لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

كيف يقاتل "داعش" الجيش والشرطة في سيناء؟.. استراتيجية التمويه والأرض المحروقة (2)

06:40 م الجمعة 23 سبتمبر 2016

وتتنوع أساليب داعش القتالية في الهجوم والدفاع

إعداد - محمود أحمد:

ثياب سوداء أو مموها، أوجه لا يظهر منها سوى عينين، أجسام طويلة مفتولة، صور متحركة تكشف عن "رتل"، أو أشخاص منفردين يسرعون في السير من الشمال إلى اليمين، قتالهم دموي أشبه بحرب العصابات، يتباهون بقطع الرؤوس أو حرق الأبدان.. تلك صفاتهم التي روجوا لها بصورٍ متعددة، لكنها ليست أساليبهم في القتال.

تتنوع أساليب تنظيم الدولة "داعش" في الهجوم والدفاع منذ أعلن عن دولته في 2014 بسوريا والعراق حتى الآن، وحرص على نقل تلك الأساليب إلى الأماكن التي يوجد فيها عناصره، وهو ما استنسخه الإرهابيون في سيناء "تنظيم أنصار بيت المقدس"، في هجماتهم ضد قوات الجيش والشرطة المصرية.

الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية عمرو عبدالمنعم، يقول في دراسته التي أعدها واختص بها "مصراوي"، أن أساليب تنظيم الدولة "داعش"، والاستراتيجيات القتالية التي يستخدمها في معركه بسوريا والعراق، هي نفسها التي نقلها إلى سيناء لتنفيذ عملياته العدائية ضد قوات الجيش والشرطة، وهو ما نوضحه في الحلقة الثانية من ملفنا "كيف يقاتل داعش في سيناء؟".

استراتيجية الأرض المحروقة

يتبع عناصر التنظيم نهج وسياسة "الأرض المحروقة"، وذلك في النقاط والأماكن الاستراتيجية التي تهمهم ويعتبرونها مركزًا للمنطقة المستهدفة، وبسقوطها تنهار باقي نقاط أعدائهم، حيث يركزون الكثافة النارية (مدافع ورشاشات ثقيلة) على نقطة واحدة وهذه النقطة تكون المفصل الذي إذا سقط تنتهي المنطقة بأكملها.

وتساعدهم سياسة الحرب النفسية والإعلامية بشكل كبير، حيث يعتمدون علي تدمير نفسية المواجه لهم فيوثر ذلك في معنويات العسكريين من المخالفين لهم، وهذا الأسلوب يعتبره كثير من المنظرين العسكريين كافٍ لتحقيق النصر بل هو النصر، حيث يقومون بخرق الترددات وبث الشائعات والفتن ويقذفون بالشبه ويشككون المقاتلين بمشروعية قتالهم ويهددون ويتوعدون بقطع الرؤوس والتمثيل بالجثث، وينادون أنهم سيفعلون وسيعملون ويقومون أيضًا بالتمثيل بالجثث وقطع الرؤوس ويحملون هذه الرؤوس المقطوعة ويرمونها أمام أعدائهم وغير ذلك من أساليب الجرام الرخيصة.

وقبل الاقتحام يقومون ببث الشائعات والأكاذيب، ويوهمون أعدائهم أنهم يريدون ضرب منطقة ما، وهم بالحقيقة يريدون ضرب منطقة أخرى، كنوع من أنواع التمويه، ولا يظهرون أي تحرك في المنطقة المراد ضربها، بينما المنطقة التي يريدون لفت الانتباه إليها يظهرون فيها حركة مستمرة، وهو ما يُظهر للمدافع والمرابط أنهم سيقتحمون من هذا المحور - وعلى سبيل المثال -: "يقومون بتحريك 20 أو 30 سيارة دون ضوء إلي نقطة ما، وعندما تستعد وتحشد فيها يضربونك من نقطة أخرى وأحيانا يحتالون بضرب نفس النقطة التي يحتشدون فيها وهذه الحالة يكون لديهم جواسيس يخبرونهم بكشف خطتهم فيلجؤون للخطة البديلة".

يقول الباحث، إن الموت بقطع الرأس لا يُعذب الضحية أبدًا والعملية لا تدوم أكثر من ثوانٍ وينقطع الإحساس مباشرة ولا يشعر الضحية بشيء، مما يؤكد أن الشهيد لا يشعر إلا بقرصة وقول النبي صلى الله عليه وسلم عن الذي يقتله الخوارج، "إنه هو خير الشهداء"، فهذه الأمور كافية للثبات وعدم الخوف من هذه الأساليب البربرية الخبيثة، وبكل حال يجب عدم الاستسلام لهم والحرص على عدم الوقوع بالأسر إلا عند العجز، و"الشاة لا يضرها سلخها بعد ذبحها".

أساليب التجسس

يعتمدون على التجسس واختًراق الترددات (اللاسلكي)، وفي أثناء المعركة يقومون بالتشويش ويهددون ويقولون عباراتهم المعروفة: "جئناكم بالذبح"، و"سنأكل من أشلائكم وغيرها"، وعندما يأسرون أحد يجعلونه يتكلم على "القبضة" من أجل تدمير نفسيات المدافعين، وكشفت كثير من عمليات التنظيم، أن الذي يتكلم ويتوعد يجلس على بعد عدة كيلو مترات من الجبهة لذلك يجب أن يكون هناك ترددات خاصة بالمعركة وترددات بديلة لأنهم يملكون غرفة خاصة وفريق خاص مكلف بكشف الترددات والتشويش عليها.

ويستخدم عناصر "داعش"، الأجهزة اللاسلكية التي يمتلكونها في سوريا من نوع hytr ديجيتال بحسب أحد قياداته مجاهد حزراوي حيث يقول: "في كثير من المعارك في دير الزور كانوا يخترقون الترددات وُيعطون التعليمات لجنودنا؛ فأذكر في إحدى المعارك اخترقوا التردد وقالوا: "انسحاب انسحاب"، فانسحب الشباب ظانين أنها تعليمات من العسكري أو من الأمير، وسقطت المنطقة".

ولدى التنظيم إمكانيات كبيرة في زرع الجواسيس المأجورين بين صفوف أعدائهم من أجل معرفة كل الأخبار والمعلومات وما يحدث في الطرف الآخر، وهو ما يسهل بشكل كبير تنفيذ عملياتهم وتحديد أوقات غاراتهم وكشف خطة المجاهدين بحال أرادوا تنفيذ عملية ما، وأحيانا يقومون بوضع خلايا نائمة يستخدمونها بالوقت المناسب لضرب هؤلاء من الخلف أو لتسليم منطقة ما، وعلاج هذا الأمر يكون بإنشاء رقابة داخلية داخل الكتائب ومراقبة عناصرهم ومعاقبة من يغدر منهم وجعله عبرة لغيره وكل من يشك به يجب نقله إلى خطوط قتال النظام السوري العسكري.

هؤلاء الجواسيس دورهم كبير في إثارة الفتن بين الفصائل والكتائب المقاتلة ويبثوا الإشاعات لتفرقة الجماعات وزرع الخلاف بينها، وهو ما حدث في العراق وبلاد الشام.

الإنغماسيون

ويلجأ التنظيم للاقتحامات الصعبةً علىً مجموعةً من عدة أفردا يرتدون أحزمة وسترات ناسفة ويحملون عدد كبير من القنابل والمخازن يسمون "الإنغماسيين" وهم مجموعة من الانتحاريين ولديهم جرأة كبيرة، حيث ينغمسون داخل صفوف أعدائهم وذلك لتدمير الخطوط الدفاعية من الداخل إضافة للعامل النفسي حيث أنهم يقتحمون بجرأة ويفجرون أنفسهم بحال اقترابهم والتحامهم ممن يطلقون عليه "عدوهم" أو في حال محاصرتهم ونفاذ ذخيرتهم.

"أحد الإنغماسيين تم قتله في إحدى معارك دير الزور وجد معه 24 قنبلة يدوية"، يشدد الباحث على أهمية عمل حساب لهؤلاء قبل أية معركة وإيجاد الحل المناسب والذي يتم تحديده من طبيعة الأرض، حيث يجب معرفة أن هذا الانتحاري لا يعرف الأرض ويمكن وضع كمين ينتظره أو تجهيز مجموعة للتصدي لهم.

ويقسم عناصر التنظيم، المنطقةً التي يريدون الهجوم عليها إلى قطاعات (مناطقً عسكرية) وكل قائد قطاع يعمل بمفرده ولديه مخصصات مستقلة عن القطاعات الأخرى أي لا يعتمدون على المركزية في القيادة العسكرية وذلك فقط عند اتساع الرقعة الجغرافية لأرض المعركة.

هجوم الاثنين والخميس

استراتيجيتهم متغيرة بشكل مستمر ولا يتبعون نفس الأساليب القديمة التي استخدموها في المنطقة نفسها ويعتمدون على الخداع والغدر حيث لا أمان لهم، ويعتقدون أن المرتد لا أمان له،.

كما أن لديهم نقطة ضعف بنظرنا ونقطة قوة بنظرهم، حيث أنه من الملاحظ أن معظم اقتحاماتهم تكون يومي الاثنين والخميس، أي يوم الأحد ليلة الأثنين ويوم الأربعاء ليلة الخميس، لما في يومي الأثنين والخميس من فضل وأن الأعمال ترفع فيها.

ويعتمدون في الهجوم على الأسلحةً النوعية وأسلحة الرشاشات الخفيفة وذلك لتسهيل عملياتهم فمعظم الأسلحة عند فرق الاقتحام لديهم هي الـ "بي كي سي" والقناصة و الكلاشينكوف وقاذف الأر بي جي، لذلك قامت "القاعدة" وبعض فصائل المقاومة السورية برصد هذه الأسلحة التي تصدر لهب أثناء استخدامها وتكشف مكان الرامي وتم وضع عناصر مهمتهم الرد على مصادر اللهب المنبعث.


اقرأ الحلقة الأولى:

كيف يقاتل داعش الجيش والشرطة في سيناء؟.. ''استراتيجية الرتل المتحرك'' (1)

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان