وحيد سعودي: هذا تفسيرنا لاختلاف المناخ في مصر.. و"التكييفات" تُزيد حرارة الجو – (حوار)
حوار- ندى الخولي:
تصوير- علاء أحمد:
مع استمرار انخفاض درجات حرارة الجو، وتلاحق موجات البرد أسبوعًا تلو الآخر، كانت الحاجة لإجراء حوار مع وحيد سعودي، مدير عام إدارة التحاليل الجوية بالهيئة العامة للأرصاد الجوية، ليقدم معلومات تفصيلية عن شتاء هذا العام، وعن كيفية قياس درجات الحرارة، والفرق بين درجات الحرارة المعلنة، والتي يشعر بها الإنسان فعليًا والتي غالبًا ما تكون منخفضة عن المعلنة.. وإلى نص الحوار.
بداية.. اطلعنا على حالة الطقس خلال العشرة أيام المقبلة، وما إذا كان هناك تحسنا في حالة الجو؟
سيكون هناك تحسنا تدريجياً ونسبياً يبدأ من غدا الثلاثاء، وسيكون الجو معتدل فقط على بعض المحافظات مثل محافظات الصعيد وجنوب سيناء.
الفترة القادمة سيكون الجو مائل للبرودة. و"مائل للبرودة" نقصد بها في لغة الأرصاد، أن هناك تحسنا نسبيا وارتفاعا طفيفا في درجات الحرارة، كما أنه اعتبارا من غد الثلاثاء، ستزيد الرطوبة قليلا مما يمنح إحساسا بالدفئ في الشتاء، على عكس رطوبة الصيف التي تمنح إحساسا بالتعرق.
وكان هناك أمطار غزيرة في الإسكندرية ومطروح، وإضراب في أحوال الملاحة البحرية وإغلاق بعض الموانئ، كل ذلك سيشهد تحسنا خلال الفترة القادمة.
كما أن هناك ظاهرة جوية ستبدأ اعتبارا من غد على بعض المحافظات، وهي الشبورة المائية التي نعتبرها سلاح ذو حدين؛ فبالرغم من أنها تؤدي لانخفاض الرؤية، لكن بلغة الأرصاد تعني مؤشرا للاستقرار والتحسن المتوقع في الأحوال الجوية.
ماذا عن فصل الشتاء هذا العام، وهل كان متوقعا أن يكون بهذه الدرجة من البرودة؟
لا يوجد دولة في العالم ممكن أن تتنبأ بفصل كامل، ولا يمكن تحديد كميات الأمطار ولا درجات الحرارة، أقصى مدة لا تزيد عن 10 أيام بدقة تصل لـ98%، أما فيما عدا ذلك فالأرقام والتقارير لا ترقى دقتها لأكثر من 27%.
النشرات والتقارير اليومية أو التي تعبر عن حالة الطقس خلال 10 أيام على الأكثر تتحكم في كافة مرافق الدولة وقد تتسبب في خطورة بالغة نتيجة عدم دقتها، لذلك لا بد من التنبؤ يومًا بيوم، ومن المصادر الموثوق فيها على أساس علمي وتقنيات حديثة، من خلال الاعتماد على الراصد والاخصائي الجوي لتحليل المعلومات.
ما الفرق ما بين درجات الحرارة المتوقعة، وتلك التي تعبر عن إحساس المواطنين الفعلي بها؟
درجة الحرارة الفعلية التي يتم توقعها سواء العظمى أو الصغرى، يتم قياسها وفقا لشروط دولية متفق عليها، بمعنى أن كل بلدان العالم تسير عليها، وهي أن عملية قياس درجة الحرارة يتم داخل "كشك" خشب ذو فتحات مثل "الشيش" على ارتفاع متر ونصف من سطح الأرض، الأرض لا بد أن تكون مزروعة بالحشيش على مساحة كيلو متر مربع؛ لقياس درجة حرارة الهواء الذي نستنشقه ونعيش فيه.
إذًا قياس درجة الحرارة التي نعلن عنها، تتم في الظل. إذ لم أقسها بتلك الطريقة المتبعة عالمياً، سيختلف القياس، وهذا يتوقف على سرعة الرياح واتجاهها ونسبة الرطوبة في الأرض والطبيعة الجغرافية للمكان، أسفلت أو مزروع أو مسطح مائي أو صحراوي، والزمن الذي أقف فيه تحت أشعة الشمس، وباختلاف تلك العوامل تختلف درجة الحرارة التي نشعر بها.
والرصد الجوي يقاس على رأس كل ساعة لقياس درجة الحراة الصغرى والعظمى، وهذا أيضا ما يحدث الفرق بين درجة الحرارة المتوقعة وتلك التي نشعر بها.
ما تفسيرك لاختلاف المناخ في مصر بشكل عام؟
كل فصل له بداية جغرافية وبداية مناخية، البداية الجغرافية العالم كله متفق عليها. لكن البداية المناخية ممكن تسبق البداية الجغرافية 10 أو 15 يوما أو تتأخر بنفس النسبة. وهو ما يوحي للناس أن السنة الماضية ليست كهذا العام.
فضلا عن وجود تغيرات مناخية عالمية وهي حديث الساعة، تعقد لها المؤتمرات على أعلى مستوى بين دول العالم كافة.
هناك إهمال كبير في التعامل مع الغلاف الجوي، وعلى رأس الدول التي تتعامل بإهمال وفوضى عالية جدا هي الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين والهند وهي الدول الصناعية الكبرى والدول الأوروبية.
في آخر مؤتمر للتغيرات المناخية أعلنت الصين أنها لن توافق على القرارات قالت: "لن أستطيع أن أحد من الملوثات وغازات ثاني أكسيد الكربون قبل ثلاثين عاما" موعد انتهاء تعاقداتها الصناعية.
لذلك هناك بعض الدول الغنية مثل أمريكا وإنجلترا، تلجأ لشراء حصة نسبة الملوثات المسموح بها لأي دولة من الدول التي ليس صناعة ولكن لها رصيد مسموح به من حيث نسبة الملوثات المسموح بها عالمياً.
في مصر، بدأنا خطوات إيجابية للحد من الملوثات، على رأسها المدن الجديدة التي تنتشر بها نسبة المساحات الخضراء حيث يوازن النبات المناخ بعملية التمثيل الضوئي.
التوسع الأفقي وليس الرأسي في المدن السكنية الجديدة التي لا تزيد فيها الارتفاعات عن 5 طوابق، أيضا عامل مهم في الحد من ارتفاع درجات الحرارة، بدلًا من الصناديق الخرسانية العالية المنتشرة في القاهرة والجيزة ومعظم المدن.
هل زيادة التكييفات داخل البيوت ساهم في ارتفاع درجة حرارة الجوب الفعل كما يقال؟
بالفعل. الطاقة لا تستنفذ ولا تستحدث من العدم، فمثلما هناك هواء بارد داخل، هناك هواء ساخن متصاعد، إلى جانب عوادم المصانع والسيارات التي تساهم في ارتفاع درجة حرارة الجو.
ولا بد من الاستعانة بالأرصاد في الإنشاءات، فاتجاهات البنايات وأماكن المناور ومعايير اختيار موقع المطبخ مرتبط بالأرصاد، كل البيوت حاليا مركبة "شفاطات" لأن المطبخ ليس في المكان الصح.
ماذا عن عمل الهيئة وإدارة التحاليل؟
مركز التحاليل، هو الجهة المنوط لها إصدار كافة النشرات والتحليلات لكافة قطاعات الدولة والمواطنين ووسائل الإعلام. تتضح أهمية الإدارة في حالات عدم الاستقرار في الأحوال الجوية، مثل السيول والفيضانات وخلافها.
في الآونة الأخيرة لدينا تطوير كامل في المنظومة كلها، ورئاسة الهيئة قررت استقدام رادارات قيمتها 100 مليون جنيه، بعد موافقة رئاسة الجمهورية على الطلب الذي يصب في مصلحة مصر.
فضلا عن وجود 30 محطة جديدة تم إحلالها وتجديدها منتشرة في مصر، معظمها كان يدوياً، وجاري تطويرها لتعمل بالطاقة الشمسية والموفرة.
أريد هنا أن أصحح مفهوما؛ فبالرغم من سقوط كميات أمطار غزيرة جدا في القاهرة والسواحل الشمالية، من الممكن أن تكون أكثر من تلك التي تسقط في سيناء وسلاسل جبال البحر الأحمر، لكنها لا يمكن أن تتسبب في ظاهرة السيول كما تتناولها وسائل الإعلام، فالعيب يكون في شبكات الصرف الصحي والبالوعات التي لا تستوعب الأمطار.
الهيئة كانت حريصة في تعييناتها أن يكون المعينين حاصلين على بكالوريوس علوم على الأقل تقدير جيد، مع ضرورة الحصول على دبلومة الدراسات العليا في الفلك والأرصاد من جامعتي القاهرة أو الأزهر، ثم يدرس لمدة عام تقريبا في معهد الأرصاد الجوية داخل الإدارة المركزية للتدريب بالهيئة، وهذا المركز يدرب العرب والأفارقة والمصريين.
إدارة التنبؤات البحرية، للموانئ وأي نشاط بحري، وتكمن أهميته في الإشارات والتحذيرات التي تصدر قبل حدوث أي ظاهرة جوية حرجة بثلاثة أيام.
فيديو قد يعجبك: