الموت يلاحق "آمنة".. ذُبح شقيقها بالشيخ زويد وفقدت زوجها وابنيها في الروضة
كتبت - شروق غنيم:
قبل عام ونصف؛ كان قلب العمّة آمنة نايف ينزف حُزنًا على ذبح شقيقها صالح نايف (45 عامًا) على أيدي الجماعات التكفيرية. قرار حازم اتخذته رِفقة أسرتها المكونة من خمسة ابناء وزوج؛ وهو النزوح من قريتهم الجورة بالشيخ زويد إلى قرية الروضة -قبل مدينة العريش بقرابة 50 كيلومترًا-، على أمل العيش في سلام.
ظهر أمس الجمعة؛ كانت العمّة آمنة على موعد مع ألم جديد، إذ استشهد زوجها حسين حسن محارب، وابناها محمد وجمال. يحكي أحمد جبر، ابن أخي حسين الراحل، أن عمه نزح هو وأسرته إلى الروضة لأنها الأقرب منهم و"عشان معروف إنها آمنة".
لكن قبل ثلاثة أشهر بدأت تنتشر في القرية أنباء عن تهديدات "بقى يتقال إن التكفيريين هيروحوا الروضة قريب"، فكرت الأسرة في الرحيل، كانت تتوق للسفر إلى الإسماعيلية حيث يسكن جبر "كانوا عاوزين يشتروا حِتة أرض وييجوا هنا عشان الأمان ويبقوا وسطنا، بس الإيد قصيرة والظروف الاقتصادية كانت أقوى منهم".
وأعلنت النيابة العامة في بيان رسمي، اليوم السبت، ارتفاع أعداد ضحايا الهجوم الذي استهدف، أمس، مسجد الروضة بمنطقة بئر العبد بشمال سيناء، ليصل إلى 305 شهداء من بينهم 27 طفلًا، وإصابة 128 آخرين.
المُفارقة لعبت دورها في حياة الأسرة؛ قبل يوم واحد فقط من الحادث؛ اجتمع شمل العائلة في الإسماعيلية في حدث سعيد "يوم الخميس كان فرح آخر بنت لعمي حسين، كلنا كنا فرحانين"، يحكي أن عمه كان مريضًا منذ فترة "لكن يوم الفرح كان مبسوط، كان بيزّف بنته وتاني يوم اتزف هو وولاده بالدّم".
حاول جبر أن يُقنِع عمه بالمكوث في الإسماعيلية عقب الزفاف، لكنه أصر على الرحيل "هو عارف شهادته"، فيما حصد الموت روحي الابن الأكبر محمد، كان يعمل سائقًا، ليترك وراءه طفله حسين ذي العامين، أما جمال فكان يبلغ من العمر 19 عامًا ويعمل في محل مفروشات.
دخلت العّمة آمنة في حالة صدمة "مبتتكلمش من ساعة اللي حصل"، يُرثي جبر الحال "مكنش عندها إلا جوزها والولدين، وهما على أد حالهم ولا بانيين بيوت ولا عندهم أراضي".
فيما يقول جبر إن ذلك حال أغلب قاطني الروضة حيث نزحوا من أماكن مُستهدفة "وحالتهم الاقتصادية صعبة، حتى بعد المجزرة اللي حصلت مش هيقدروا يسيبوا القرية ويروحوا على مكان جديد".
منذ نزوح حسين وأسرته إلى الروضة "وهما متعودين على أداء كل الفروض في المسجد ده حتى الفجر"، إذ يبعد المسجد 200 متر عن منزلهم. لذا لم يستوعب جبر في البداية ما حدث "معقول ده ممكن يحصل؟"، فيما عرِف في الحال إن أولاد عمه الاثنين استشهدوا "جريت من الإسماعيلية على هناك، وأما وصلت الجامع لقيت جثة عمي مدفونة تحت جثة تانية وعرفت إنه حصل عياله".
عاد جبر إلى الإسماعيلية بعد الدفن، لكنه ترك زوجته تؤانس العمة آمنة وبناتها الثلاثة "طبعها إنها مبتحبش تحس إنها تقيلة على حد، بس أنا هجيبلها مكان هنا في الإسماعيلية تقعد فيه وبناتها اللي متجوزين يبقوا وسطيها، مش هسيبها لوحدها".
يتمنى جبر أن تلتأم جِراح العمة آمنة "مفيش حاجة تعوضها عن جوزها وعيالها"، لكنه يأمل بأن تحصل صاحبة الاثنين وخمسين عامًا على التكريم من الدولة "زي أم أي شهيد، وإحنا هنحاول نحسسها إن إحنا ولادها وعيلة واحدة".
فيديو قد يعجبك: