمي عن أسباب الوفاة.
وأكدت الخارجية في ردها، أن محاولات توجيه الاتهام للسلطات المصرية، في غياب أي دليل هو أمر يؤدي إلى نتائج عكسية، معربًا عن اندهاشه لما ورد في التقرير، من مزاعم بشأن الاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء في مصر، والتي تتضمن تشويهًا تامًا متعمدًا للوضع على الأرض.
ولم يعف اعتذار الجارديان في مايو الماضي، عن بعض التقارير المنشورة عن الداخل المصري، نتيجية ثبوت انتهاك الصحفي جوزيف مايتون، الذي عمل لفترة مراسلا لها من القاهرة لقواعدها والثقة التى منحته إياها، ونشر 13 مقالًا حوى على معلومات مغلوطة ومفبركة، من هجوم وزارة الخارجية، حيث اعتبرت اعتذار الجارديان دليلًا على المغالطات و"عدم المصداقية" التي وصفت بها الجريدة في وقائع سابقة.
الخارجية عادت لتؤكد، إلى أن "الجهد المطلوب بذله لتصحيح الصورة الخاطئة التي طالت مصر، أصعب بكثير من مجرد إطلاق كذبة أو ادعاءباطل يؤدي للإضرار بمجتمع بأكمله".
سبق ذلك بشهور، افتتاحية "نيويورك تايمز" الأمريكية، حول مقتل سياح مكسيكيين في صحراء مصر، نتيجة قصف جوي، أرجعته الداخلية، لخطأ طاقم المروحية في إطلاق النارعلى السياح؛ لاعتقاده أنهم متشددون إسلاميون، حيث تشككت الصحيفة في إمكانية إجراء تحقيق عادل بهذا الشأن في ظل حكم الرئيس السيسي.
واتهم المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، هيئة تحرير الصحيفة، بإعداد تقرير "مضلل وغير صادق"، مضيفًا "التعمد المتكرر من جانب هيئة التحرير لتشويه الأحداث في مصر يعكس تجاهلًا صارخًا لإرادة الشعب المصري، وتجاهلها لكون مصر بدأت بالفعل في عملية تحقيق محايدة وذات مصداقية على أعلى المستويات، وما تزال عملية التحقيق مستمرة ولكن هذا الأمر لا يحمل لنا أية مفاجئة، فقد اعتدنا على التغطية المتحيزة وغير الموضوعية من جانب هذه الصحيفة".
وفي يوليو الماضي ردت وزارة الخارجية، على مقال لمجلة "فورين أفيرز" الأمريكية، انتقد النهج الذي تتبعه مصر في مواجهة الإرهاب، والذي اعتبر أن مصر تركز فقط على الجانب الأمني، قائلة "إن نهج مصر يعكس رؤية شاملة تأخذ بالحسبان الأبعاد الأيديولوجية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، ومقال المجلة الأمريكية يُبرز الفهم الخاطئ لإستراتيجية مصر لمكافحة الإرهاب، من خلال التركيز على تداعيات الرؤية المصرية تجاه الإرهاب على المصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة، والاختلافات الكبيرة بين النهجين الأمريكي والمصري فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب".
"اتهامات كيدية"
يرى السفير أحمد القويسني، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن تعليق وزارة الخارجية على ما ينشر في الصحف العالمية، ويسمح بتشويه الصورة الذهنية عن مصر، يُعد أمرًا حتميًا.
يؤكد القويسني، أن تقرير الإيكونوميست البريطانية، تناول الأوضاع الاقتصادية بمصر بـ"منتهى القبح"، ونعت القائمين على النظام بـ"مخربي مصر"، وهو ما يعد أمرًا بعيدًا عن الموضوعية والإنصاف، يستوجب الرد الرسمي، فجل ما نمر به أزمة اقتصادية نستطيع تجاوزها.
"الاتهامات الموجهة لمصر بالصحف الأجنبية، مسيسة وكيدية"، يقول مساعد وزير الخارجية الأسبق، والذي يؤكد على التجاوز والمبالغة، فيما تنشره تلك الوسائل عن الأوضاع الحقوقية بالداخل المصري، "فهناك آلية قضائية في مصر تستطيع توفير قدر من الإنصاف والعدالة لمواطنيها".
حلول
الحلول في رأي القويسني، تكمن في ضرورة اتخاذ خطوات لتحسين الصورة الذهنية بالداخل أولًا، كي تنعكس للمجتمع الدولي، عن طريق وقف ما وصفه بـ"بطش الشرطة وعشوائيتها"، و"ترشيد إصدار أحكام الإعدام بحق المتهمين"، لما لذلك من إعطاء صورة إيجابية عما يشهده الشارع المصري، لا سيما اتخاذ إجراءات أكثر شفافية من قبل القائمين على ملف الدبلوماسية المصرية.
"تقارير بلا قيمة"
الدكتور سعيد اللاوندي، خبير العلاقات الدولية، يرى أن التقارير الإعلامية التي تصدر عن الخارجة وتمس الشأن المصري، تعكس هيمنة أمريكية على دول أوروبا، التي لا تمارس حقوق الرأي والتعبير إلا ضد مصر فقط، بحسب قوله.
فيديو قد يعجبك: