الرسامة دعاء العدل: نعاني أزمة في مساحة الحرية بالكاريكاتير السياسي - (حوار)
حوار- نسمة فرج:
خلال العشر سنوات الماضية، استطاعت من خلال جرأتها في طرح القضايا أن تحفر اسمها بين رسامي الكاريكاتير في مصر، وتصبح ندا لهم ومنافسًا شرسًا في مجال يندر فيها الجنس الناعم.
بدأت دعاء العدل رسامة الكاريكاتير، العمل في بلاط صاحبة الجلالة عام 2005 مع بدايات جريدة الدستور، وحصلت على عدة جوائز، منها جائزة محلية من نقابة الصحفيين بمصر عن أفضل رسم كاريكاتوري، وجائزة فن السخرية السياسية من إيطاليا، وجائزة معرض سان جوست بفرنسا عن مجمل الأعمال، بجانب شهادة تقدير وعضوية شرفية من منظمة الفيكو لرسامي الكاريكاتير فرع فرنسا، ووسام مناهضة العنف ضد المرأة من مركز وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية ACT.
تحدثت دعاء عن عملها في مجال الكاريكاتير رغم ندرة العاملات به، وكيف كانت المنافسة بينها وبين زملائها وعن أزمة حرية الكاريكاتير الحالية.. وإلى نص الحوار.
كيف ومتى بدأتي التفكير في احتراف فن الكاريكاتير؟
عملت كمهندسة ديكور ومصممة جرافيك قبل أن احترف رسم الكاريكاتير. إذا كان للإنسان موهبة ما في أي مجال وتجاهلها فهو أمر محزن من وجهة نظري، لذلك كان لدي الشغف برسم الكاريكاتير، لكنني واجهت أزمة عدم توفر فرصة لنشر هذه الأعمال، وظلت رسوماتي حبسية أدراج المكتب عدة سنوات، وكانت أول رسم كاريكاتيوري نشرت لي على مدونة "بنت مصرية". حينها وجدت تفاعلا مع متابعي المدونة وبعد عدة سنوات قابلت عمرو سليم وانضممت لكتيبة رسامي جريدة الدستور الأصلية إبان تولي إبراهيم عيسى رئاسة تحريرها.
ماذا أضافت لك تجربة الدستور بكل عنفوانها في هذا الوقت؟
كانت تجربة غنية؛ الرسم وسط 6 رسامين محترفين لكل منهم أسلوبه الخاص، وكانت الكتيبة مكونة من عمرو سليم ووليد طاهر وهاني شمس ومخلوف وعبد الله وقنديل.
هل واجهتك مشاكل في بداية عملك باعتبارك امرأة؟
نعم.. واجهتني صعوبات في البداية، حيث لم يكن مألوفًا أن تكون هناك رسامة كاريكاتير في هذا المجال. كان زملائي من جيلي ينظرون لي بشك وانها مسألة وقت وأترك المجال كفتيات حاولن من قبل ولم يستطعن الاستمرار، ولكن كان لديّ الشغف والحب لما أفعل، واعتقد أنه بعد مرور 10 سنوات من دخولي المجال استطعت أن أفعل شيئا ما.
ما تقيمك لتجربة رسامات الكاريكاتير في مصر؟
أجد أنه من التسرع الحكم الآن. هناك محاولات لرسامات حاليا يحتجن بعض الوقت لنرى نتائج، وانتظر أن أرى رسامات كاريكاتير قادرات على المنافسة ولهن وعى بدورهن، ولكن أكثر ما يشعرني بالضيق أحيانا أن أرى رسامات يتبنين نفس النظرة الذكورية لبعض رسامي الكاريكاتير الرجال، مثلًا أجد رسوم مازالت تسخر من المرأة البدينة أو الحماة وهي تيمات انتهى زمانها، وفي نفس الوقت أجد بعض زملائي الرجال يدافعون عن حقوق المرأة وهذا هو تناقض مدهش.
في رأيك.. ما سبب ندرة الرسامات العاملات بفن الكاريكاتير؟
أتمنى أن يأتي وقت لايسألني أحد هذا السؤال، فحقا لا توجد إجابة واضحة، فقد سافرت عدة دول أوروبية ووجدت أن لديهم ندرة أيضًا وربما في العالم العربي أكثر ندرة لأن المرأة في الشرق مُحملة بأعباء أكثر؛ وذلك بسبب نتاج ظروف اقتصادية وموروثات اجتماعية، ولكن تظل الرسامات في العالم أقل عددًا من الرجال خاصة في مجال الكاريكاتير السياسي.
ما الفارق بين القارئ المصري ونظيره الأجنبي في تناولهما للكاريكاتير؟
القارئ المصري مازال يبحث عن التعليق أو "الإفيه" في الكاريكاتير، أما القارئ الأوروبي يهتم به بصريا ولا يكترث للتعليق، ولكن مع ذلك الكثير من الرسوم التي لاقت تفاعلا في مصر كانت بدون تعليق، ولذلك أنا لا اتعمد كتابة تعليق فقط إن كانت له ضرورة فنية تكمل العمل.
ما أبرز الاختلافات بين رؤية فنان الكاريكاتير سواء رجل وامرأة؟
في قضايا الوطن، لا يوجد فرق، المرأة مواطنة كالرجل تتأثر بكل القرارات التي يتخذها السياسيين في الغرف المغلقة، ولكن في القضايا التي تخص المرأة، الأمر يختلف فإن كانت تمتلك وعيًا بدورها ستكون أكثر تعبيرًا عن قيمتها ومشكلاتها وسترسم عن التحرش والعنف الأسري والختان بروح مختلفة عن الرجل، وهذا لا يمنع من أن هناك زملاء رجال يرسمون دفاعًا عن حقوق المرأة وهو تحول مُدهش لم يكن موجود في أجيالٍ سابقة.
هل اختلف التنافس مع غيرك من الرسامين عن ذي قبل؟
ربما كان التنافس فيما ما مضى شرسًا ولكن بهدوء غير مُعلن، ولكن حاليًا هم أصدقائي واعتز جدًا بعملي معهم، ولقد زالت تلك النظرة وأصبح الاحترام والتقدير متبادلًا.
كيف تُقيمين وضع المرأة بعد ثورة 25 يناير 2011؟
ما تعلمته منذ ثورة يناير وحتى الآن هو أن الرؤوس تتغير وتظل الأنظمة، ويبدو أنها لعبة الأنظمة في العالم كله، حتى في الدول التي تدعي الديموقراطية.
على سبيل المثل أوباما عندما أتى لأول مرة، وعد بإغلاق مُعتقل جوانتانامو وتحديد بيع وتداول السلاح، وحاليا أخر ما صرح به أنه يتمنى أن يُغلق معتقل جوانتانامو يوما ما ! هكذا هي اللعبة؛ امنح الشعوب وجها جديدا لكن النظام مستمر، ولذلك أعود لنفس النقطة فما زالت المرأة تكافح للحصول على حقوقها، ومع زيادة العبء الاقتصادي ستزيد مشكلاتها بالضرورة.
كيف تري مساحة الحرية لفن الكاريكاتير حاليًا؟
هناك أزمة في الحريات عمومًا لاسيما لفن الكاريكاتير، وأيضًا حرية تدوال المعلومات، وخاصة الكاريكاتير السياسي، لاني لا استطيع أن أرسم وأنا استند على شائعة أو معلومات منقوصة. وفي الفترة الحالية هناك أزمة في الشفافية ووضوح القرارات من الدولة، وهو خطأ يترك الناس ضحية للشائعات، ويضع الرسام في موقف صعب.
هل هناك ما يسمي بالمساحة الأمنة للسخرية؟
كلما تقبل المجتمع الاختلاف والتنوع وتقبلت الدولة النقد كلما زادت المساحة الأمنة للسخرية والعكس.
هل سبق وأن منعت رسوماتك من النشر؟
لم يمنع لي أي رسمة بجريدة المصري اليوم وهو شىء محمود بالطبع، ولكن أشكال الرقابة على الفكر وحدود السخرية اختلفت، فعندما أرى تعليقات تحمل سبابًا أحيانًا على كاريكاتير اعتبر أنه نوع من الإرهاب الفكري للرسام أو كاتب المقال وهي ظاهرة أصبحت منتشرة للأسف.
فيديو قد يعجبك: