لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

هل تذوَب زيارة البشير "الجليد" مع القاهرة؟

01:11 م الأربعاء 24 أغسطس 2016

عمر البشير

كتب – مصطفى ياقوت:

علاقات قوية دامت لعشرات الأعوام، نشأت بين مصر والسودان، في أعقاب حصول السودان على استقلاله 1956؛ ما أحيا حلم مشروع "دولة وادي النيل الكبرى" في نفس الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، قبل أن يعقبه السادات بتوقيع "ميثاق التكامل"، ومبارك بـ"ميثاق الإخاء" بين البلدين.

"الإخاء" الذي تتسم به تعاملات الدولتين، بدا جليًا في التعاون السياسي والاقتصادي، وتعدد الزيارات المتبادلة بين مسئولي البلدين، على المستوى الرئاسي والدبلوماسي والشعبي.

آخر اللقاءات التي جمعت الرئيس عبد الفتاح السيسي، بنظيره السوداني عمر البشير، احتضنتها العاصمة الرواندية كيجالي على هامش اجتماعات القمة الأفريقية، يوليو الماضي، وتناول اللقاء التأكيد على خصوصية العلاقات المصرية السودانية والروابط التاريخية، واختتم بدعوة من السيسي إلى عقد "لجنة عليا مشتركة" في إطار العمل على تعزيز العلاقات بين البلدين في كافة المجالات.

وأعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي، في حوار صحفي أجراه مع رؤساء تحرير عدد من الصحف القومية المصرية، مطلع الأسبوع الجاري، أنه من المقرر أن يزور البشير القاهرة خلال شهر أكتوبر القادم، لحضور اجتماع تلك اللجنة المُستحدثة.

بيد أن مُتغيرات سياسية وإقليمية، أضفت آثارًا سلبية، على تلك العلاقات الممتدة، وشكلت عكارًا لفيض التوافق والتوحد، الذي تضرب جذوره في مخطط الملك مينا مُوحد القطرين، بحسب محللين.

حلايب

تجدد النزاع حول أحقية ملكية مثلث حلايب، أبريل الماضي، عقب بيان رسمي صادر عن وزار الخارجية السودانية، دعت فيه القاهرة للتفاوض حول منطقتي "حلايب وشلاتين"، ولفتت إلى أن دعوتها عقب "متابعتها الدقيقة لاتفاق القاهرة والرياض حول جزيرتين تيران وصنافير"، كما لم يخل البيان من التلويح بإمكانية اللجوء للتحكيم الدولي "للمحافظة على حقوق السودان السيادية والتاريخية والقانونية".

وأعادت الخرطوم فتح هذا الملف، مُستندة لشكواها المقدمة لمجلس الأمن منذ 1958 وما أعقبها في عام 1992 من اعتراض مصري على منح حكومة السودان حقوق التنقيب عن البترول في المياه المقابلة لمثلث حلايب لشركة كندية.

بدورها ردت القاهرة، باقتضاب، على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية، المستشار أحمد أبو زيد: "حلايب وشلاتين أراض مصرية وتخضع للسيادة المصرية، وليس لدى مصر تعليق إضافي على بيان الخارجية السودانية".

لقاء رئاسي، واتصال تليفوني، جمعا الرئيسان، عقب تجدد تلك المطالبة، لم يتطرقا لهذا الخلاف، واكتفيا بتناول عمق أبعاد العلاقات، وتقديم مصر ليد العون لشقيقتها، للقيام بأي مجهودات لمساندة السودان في أزمة السيول والفيضانات المتوقعة بعد الارتفاع الكبير في مناسيب نهر النيل، بحسب بيان صادر عن رئاسة الجمهورية المصرية، أغسطس الجاري.

وتستبعد الدكتورة أماني الطويل، رئيس الوحدة الإفريقية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، طرح أزمة حلايب، على طاولة نقاش السيسي والبشير، باجتماع اللجنة العليا للعلاقات المشتركة، المزمع إقامته أكتوبر المقبل، لكونه ملف شائك، من شأنه أن يؤثر سلبًا على العلاقات المشتركة.

سد النهضة

وثيقة إعلان مبادئ سد النهضة، التي وقعتها "مصر، والسودان، وإثيوبيا" مارس 2015، بالعاصمة السودانية الخرطوم، لم تعف الجانب السوداني من إعلان دعمه بناء سد النهضة الإثيوبي، لما له من "فوائد"، بحسب البشير، الذي أكد في حوار أجراه مع التليفزيون الإثيوبي أن "الحكومة السودانية درست الأمر بشكل مستفيض، ورأت أن السد سوف يحقق العديد من الفوائد، خاصة وأن إيجابياته تفوق سلبياته".

وعاد البشير ليؤكد، في حوار أجراه مع إحدى المجلات المصرية، ونقلته وكالة الأنباء الرسمية (أ ش أ)، أن السودان "لم يقف إلى جانب إثيوبيا ولا ضد مصر لأننا طرف أساسي وأصيل في سد النهضة وأهميته بالنسبة للسودانيين بمستوى أهمية السد العالي بالنسبة للمصريين، لأنه يخزن كل المياه في فترة الفيضان وبعد ذلك يمررها عبر الخزان طوال أيام العام، وبالتالي نحصل

على مياه كافية وطاقة توليد كهربائي جيدة".

في الوقت الذي يقول رئيس الوزراء الإثيوبي هيلي ماريام ديسالين، في مقابلة مع تليفزيون الدولة، إن هناك تفاهمات بين بلاده والسودان حول الأمن المائي، والتكامل السياسي، والأمني، والاقتصادي، وحل النزاعات الإقليمية، ومحاربة الإرهاب.

وتُشير آخر الرؤى المصرية بشأن سد النهضة، إلى أن "مفاوضات الدراسات الفنية لسد النهضة، تسير بشكل مطمئن"، وفق تصريحات الرئيس السيسي، في حين هاجم الدكتور مغاوري شحاتة، مستشار وزير الري، الموقف السوداني، في تصريحات تليفزيونية، قائلًا "إثيوبيا دائما تناور في مفاوضات سد النهضة ويشجعها على هذه المناورة الموقف غير الواضح للسودان من

بناء السد".

وتلقت الحكومة المصرية، اليوم الثلاثاء، دعوة من الجانب السوداني؛ للمشاركة في اجتماعات توقيع العقود الاستشارية لسد النهضة الإثيوبي، يومي 5 و6 سبتمبر المقبل في الخرطوم.

"للحديث عن سد النهضة مسار فني وسياسي مختلف"، تقول الطويل، عن إمكانية التطرق لهذا الملف ضمن المباحثات المشتركة، موضحة أن ما يجعل طرح أزمة سد النهضة بعيدًا عن اجتماع اللجنة المشتركة، هو إعلان كلا الطرفان لموقفهما بشأن السد بوضوح؛ بما ينفي الحاجة لطرحه مرة أخرى ضمن اللقاءات الرئاسية.

اتهامات بدعم الإرهاب

نالت اتهامات إعلامية مصرية، الرئيس السوداني عمر البشير، بدعمه لعمليات الإرهاب التي شهدتها مصر، في أعقاب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، وتمويله للجماعات، عقب حكم محكمة قنا العسكرية بالسجن لمتهمي قضية "عابري الحدود"، والتي ضمت اثنين سوادنيين، كان قد ألقي القبض عليهم في 25 فبراير 2014، بتهمة التواجد في منطقة محظورة، ومحاولة التسلل عبر الحدود، وحيازة ذخيرة دون ترخيص.

البشير نفى في لقاءه بفضائية سكاي نيوز في فبراير 2015، ما قيل عن دعمه لجماعة الإخوان، قائلاً: "ليس لدينا علاقة تنظيميَّة بهذه الجماعة، وليس لنا تأثير عليها ولا لها تأثير علينا"، مؤكدًا أن "عدم تجريم بلاده للجماعة يعود لحق كل دولة في اختيار القرارات التي تضمن سلامتها وأمنها".

تؤكد رئيس الوحدة الإفريقية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن اجتماع اللجنة المشتركة سينوط بمناقشة تنمية محور الزراعة المصرية بالأراضي السوداني، وكذلك بحث المتغيرات الإقليمية بالمنطقة، وأبرزها تنامي وتيرة العمليات الإرهابية بالأراضي الليبية.

ولفتت إلى أنه تم ترقية اجتماعات اللجنة المشتركة من المستوى الوزاري للرئاسي، مشيرة إلى أن اللجنة مختصة ببحث التعاون الاقتصادي واللوجيستي فقط، دون التطرق للأوضاع الأمنية.

"معاملة سيئة"

في نوفمبر من العام الماضي، أرسلت السفارة السودانية بالقاهرة مذكرة لوزارة الخارجية تشكو فيه ما أسمته "تجاوزات ضد مواطنيها بالقاهرة"، على خلفية احتجاز عدد من السودانيين بتهمة الاحتيال، والاتجار بعملات مزورة، وهو ما وعدت الخارجية المصرية بالتحقيق فيه، نافية وجود "حملة ممنهجة" ضد السودانيين.

الواقعة لم تكن الأولى، التي تنال سخط المجتمع السوداني، حيث أعلن الجيش، على لسان المتحدث الرسمي، مقتل 5 مهاجرين سودانيين غير شرعيين وإصابة 6 آخرين بشمال سيناء أثناء محاولتهم التسلل عبر الحدود المصرية إلى إسرائيل.

وقال المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة، عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إن "قوات من حرس الحدود رصدت مجموعة من المهاجرين غير الشرعيين الذين بادروا بإطلاق النار على قوات للجيش، ما دفع الجنود للرد عليهم".

وأعلنت السفارة السودانية في القاهرة، آنذاك، إرسال "بعثة قنصلية" إلى مدينة العريش لتقصي الأمر حول تلك الحادثة، مؤكدة احتجاجها على ما وصفته بـ"إساءة معاملة السودانيين في مصر".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان