صندوق القضاة.. "أصحاب المقام الرفيع" في انتظار "نفحة" جديدة -(تقرير)
تقرير - محمود أمين:
يناقش مجلس النواب غدا الأحد، مشروع القانون المُقدم من الحكومة بشأن تعديل أحكام القانون رقم 36 لسنة 1975 بإنشاء صندوق الرعاية الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية وبإنشاء صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء القضاء العسكري.
وأثار هذا التعديل ردود فعل متباينة على اعتبار أنه يضيف بندًا جديدًا لمجموعة الضرائب المُلقاة على كاهل المواطن، ويتزامن ذلك مع الحالة الاقتصادية التي تشهدها البلاد مؤخرًا، مع ارتفاع الأسعار والخدمات العامة.
ويشتمل القانون على 3 مواد رئيسية، وينص في مادته الأولى "على أن يُفرض طابع دمغة بمبلغ عشرة جنيهات على الشهادات المستخرجة من المحاكم على اختلاف درجاتها، والنيابة العامة، ومجلس الدولة، وهيئة النيابة الإدارية، وهيئة قضايا الدولة، وكذا صحف الدعاوى، وتقارير الطعن في الجنح والجنايات، ومذكرات أسباب الطعن بالنقض، والتي تخضع لقوانين الرسوم القضائية، وتؤول حصيلة ما يعادل قيمة الطابع إلى صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية، ويصدر بتحديد شكل الطابع وكيفية تحصيلها وأحوال الإعفاء منه قرار من وزير العدل".
وتنص مادته الثانية على أن "ينشأ صندوق بوزارة الدفاع، يكون له الشخصية الاعتبارية، تخصص له الدولة المواد اللازمة لتمويل وكفالة الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء القضاء العسكري الحاليين والسابقين وأسرهم، ويصدر بتنظيم الصندوق وقواعد الإنفاق منه قرار من وزير الدفاع"، كما تنص المادة الثالثة على "فرض طابع دمغة بمبلغ 10 جنيهات على الشهادات المستخرجة من النيابات والمحاكم العسكرية على اختلاف درجاتها، و صحف الدعاوى وتقارير الطعن في الجنح والجنايات العسكرية ومذكرات أسباب الطعن بالنقض أمام المحكمة العسكرية العليا للطعون وتحول حصيلة ما يعادل قيمة الطابع إلى الصندوق المشار إليه بالمادة الثانية، ويصدر بتحديد شكل الطابع وكيفية تحصيله وأحوال الإعفاء منه قرار من وزير الدفاع".
القضاة يعانون !
قال المستشار مجدي العجاتي، وزير الشؤون القانونية بمجلس النواب، إن "القضاة يعانون من ضعف موارد الصندوق، وأن هناك عجزًا فى ميزانية الصندوق الذى تدعمه خزانة الدولة والتي يقدر بنحو 648 مليون جنيه سنويًّا".
وأوضح العجاتي في تصريحات سابقة له أن فرض دمغة إضافية هو بديل لإرهاق موازنة الدولة وتحميلها أعباء إضافية، والمبلغ المحدد زهيد جداً.
البرلمان يُمهد للموافقة
رغم اعتراض بعض نواب البرلمان على مشروع القانون، إلا أن المجلس يتجه لتمرير "الدمغة الجديدة". فالأمر له خلفيات سابقة من حيث التعامل البرلماني في القضايا القضائية، خاصة عندما قاطع الدكتور على عبدالعال رئيس مجلس النواب، عضو برلماني أثناء مناقشة القانون في جلسة الثلاثاء الماضي، وقال بحدة: "عندما تتكلم عن أصحاب المقام الرفيع تختار كلماتك جيدًا".
وعقب مقاطعة البرلماني، أعلن رئيس البرلمان التصويت النهائي لأعضاء البرلمان على تعديل قانون مجلس الدولة، رقم 47 لسنة 1972، ليتضمن 6 تعديلات أبرزها تمكين رئيس مجلس الدولة من إضافة رسم لا يزيد على 50 جنيهًا على كل الدعاوى والطعون والأوراق القضائية فى محاكم مجلس الدولة.
نادي القضاة ينفي التدخل
وأصدر نادي قضاة مصر، بياناً رسمياً، نفى تدخله في مناقشة المشروع أو إبداء الرأي فيه، لأنه يقع في اختصاص وزارة العدل والسلطتين التنفيذية والتشريعية.
خرج هذا البيان الرسمي من المكتب الإعلامي لنادي القضاة عقب نشر اخبار تتضمن "أن النادي يتبرأ من مشروع قانون الـ 10 جنيهات المخصصة لصالح صندوق الخدمات الصحية للقضاة".
مخالف للدستور
وفي تغريده له تعليقاً علي فرض رسوم علي المواطنين لسد عجز "صندوق القضاة"، قال حافظ أبو سعدة، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، في تدوينه له إن "فرض رسوم على المصريين من أجل دعم صندوق للشرطة أو القضاة غير دستوري، فالرسم مقابل خدمة، أما الرعاية الصحية للقضاة والشرطة فهي واجب على الدولة".
وتابع أبو سعدة، "المفروض على البرلمان أن يزيد المخصصات لعلاج القضاة والشرطة والقضاة العسكريين من الموازنة العامة للدولة وليس من خلال الرسوم المقررة لشهادات".
كارثة
وصف خالد عبد العزيز، عضو لجنة الإسكان بمجلس النواب، عن حزب المصريين الاحرار، فرض رسوم لدعم صندوق القضاة بـ"الكارثة"، مؤكدًا أن الحكومة لا تمتلك حلولًا إلا فرض الجباية علي المواطن البسيط.
وتابع عبدالعزيز في تصريح خاص لمصراوي أن "القضاء لا يحتاج إلى الـ 10 جنيه، وما يحدث هنا زيادة ضغط على المواطن البسيط". وأضاف: "الناس لية مش حاسة بالشعب اللي في البلد، الشعب مش مستحمل، والتوقيت غير مناسب لمناقشة القانون. الناس مش هتستحمل زيادة الكهرباء والمترو، ورسوم القضاء".
وحول موقفه من التصويت على مشروع القانون، أكد النائب البرلماني رفضه لأي زيادة في الأسعار، مشيرًا إلى أن هناك عدد كبير من النواب سيرفضون القانون، وسيوجهون رسالة للحكومة بأن يفكروا في طرق أخرى بعيدًا عن المواطن البسيط.
ومن جانبه أوضح يحي عيسوي عبد الفضيل، النائب البرلماني المستقل عن دائرة قطاع غرب الدلتا، أن توقيت مناقشة مشروع القانون غير مناسب، مناشدًا أعضاء المجلس بعدم التصويت لصالح مشروع القانون، علي الأقل في الوقت الحالي. وقال: "المبلغ الذي يناقشه القانون زهيد جداً ولا يمثل عبء علي المواطن، ولكن التوقيت غير مناسب لمناقشة القانون".
معاناة للمواطن
من جانبه، قال عبدالغفار شكر، نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن البلاد تمر بظروف صعبة للغاية، وصندوق القضاة سيصعب الوضع أكتر، مضيفًا في تصريح مصراوي أن فرض رسوم إضافية علي المواطن في المعاملات القضائية قد تجعله يفكر كثيراً قبل اللجوء إلي الحامي الشرعي له.
وأردف شكر: "فرض الرسوم الاضافية علي العمليات القضائية تزيد من معاناة المواطن البسيط، ويجب على الحكومة أن تنظر إلى المواطن وان تراجع ارتفاعات الاسعار وزيادة الضرائب، لتوفير حياة كريمة تليق بالمواطن المصري، وتخفف عليه وليس العكس".
القانون دستوري
على الجانب الآخر، قال المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، إن الدستور ينص على مبدأ العدالة الضريبية ويتم تطبيق الضريبة أو الرسوم بشكل قانوني وتشريعي.
وتابع الجمل، في تصريح خاص لمصراوي اليوم السبت، أن القضاة يبذلون جهدًا غير عادي، وهناك ما يقرب من 2 مليون قضية منظورة امام القضاء المدني، ويجب توفير الخدمات الصحية والاساسية مثل المعاشات للقاضي.
وحول قانونية تلك الزيادات، أكد "الجمل" أن فرض رسوم إضافية علي العمليات القضائية جائز قانونياً ودستورياً بعد أن يسلك القانون الطرق الشرعية لتطبيقه من خلال التصويت عليه بالبرلمان المنتخب، مضيفًا أن فرض رسوم علي المواطن لدعم صندوق القضاء يصب في الصالح العام، واكد انه لا يوجد عيب دستوري لتطبيق مثل هذه الرسوم .
فيديو قد يعجبك: