"كنائس الشوارع الجانبية": حضر الأمن.. والمحتفلون على استحياء
كتبت – مها صلاح الدين:
كردون أمني تتلون حواجزه بهوية علم مصر، يمتد حول أسوار الكنائس، يدخله ثنائيات قبطية أو ثلاثيات في سكون أغلبهم يتشح بالسواد، رغم إقبالهم على الاحتفال بعيد الميلاد المجيد.
"معايا قنبلة" قالها صبي صغير يلهو بدراجته مستغلا فراغ "شارع الحجاز" الجانبي، المتفرع من شارع جامعة الدول العربية بالمهندسين، مداعبا أفراد الشرطة، المتراصون في تراخي أمام أسوار "كنيسة الشهيد أبي سيفين" الصغيرة بليلة عيد الميلاد المجيد.
وسط هوادة الليل، لم تظهر أيا من مظاهر الاحتفال، سوى التواجد الأمني المكثف، ولافتتين لتهنئة أقباط مصر بعيد الميلاد، إلا أن أبواب الكنيسة، لم تشهد إقبالا من المحتفلين.
حاول "مصراوي" اقتفاء أثر التواجد الأمني، واحتفالات الأقباط، بعيد الميلاد في 4 كنائس صغيرة، بالشوارع الجانبية في مناطق متفرقة، حيث يبلغ عدد الكنائس في مصر، بحسب موقع دليل الكنائس القبطية في مصر والعالم، 2869 كنيسة.
الأمن سيد الموقف
لا يشق سكون ليل كنيسة العذراء مريم القبطية الأرثوذوكسية سوى أصوات وأنوار السيارات المارة من شارع الأنصار الجانبي، المتفرع من شارع بين السريات.
تتفرق عناصر الأمن بامتداد السور، الذي لا يقابله سوى 3 أكشاك سجائر. خرجت أربعينية، قصيرة القامة، ترتدي الأسود، من البوابة لخلفية للكنيسة، تبادلت التهانئ مع أحد أصحاب الأكشاك، وتتمنى له المضي في عام سعيد.
لم يكسر المشهد، سوى تأهب رجال الأمن في صمت، حينما مرت سيدة منتقبة من داخل الكردون الأمني الفاصل بين الشارع وأسوار الكنيسة، ومن ثم عاد التراخي للمشهد حينما ابتعدت في سلام، تقول "أم منير" لـ"مصراوي"، "جيت أحضر القداس في الكنيسة هنا علشان جنب بيتي، صحيح مش حاسين بفرحة علشان الأحداث، بس لازم نحتفل".
استمرت أعداد المترددين على الكنيسة في التضاؤل، في صباح اليوم التالي، رغم استمرار الاحتفالات بالكنيسة، واستمرار التشديدات الأمنية، التي شملت 2600 كنيسة، بحسب خطة وزارة الداخلية.
الشباب يحتفلون
رغم صغر سنها، كانت ماريا، البالغة من العمر 18 عاما، أكبر أقرانها التي كانت تصطحبهم، لحضور الاحتفالات الصباحية بكنيسة القديسة دميانة، القابعة بشارع رمزي فرج، المتفرع من شارع الهرم الرئيسي.
ترى الفتاة النحيلة أنه لا غبار على التواجد الأمني أثناء احتفالات الكنيسة لهذا العام "كله بيتفتش..حتى الشنط"، معقبة على قلة الأعداد حول الكنيسة بنبرة متحدية: "التواجد في الكنايس بيكون حسب المناطق، وكله خرج وبيحتفل.. محناش خايفيين".
ضيق مساحة شارع رمزي فرج، جعل الكردون الأمني يحكم قبضته منذ أول أسوار الكنيسة القابعة على يمين الشارع، وحتى آخرها. 5 أفراد من رجال الأمن المركزي في بداية الكردون الذي يمسح بمرور الوافدين، أحدهم يمد ذراعه ليمنع أحد الأفراد المستقل دراجة بخارية مندفعة بقوة، لعبور شارع الكنيسة، يستوقفه رجل الأمن، ويدور بينهم حديث لا يتعدى زمنه الدقيقة، ثم تحيد الدراجة عن طريقها، لتمضي من شارع آخر.
لا جديد
أُعد آخر إحصاء رسمي لتعداد الأقباط في مصر عام 2012، ورصد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء خلاله 5 ملايين و130 ألف مسيحي، بينما تعارض ذلك مع تصريحات الأساقفة الذين أكدوا في حينها، وجود من 15:18 مليون مسيحي في مصر.
وهو ما جعل "ميرفت" تؤكد أن جميع الكنائس ممتلئة على عروشها، في أعياد الميلاد، رغم أن المشهد كان يبين عكس ذلك أمام كنيسة العذراء مريم، القابعة بشارع ترعة الزمر، المتفرع مش شارع خاتم المرسلين، بمنطقة العمرانية.
لم تنبهر السيدة الأربعينية، القادمة مع زوجها "جورج" بالقبضة الأمنية المحكمة خارج أسوار الكنيسة، فهذا هو المشهد المعتاد بالنسبة لهم في رأس السنة الأعياد، "إنما باقي السنة فين؟"، هكذا تساءلت، ومن ثم أردفت لتعبر عن مشاعرها "بنحتفل بس مافيش فرحة، بسبب الأحداث وبسبب كل حاجة"، فيلتقط منها زوجها خيوط الحديث مختتما: "مافيش جديد".
فيديو قد يعجبك: