الهجرة "غير الشرعية".. حلم الوصول إلى "كنوز المهجر" يتلاشى بين الأمواج - ( تقرير)
كتبت – نورا ممدوح:
أثار حادث غرق مركب صيد بالبحر الأبيض المتوسط يحمل على متنه ما لا يقل عن 600 مهاجرًا غير شرعيًا، فزع ورعب المئات من الأهالي الذين قرووا تسفير ابنائهم إلى بلاد المهجر بطرق غير شرعية، حيث هرول كل أب وأم مكلومين إلى شاطئ رشيد بمحافظة البحيرة على أمل أن يجدوا جثمان ولدهم غريقًا قبل أن تبتلعه أعماق البحر.
لا تعد هذه هي الحادثة الأولى التي يروح ضحيتها المئات من الشباب والأطفال القصر، بسبب "تجار الموت" الذين يقنعونهم بتحقيق حلم السفر إلى الخارج، وما ينتظرهم من "كنوز المهجر"، دون أن يخطر على بال أحدهم أن حلمه سيتحطم في أعماق البحار.
حاول "مصراوي" رصد أهم الأسباب التي تدفع الشباب إلى التفكير في الهجرة بطرق غير شرعية، والحلول والمقترحات للحد من هذه الظاهرة .
أرقام غير دقيقة
قالت السفيرة نائلة جبر، رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية، إن الأرقام حول المهاجرين غير الشرعيين غير دقيقة لأنه لا يتم العثور على كل الضحايا الذين يبتلعهم البحر، كما أنه يصعب معرفه عدد من كانوا على مراكب الصيد التي يتم تسفير الشباب عليها لأن الأعداد تكون غير موثقة، وما يتم الإعلان عنه هو ما يستطيع حرس الحدود العثور عليهم لأن الموضوع يعتمد على التقديرات.
وأوضحت جبر، في تصريح لمصراوي، أنه تم إجراء دراسة لأهم المحافظات والقرى المُصدرة للشباب في الهجرة غير الشرعية في مصر سواء قبلي وبحري، وتظهرالدراسة الفئة العمرية والتعليمية والثقافية والاجتماعية للمهاجرين، مؤكدة أن الشق الاقتصادي يكون هو أبرز الدوافع التي تجعلهم يفكرون في الهجرة بهذه الطريقة، رغبة منهم في معيشة أفضل، قائلة "لكنهم ليسوا أكثر الفئات فقرًا، لأنهم يدفعون مبالغ حتى يتمكنوا من السفر تصل إلى 50 ألف جنيه".
وأشارت إلى أن النمط الثقافي، وتمسك بعض الشباب بفكرة الوظيفة الحكومية هو ما يجعلهم يفكرون في السفر للخارج، بالإضافة إلى عدم تناسب شهاداتهم التعليمية مع الوظائف المتاحة، كما أنها تكون أقل من مستوى شهادتهم، ولكن السبب الأساسي هو تحسين الوضع المادي والاجتماعي.
وفي محاولة للحد من الظاهرة، قالت إن اللجنة عملت على العديد من الأوجه من بينا إصدار قانون الهجرة غير الشرعية، بحيث يكون هناك تشريع لمعاقبة هؤلاء المجرمين الذين يتسببون في مقتل الشباب و الأطفال، مشيراة إلى أنه يتم إلقاء القبض عليهم ثم إخلاء سبيلهم بعد أيام قليلة؛ لأنه لا يوجد قانون لمعاقبتهم، وهو ما اعتبرته رئيسة اللجنة الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية "كارثة".
وتابعت "ومن بين الأوجه التي يتم العمل عليها هي التوعية من خلال حملة "ملكش حق تفقد الأمل في بلدك ولا المستقبل وملكش حق ترمى اولادك في التهلكة "، لافتة إلى تدشين حملة أخرى وهي "مصر مستقبلك" يتم خلالها طرح بدائل للشباب عن الهجرة غير الشرعية، من بينها الصندوق الاجتماعي ومبادرات التوظيف، بالإضافة إلى الجانب التنموي الذي سيعتبر مسئولية الحكومة من خلال عمل مشروعات لتوظيف الشباب.
وأضافت أنه يتم العمل الآن أيضًا على الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية بمشاركة 18 وزارة معنية، وسيتم الإعلان عنها قريبًا، مؤكدة "احنا بنحترم ظروف الشباب وغضبهم وتطلعهم لحياة أفضل، ولكن لن نتركهم يلقون بأنفسهم في التهلكة".
ووجهت جبر رسالة إلى رجال الأعمال، بالوقوف بجانب الشباب وإنقاذهم من الإلقاء بأنفسهم في البحر، من خلال عمل مشروعات ومبادرات لتوظيفهم، مؤكدة أن مجتمع الأعمال مجتمع وطني ومسئول ويستطيع المساهمة بشكل فعال في حل هذه الأزمة.
وأعربت السفيرة نبيلة مكرم وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج عن أسفها وحزنها الشديد وخالص تعازيها لأسر ضحايا حادث الهجرة غير الشرعية الذين فقدوا حياتهم بعد غرق مركب رشيد.
وأكدت مكرم، في تصريح لـ"مصراوي"، أن ظاهرة الهجرة غير الشرعية تتطلب تضافر الجهود الدولية مع الجهود المحلية الحكومية؛ لتحقيق حل جذري لهذه الأزمة، مشيرة إلى أن الحل الوحيد هو تنفيذ مشروعات تنموية للشباب في المحافظات المصدرة للمهاجرين، خاصة بعد تزايد الظاهرة وانتقالها للأطفال والفتيات، وهو مايضاعف المخاطر التي يتعرض لها المهاجر بصورة غير شرعية.
وقالت مكرم، إن الوزارة تسعى للتعاون مع منظمة الهجرة الدولية؛ لتنظيم برامج تدريبية للشباب الراغبين في العمل بالخارج، وتوفير فرص عمل منظمة تحفظ لهم حقوقهم.
ووجهت دعوة إلى رجال الأعمال المصريين بالخارج لرعاية مشروعات تنموية في محافظاتهم التي نشأوا فيها للمساهمة في إنقاذ أهلهم ممن وصفتهم بتجار الموت.
دراسة علمية
قال محمد الريان، الأمين العام لاتحاد المصريين العاملين بالخارج، إن ظاهرة الهجرة غير الشرعية، ترجع لسببين أولهما هي الحاجة الماسة للسفر لقضاء الاحتياجات الأساسية للشباب ومن بينها الزواج وإعانة الأسر؛ بالإضافة إلى أن الشاب يجد نفسه بعد التخرج ولم يحقق شئ يُذكر وهو ما يدفعه للتفكير في السفر.
وأضاف الريان في تصريح خاص لـ"مصراوي"، أن السبب الثاني لظاهرة الهجرة غير الشرعية هو أن الدولة ليس لديها دراسة فنية تقدمها للشباب عن الوظائف المتاحة والمعاير الفنية والعلمية التي يحتاجها الشباب لتحقيق حلم السفر للخارج بطريقة مشروعة تخدم المواطن والوطن وتخدم الدولة التي يرغب الشاب في السفر إليها.
وأوضح أن من بين المجالات المطلوبة في العالم المتقدم ودول الخارج هي المهن الفنية والصناعية والتكنولوجية، مؤكدًا أنه حتى تلك اللحظة يحاول اتحاد العاملين المصريين بالخارج بالتنسيق مع الوزارات المعنية وعمل دراسة متقدمة للأعمال المطلوبة خلال العشرين عام القادمة .
وأشار إلى أنهم حصلوا على وعود كثيرة من الوزارات المعنية مثل الخارجية والداخلية والاستثمار و التعاون الدولي، إلا أنه حتى الآن لم يتم إنجاز تلك الدراسة لتعميمها على المحافظات المُصدرة للعمالة بينها الفيوم والمنصورة وكفر الشيخ والمنيا وسوهاج وقنا و تحقيق حلم الشباب.
وناشد الاتحاد الشباب بضرورة التواصل معه لتبصيره بالسفر الآمن عن طريق القنوات الشرعية والقانونية، مطالبًا الجهات المعنية بضرورة إنجاز الدراسة العلمية المتميزة لتوعية الشباب بالعمالة المطلوبة والدول التي تستقطبهم، وإعداد الشباب طبقًا لمعايير هذه الدول.
فيديو قد يعجبك: