إعلان

العزاء غير مقبول.."مصراوي" داخل قرية الروضة بعد مجزرة المسجد

12:38 م الأحد 26 نوفمبر 2017

كتب – عبد الوهاب عليوة ومها صلاح الدين:

بوهن شديد، ووجوة عابسة، شرع عدد مما تبقى من شباب أهالي قرية الروضة بشمال سيناء، أمس السبت، في تنظيف آثار الدماء داخل مسجد القرية بعد 24 ساعة من وقوع المجزرة وانتهاء معاينة الأجهزة الأمنية لموقع الحدث.

سجاد المسجد الذي أمتزجت لونه الزيتي باللون الأحمر القاني لدماء المصليين، حاول سالم محمد، أحد أبناء قبيلة السواركة، برفقة آخرين محو آثاره بالماء وليف النخيل، وتولى آخرون تنظيف أرضية المسجد التي مازالت تظهر بها آثار القنابل، بينما تظهر أحذية الضحايا على باب المسجد العدد الضخم للمتواجدين داخله باختلاف أعمارهم أثناء محاصرته والهجوم على رواده.

اعتاد الأهالي في كل صلاة جمعة أن يجلس كبار السن في الصفوف الثلاثة الأولي الموجودة في مقدمة المسجد، بينما الأطفال يقبعون في الصفوف الخلفية، ويجلس الشباب في الوسط، هذا الترتيب كان يدركه الإرهابيون جيدا، بحسب سالم، فالهجوم بدأ بإلقاء 4 قنابل من نوافد المسجد والباب الرئيسي، استهدف اثنان منها الصفوف الأولي، تبعها اقتحام المسجد واعتلى أحدهم المسلحين المنبر، وصوب سلاحه في صدر من استطاع من كبار السن المتواجدين في المقدمة، هى الشريحة التي تضم أكبر عدد من القتلي، بحسب قوله.

استراتيجة الهجوم التي يعتمد عليها تنظيم "ولاية سيناء" والتي تقوم على عمل كمائن مفاجاة لقطع الإمدادات عن الضحايا، كانت سبب في خوف الأهالي من وجود عبوات ناسفة وسط جثث الضحايا أو في محيط المكان، كما يقول سعد نصر، أحد أهالي القرية المشاركين في انقاذ الضحايا، هو ما دفعهم إلى تمشيط المكان قبل عمليات الإنقاذ، يقول سعد كنا نقوم بفحص إصابات الضحايا ونترك من لديه إصابة في القدم أو اليد، لنقل أصحاب الحالات الخطرة والمصابين بطلقات في الصدر أو البطن، خصوصا مع تأخر سيارات الإسعاف التى استهدف التنظيم ثلاثة منها أثناء محاولة سائقيها الوصول إلى القرية.

خارج جدران المسجد، بقيت أثار الهجوم كما هي ثلاثة سيارات مدمرة ودراجة نارية، وعلى بعد 50 مترا تقبع سيارتان لم يتبقى منهم سوى هيكل من الحديد، تدمير سيارات الأهالي واستهدافها من قبل المسلحين كان بهدف منعهم من إسعاف الضحايا، كما يقول أحد الأهالي، وفى نفس الوقت كانت هناك مجموعة أخرى من المسلحين خارج القرية استهدفت سيارات الإسعاف التى جاء لمحاولة أنقاذ الضحايا، بينما يقول أخر"هما كانوا عايزين يقتلوا أكبر عدد من الأهالي ولو تمكنوا من قتل الجميع لن يترددوا" مُدللا على ما يقول بأن طريقة الهجوم لم تكن عشوائية أو بهدف سقوط قتلي لإرهاب القرية، "كل شخص ظهر أمامهم تم تصفيته ولم ينج منهم إلا من اختفي عن أعينهم".

في مواجهة المسجد ساحة مفروشة بالرمال أقام فيها الأهالي صلاة الظهر والعصر، واستقبلوا فيها من جاوءا للعزاء، يكسر صمت الجالسين كلمات التعازي المعتادة "ربنا يرحمهم"، "البقاء لله"، يقول أحد الشباب من أبناء القرية "إحنا لو كان معنا سلاح كنا وقفنا لهم أو على الأقل كان عدد القتلي بقى أقل من كده، يرد عليه أخر "السلاح لو كان موجود مش هنخده معانا الجامع، مفيش حد كان متوقع أن يتم الهجوم وقت صلاة الجمعة وداخل المسجد كمان".

على مدار الأعوام الثلاثة الماضية كانت هناك محاولات لتهديد أهالي القرية، بدأت بتدمير ضريح لأحد أولياء الله الصالحين من أبناءها، وقام الأهالي بإعادة بنائه وتم الهجوم عليه مرة ثانية وتدميره، ثم قتل التنظيم الإرهابي في نوفمبر 2016 الأب الروحي للصوفيين بسيناء الشيخ سليمان أبو حراز، وبعدها خطف الشيخ قطيفان بريك، أحد أقطاب الصوفية، ورغم ذلك حرص الأهالي على الإلتزام بموعد حلقات الذكر الأسبوعية التي كانت تتم مساء يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع، وتصدى لها التنظيم بالتهديد والوعيد عبر بيانات ورقية وزعوها على الأهالي تحت عنوان "هدايتكم أحب إلينا من قتلكم ".

تعامل أهالى قرية الروضة مع هذه البيانات بحذر شديد، واتخدوا إجراءات لتأمين القرية، أبرزها غلق المداخل الرئيسية بجذوع الشجرة، كحاجز أمني يمنع أى سيارة غريبة من العبور، وهو ما تسبب في منع سيارات التنظيم من دخول القرية، ودفع المسلحين إلى التسلل سيرا على الأقدام إلي الداخل لتنفيذ المجزرة.

مع غروب الشمس دخلت إلى القرية 4 مدرعات شرطة وتمركزت أمام مسجد الروضة، لتأمين القرية خوفا من تكرار محاولة الاعتداء عليها.​

 

فيديو قد يعجبك: