إعلان

حوار- الحماقي: الاعتماد على الجيش في كل أزمة "خطير جدًا".. ومشروع قناة السويس "لم يقدم المُنتظر بعد"

01:26 م الثلاثاء 09 أغسطس 2016

 حوار – أحمد جمعة:

تصوير – نادر نبيل:

رغم تأكيدها على أهمية مشروع قناة السويس الجديدة، إلا أن الدكتورة يُمن الحماقي، رئيس قسم الاقتصاد السابق بجامعة عين شمس، ترى أنها لم "تُقدم المُنتظر منها" بعد مرور عام على افتتاحها للملاحة، ويعزى ذلك لضعف ما وصفته بـ"الإطار المؤسسي لإدارة محور قناة السويس الذي هو أهم من القناة الملاحية".

ووصفت الحماقي في مقابلة مع مصراوي، اعتماد الرئيس عبدالفتاح السيسي، على القوات المسلحة لحل جميع الأزمات التي تواجه الحكومة بأنه "أمر في منتهى الخطورة"، وهذا في قولها يعود لسببين، الأول أن الجيش لن يستطيع القيام بهذا الدور بشكل دائم، والثاني أن إحلال القوات المسلحة بديلا للقطاع الخاص سيُنهي دور القطاع الخاص مستقبلًا.. وإلى نص الحوار.

مصراوي: خلال هذا الأسبوع، بدأت مصر في مفاوضاتها الرسمية مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار.. هل تتوقعين نجاح المفاوضات؟

الحماقي: نعم بدرجة كبيرة، فالمفاوضات بدأت منذ فترة طويلة، وهناك نوع من الاتفاقات المبدئية على خطوط توافق بين الصندوق والخبراء المصريين في الوزرات المعنية وعلى رأسها وزارة المالية، بجانب الحوارات المستمرة على جهود مصر لمواجهة مشكلة العجز في الموازنة العامة للدولة التي تُمثل المشكلة الرئيسية للبلد في هذه الفترة.

وقدمت الحكومة في موازنة عام 2016-2017 -التي أتوقع أن يوافق عليها البرلمان- بديلين أساسيين لعلاج هذا العجز، الأول قانون القيمة المضافة ومتوقع تحقيق 30 مليار جنيه إيرادات، كما ستتبدأ في تفعيل قانون الضريبة العقارية.

هناك قضايا مرتبطة بالإصلاح الضريبي وأتنمى أن تتبناها الحكومة، بجانب تدريب كفاءات ومتابعة أداء داخل الجهاز الضريبي، وهذا لا يتم كما نتمنى كما هوّ الحال داخل كل المؤسسات في مصر، ومن ثم نطالب برفع كفاءة الأجهزة الإدارية في مصر، فمستوى الأداء منخفض للغاية حتى في القطاع الخاص، وهذا يُكلف مصر الكثير من حيث الأداء الاقتصادي.

ما الفائدة المنتظرة من تعديل النظام الضريبي؟

الحديث عن الأداء الضريبي التي هيّ جزء رئيسي من السياسة المالية في مصر ومن أهم أهدافها التشغيل وزيادة معدل نمو الناتج، لكن فالحكومة لم تُشكل المجلس الأعلى للضرائب المنصوص عليه في قانون الضرائب، الذي يحتوي على مجموعة من الخبراء الذين يحددون السياسة المالية وأهدافها.

وهناك تقارير دولية تشير إلى إن مصر من أعلى الدول في الضرائب، ليس كنسبة ولكن لأنهم يدخلون الوقت المطلوب لحساب الضريبة عند المصريين مرتفع جدا، وهذا معناه أن الكفاءة في فرض الضرائب وتحصيلها في مصر منخفضة جدا، وهذا معناه أن الأجهزة والعمالة بحاجة لتدريب ورفع مهارات، وذلك يُبين التكلفة العالية على الاقتصاد المصري نتيجة ضعف الكفاءة في كل مكان، خاصة مناخ الاستثمار.

معنى ذلك أنك توافقين على قانون القيمة المضافة الذي أثار جدلًا خلال الفترة الماضية؟

الموافقة على قانون القيمة المضافة شرط أساسي للحصول على قرض صندوق النقد والبنك الدولي، وأول دفعة من البنك مستحقة ومتوقفة على إقرار القانون، ونفس الأمر لخبراء الصندوق.

كان ليّ تحفظات على قانون القيمة المضافة في الوقت الماضي، لكن الوقت الحالي لا استطيع أن أرفض القانون لأن الوقت ضيق والقيود زيادة، ولابد من تنفيذ القانون بكفاءة، وعلى الجانب الأخر يتم التدقيق في السوق وأسعار السلع، ومبعث تخوفي من تأثيره على ارتفاعات الأسعار وبحاجة للنزول إلى أرض الواقع.

لماذا التخوف من قرض صندوق النقد؟

تخوف طبيعي، لأن كل الناس تعود إلى تاريخ الصندوق وهناك دراسات كثيرة تم تقديمها للاتفاقيات التي حدثت مع صندوق النقد، وأنها دائمًا كانت تسير على الفكر التقليدي في الاقتصاد الحر، وخبراء الصندوق كانوا يتبنون فكرة أن "تحرير الاقتصاد هو الوسيلة الوحيدة لتحسين كفاءة الاقتصاد"، وهذا معناه تحرير سعر الصرف، والخصخصة، وهذه الإجراءات لها انعكاسات مباشرة على الطبقات محدودة الدخل، ومن ثم فمن الطبيعي أن تكون برامج الصندوق تأثيرات سلبية على الفقراء.

الآن الصندوق غيّر توجهاته بعد الكثير من الانتقادات التي تم توجيهها له في مرحلة الثمانينات والتسعينات والدراسات الميدانية التي تمت على الدول الحاصلة على القرض وأظهرت هذه الانعكاسات السلبية على الفئات محدودة الدخل والبطالة.

التوجه الجديد للصندوق عبارة عن فحص الحالة الاقتصادية للبلد في البداية، وكيفية مواجهة عجز الموازنة عبر آليات مُقنعة، وبدأ الصندوق يكون أكثر مرونة ويهتم بالبعد الاجتماعي ويحدث تعاون بين البنك الدولي وصندوق النقد.

مبعث التخوف الثاني يأتي في ظل ارتفاع الدين الخارجي لمصر، والاعتماد على الاقتراض كوسيلة أساسية لعلاج عجز الموازنة.. ما رأيك؟

لابد أن تكون سياسة الاقتراض مصاحبة بسياسة مواجهة أعباء الديون. الاقتراض ليس المشكلة في حد ذاتها، ولكن الأزمة تكمن في القدرة على تحويل هذه المبالغ إلى طاقات إنتاجية، تساهم من خلالها في سداد القرض.

مصر جزئيًا تقوم بهذا الدور ولكن لا يتم بالكفاءة التي نتمنها، لأنك لا ترى جهود حقيقية مرتبطة بالجانب الحقيقي في الاقتصاد، ولا نجد أي جهود مرتبطة بخطة "مصر 2030".

الحكومة بصدد طرح بعض الشركات في البورصة للحصول على القرض.. هل تؤيدين هذا الاتجاه؟

لست ضد هذا الاتجاه، لكنني لا أجد خطة واضحة لاستغلال الأموال التي ستأتي من ورائها، فلابد من معرفة الطريقة التي ستُصرف فيها هذه الأموال المستثمرة ومؤشرات قابلة للمتابعة.

الوضع الاقتصادي الآن مهدد في ظل ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الجنيه.. ما الحلول التي تقترحينها لعلاج أزمة الدولار؟

هناك حل قصير الأجل يشمل؛ عودة تحويلات المصريين من خلال الجهاز المصرفي بكل الطرق الممكنة، ثم إعطاء المصدرين ألية لجذب العملة الصعبة وتشغيلها من خلال الجهاز المصرفي. هم الآن يتعاملون بشكل أكبر مع السوق السوداء، ثم الاهتمام بأفواج سياحية تأتي على وجه السرعة، وتكون غير تقليدية. دعنا من روسيا وأوروبا حتى تتخذ قرارها، هناك الصين التي لا نهتم بها، ولم نستفد من زيارة الرئيس الصيني إلى الأقصر وأسوان حيث حقق دعاية كبيرة هناك ولم نستثمر هذا الحدث، لنتابع تقارير السياحة الوافدة من الصين لن تجد أي اختلاف فيما قبل الزيارة، كذلك لم تستفد من السياحة العربية على الوجه الأمثل.

ثم بعد ذلك ننظر للطاقات التصديرية في الفترة القصيرة، والتي لا تحتاج وقت طويل لكي نُجهزها للتصدير، وتحفيز الطاقات الإنتاجية مع اتحاد الصناعات، لدفع الصادرات أن تتم بأسرع وقت ممكن. وتشمل الفترة المتوسطة، استكمال هذه الطاقات التصديرية، وإنتاج يحل محل الانتاج المستورد.

طويل الأجل، أن تجعل الاقتصاد المصري يتحول إلى اقتصاد انتاجي، يكون هناك مزايا تنافسية للسلع، وتحل محل الواردات وتهتم بالطاقات، خاصة في قطاع التكنولوجيا وتسجيل الملكية الفكرية، والبدء في زيادة المكون المحلي للصناعة كي تكون أكثر تنافسية ويقل الاعتماد على الخارج.

ما تأثير حملات "اشتري المصري" على هذه الطرح؟

حملات اشتري المصري "حرام على اللي بيعهملها"، لو أن هناك مستهلك أمامه سلعتين، الأولى أرخص وأكثر جودة، والثانية أغلى وأقل جودة سيتجه لشراء الأرخص والأفضل حتى لو لم تكن مصرية، تدريس الاقتصاد يقول "المستهلك عاقل رشيد". سبق أن درست الحملات الخارجية التي تحث على شراء المُنتج المحلي وأظهرت فشلها حتى في أمريكا.

رئيس الوزراء دعا إلى وقف ما وصفه بـ"الاستيراد العشوائي" كحل لأزمة الدولار.. هل تتفقين مع ذلك؟ 

111

الحديث عن منع الاستيراد لمواجهة أزمة العملة الأجنبية كلام غير علمي، هناك ما يُسمى سياسة تجارية مرتبطة بالإنتاج، المشكلة أننا لا يوجد لدينا رؤية أو خطة واضحة في مجال الانتاج الصناعي. في الصين وجنوب كوريا قاموا بتشجيع التصدير على مجموعتين من السلع، ومجموعات آخرى للإنتاج المحلي بدلا من الواردات، هذه سياسة واضحة لتغطي على دعم الصناعة والانتاج الحقيقي وهذا لا يحدث في مصر.

ضاحكة: في الحقيقة "هما بهدلوا القطط والكلاب اللي في مصر". وهذه ليست القصة، وهذه الكماليات ليست مؤثرة في الحجم الكلي للاستيراد ولا تتعدى 15% من الواردات إلى مصر.

البعض يتهم شركات ومكاتب الصرافة بأنها السبب الرئيسي للأزمة.. ما تعليقك؟

الصرافة ليست كذلك، لكن أخطر دور تقوم به بعض الشركات هو "المضاربات"، وهذا يتسبب في عدم استقرار سعر الصرف، واعتبرها خيانة للوطن. العلاج: هناك صرامة في التعامل، ولابد من حل المشكلة من الأساس لعدم دفعهم إلى ذلك، ومع الضرب بيد من حديد على هذه الشركات.

ما تقييمك لأداء محافظ البنك المركزي خلال هذه الأزمة؟

محافظ البنك المركزي له نقاط إيجابية كثيرة، لكنه أغضبني عندما يُدلي بحوارات كثيرة لوسائل الإعلام، وهذه التصريحات هيّ السبب في المضاربات، فعندما يُعطي انطباع أنه سيُخفض قيمة الجنيه فأعطى إشارة خضراء للمضاربين للعمل بشكل أوسع، ثم يأتي في الطرح الأسبوعي يُثبت سعر الصرف. "المشكلة إنه بيهزر" ولابد أن يمتنع عن الإدلاء بمثل هذه التصريحات، وتسئ وتضر أكثر مما تنفع.

هل تسبب تدشين عدد من المشروعات القومية في أوقات متقاربة على تفاقم أزمة الدولار؟

جزئيًا هذا الكلام صحيح في أنها ضغطت على الإنفاق، لكن هذه المشاريع مهمة للرؤية المستقبلية، فمثلا قناة السويس مشروع رائع لأنه ربط مصر بسيناء وهذا أهم شئ، وبالتالي البدء في استغلال الثروات الموجودة فيها، وكذلك فالمشروع القومي للطرق هام جدا هوّ الآخر لربط حركة التجارة والاستثمار في مصر.

لكن على صناع السياسات الاقتصادية أن يدققوا في هذه النقطة، بأن يحاولوا زيادة الشركات الصغيرة بالتعاون مع الشركات الكبرى لكي تحقق التوازن، وزيادة القيمة المضافة بدلا من الاعتماد الكلي على الواردات، وهذا أدى إلى زيادة الأثر السلبي لهذا التوجه.

هل نحن بحاجة لاستكمال مشروع العاصمة الإدارية الجديدة؟

بالطبع نعم.

رغم الأزمة الحالية؟

الحكومة لا تصرف على العاصمة الإدارية "ولا مليم"، وكنت ضدها في البداية عندما وجدت في الميزانية 2 مليار تم تخصيصهم لهذا المشروع، ثم تم إلغاء هذا البند بعد ذلك.

لكن البعض لا زال ينتقد تنفيذ مشروع قناة السويس الجديدة؟

قناة السويس الجديدة مشروع رائع، ولكن روعته مرتبطة باستغلال محور القناة، وليس فقط القناة المائية، والحقيقة أرى الجزء السلبي في هذا المشروع أن الإطار المؤسسي الذي يُحرك هذه النقطة ويرأسه الدكتور أحمد درويش ليس بالقوة الكافية ولم يهتموا بتحريك حقيقي في هذا الإطار، وعليهم بناء إطار مؤسسي قوي لتحقيق الأهداف الطموحة للمشروع، للتسويق ومتابعة الاستثمارات.

أن يمر عام ويكون هذا هو حجم الإنجاز فهذا غير جيد، كنت أرى أنه لابد أن يكون الإنجاز أكثر من ذلك، والسبب الرئيسي لذلك عدم وجود إطار مؤسسي قوي لتسريع عمليات الاستفادة من المشروع.

كيف تُقيمين تصريحات الرئيس السيسي عن أزمة الدولار خلال لقائه بعدد من أعضاء البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب؟

تصريحات الرئيس تدل على أنه متابع عن كثب للقضية الحالية، ثم يتخذ خطوات جادة للإصلاح ولا يمكن أن يقول هذا الكلام بدون أن يكون له هدف من ورائها. أتصور أن أساس هذه الخطوات أن يكون هناك ضخ للدولارات في الجهاز المصرفي، لأنها الوسيلة الوحيدة لخفض السعر.

في الأزمات الأخيرة خاصة الاقتصادية يطالب الرئيس القوات المسلحة بالتدخل.. هل بات الجيش الملاذ الوحيد للأزمات الاقتصادية؟

اللواء كامل الوزير

للأسف الشديد الرئيس يبحث عن الإنجاز، ومن يحقق ذلك القوات المسلحة، وهذه هيّ المعضلة التي نعيش فيها، لكنه في النهاية هوّ موقف في منتهى الخطورة، لأن ما يحدث أن إحلال القوات المسلحة بديلا للقطاع الخاص سيُنهي دور القطاع الخاص مستقبلًا، ثم إن الجيش لن يستطيع القيام بهذا الدور بشكل دائم، ومن ثم فلابد للتغيير.

والرئيس أشار في حديث سابق عن هذا التخوف وقال إن العمليات التي تأخذها الهيئة الهندسية تتعاون فيها مع القطاع الخاص، وهناك زيادة لاستيعاب القطاع الخاص، وبالتالي فنحن بحاجة لمتابعة هذه القضية ومعرفة تأثيرها على الاقتصاد، وهل سيشجع القطاع الخاص أم يؤثر عليه سلبًا؟ ولابد من طرح هذا التساؤل بمنتهى الشفافية، ونعالج التأثيرات السلبية ونستفيد بالنتائج الإيجابية.

في النهاية.. ما تقييمك للمجموعة الاقتصادية؟

المجموعة الاقتصادية ليست كما ينبغي، ولا توجد لديها رؤية واضحة، ولا يوجد لديها تحرك لتجنب الأزمات، فنحن ننتظر حتى تحدث الأزمة ثم نحاول علاجها، وأسلوب رد الفعل "خسرنا كتير".

 

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان