لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

قبل تطبيقه بـ"الداخلية".. "مصراوي" يرصد تجربة "الشباك الواحد": تسهيلات مع وقف التنفيذ

06:29 م السبت 11 مارس 2017

طوابير لاستخراج البطاقات فى سوهاج

كتبت - علياء رفعت:

استندت "خضرا محمد" عجوزٌ ستينية، على عكازها أثناء توقفها في طابور استخراج وتجديد البطاقات بقسم الأميرية، فيما أمسكت بيدِها الأخرى كيسًا نصفه مملوء بمياهٍ صفراء وموصول بخرطوم في جانبها الأيمن؛ متحاملة على نفسها لتجديد بطاقتها حتى تتمكن من استخراج بطاقة تموينية جديدة بدلًا من تلك التي فقدتها.

"معنديش عيل اتسند عليه، ولو معملتهاش هموت من الجوع مش من المرض" كان ذلك هو السبب الذي دفعها لتكبد مشقة الوقوف في الطابور، والتنقل من مكتبٍ لآخر داخل القسم وهى تغالب دموعها وتطلب من فتاةٍ عشرينية أن تملأ لها خانات أوراق البطاقة بما تلقنها إياه لتجلس بعدها في انتظار دورها في التصوير.

"مش شايلة غير هَم المشوار وأنا جاية عشان استلم البطاقة الجديدة"، قالتها السيدة الستينية متذكرة ما حدث معها منذ خمسة أعوام حين استحدثت بطاقة جديدة وظلت تبحث عنها لمدة أسبوعين في مكاتب القسم المختلفة لتكتشف ضياعها قبل أن تتسلمها.

معاناة "خضرا" ومثلها الآلاف وربما الملايين من المواطنين، دفعت مصلحة الأحوال المدنية لإطلاق خدمة نظام "الشباك الواحد"، والذي يقضي بتمكين المواطنين من الحصول على شهادات (ميلاد- وفاة- زواج- طلاق) من خلال شباك واحد بعد دفع الرسوم، كما يضمن النظام الجديد خدمات خاصة لكبار السن وذوى الإعاقة من حيث تسهيل حصولهم على الأوراق الرسمية بمراعاة أحوالهم الصحية والبدنية خاصة في استخراج بطاقات الرقم القومي، فيتم إيفاد مأموريات خاصة لتصويرهم بالمنازل، والسماح لذويهم بالإنابة عنهم فيما يخص الأوراق الرسمية.

ومن المقرر أن تبدأ "الداخلية" تعميم وتطبيق الشباك الواحد خلال الشهر القادم، "مصراوي" رصد التجربة المصرية مع خدمة "الشباك الواحد"، فبالرغم من أن الخدمة جديدة في مصلحة الأحوال المدنية، إلا أن مصر سبق أن طبقت النظام منذ عام 2005 بـ"الهيئة العامة للاستثمار"، بهدف تسهيل الإجراءات على المواطنين وكِبار المستثمرين.

وعقب إعلان مصلحة الأحوال المدنية تطبيق النظام ذاته، انتقل "مصراوي" لهيئة الاستثمار، ليرصد كيفية تعامل الموظفين والمواطنين مع فكرة الشباك الواحد على أرض الواقع، ويتبين مدى فاعليتها.

داخل أروقة هيئة الاستثمار، خاضت محررة "مصراوي" تجربة التعامل مع موظفي الشباك الواحد لتأسيس شركة. وفي استقبال الدور الأرضي أرشدنا الموظف للطابق الثاني حيث يُفترض أن يكون "الشباك الواحد" والذي يتعامل من خلاله المواطنون للحصول على الاستفسارات وسحب الأوراق التي تفيد متطلبات تأسيس الشركة، وهو المكان ذاته الذي يقومون فيه بتقديم أوراق التأسيس، ولكن الوضع بدا مُختلفًا.

إلى جانب ماكينة سحب الأرقام المعطلة جلست المُحررة فترة طويلة تنتظر تدخل أي من الموظفين لمساعدتها لكن دون جدوى، وبعد مرور بعض الوقت الذي قضيناه انتظارًا، تجاذبت أطراف الحديث مع شابة بدا الاستياء واضحًا عليها... "موظف يرميكي لموظف، واللي ممكن يخلص في ساعة بنقعد عشانه يوم بحاله" قالتها مُني، معلقة على تجربتها مع الهيئة على مدى خمسة أعوام بحكم وظيفتها كمحاسبة، قبل أن تضيف: "تجربتي كافية لتُرسخ لدي قناعة بأن الروتين هو سيد الموقف رغم محاولات محوه وتسهيل قضاء مصالح المواطنين من خلال الشباك الواحد".

بداخل غرفة الاستفسارات والتأسيس، استقبلتنا إحدى الموظفات وما أن سألناها عن الشروط اللازمة من أجل تأسيس شركة، حتى أحالتنا لموظفٍ آخر، ليقودنا بدوره لإحدى زميلاته والتي تكفلت بإعطائنا ورقة تحوي الأوراق المطلوبة دون أن تضيف كلمة واحدة سوى لومٍ وجهته لزميلها "مش قولنا آخر معاد للاستفسارات الساعة واحدة، المطلوب هتلاقوه موجود في الورقة".

توجهت المُحررة لموظفٍ آخر، وادعت عدم فهم الأوراق المطلوبة، لتسأله عن تفسير محتويات الورقة التي تحصلت عليها بعدما تنقلت بين ثلاثة موظفين مختلفين، لنفتح حِوارًا معه اكتشفنا من خلاله أن "الشباك الواحد" نظامًا مُفعلًا مع إيقاف التنفيذ.

تبدأ رحلة تأسيس الشركة من عِند موظفٍ يجلس على مكتب خشبي بجانب المسجد أمام المبنى الأساسي داخل هيئة الاستثمار، هناك ستحضر مُبكرًا، وتدفع رسوم الحصول على رقم يضمن لك دورًا لدي غرفة الطابق الثاني التي يتم فيها تقديم الأوراق المطلوبة لأحد الموظفين، فيراجعها آخر، ويتأكد من صحة المعلومات الواردة بها من خلال الكمبيوتر ويتسلمها ثم يخطرك بوجوب حضورك عقب ثلاثة أو أربعة أيام –في حال صحة الأوراق واكتمال معلوماتها- للحصول على سجلك التجاري.

ورغم كون المكتب الخشبي بموظفه خَرقًا واضحًا لفكرة الشباك الواحد إلا أن الموظف يبرره قائلًا: هذا هو الحل الأمثل الذي توصلنا إليه عقب حدوث العديد من الانتهاكات من قبل المواطنين، وقت ما كانت ماكينة الأرقام تعمل على خير وجه، فكان البعض يحضر مبكرًا ويقوم بسحب أكثر من رقم ليبيعهم بثلاثة وأربعة أضعاف سعرهم الأصلي بعدما يستبقي واحدًا لنفسه، في تربُحٍ واضح وتجارة مُعلنة تعطي الأولوية لمن يدفع أكثر فينهي مصالحة أسرع.

"دور إدارة التأسيس ينتهي بكتابة عقد الشركة، لكن تأسيس الشركة فعليًا مش عقد بس".. قالتها إحدى العاملات بوحدة الخدمات المميزة بهيئة الاستثمار وهى توضح أن هناك العديد من الإجراءات التي يجب أن يقوم بها العميل عقب الحصول على العقد من إدارة التأسيس، وأن تلك الإجراءات تتطلب التوجه للعديد من الجهات خارج الهيئة. لكن وحدة الخدمات المميزة بالهيئة بإمكانها أن تقدم تلك الخدمات كاملةً للمواطن في حال قام بسحب رقم VIP لتأسيس شركته فيقوم بعدها بدفع رسوم إضافية تبلغ قيمتها 2000 جنية، لتقوم الوحدة بإنهاء كافة الإجراءات له في مدة لا تزيد عن أربعة وعشرين ساعة.

ويقول الدكتور "أسامة صالح"، وزير الاستثمار سابقًا، إن الهدف من الشباك الواحد هو فصل مقدم الخدمة عن طالبها لمكافحة الفساد المرتبط بالرشوة داخل الجهات الحكومية المتعاملة مع المواطنين، حيث أن القوانين واللوائح التي تفعله هدفها تنظيمه بما يمنع المخالفات، الأخطاء، أو التعنت.

وأكد صالح أن التنسيق ما بين الوزارات والهيئات لتعميم فكرة الشباك الواحد هو أمر ضروري وحيوي، ولكن الأولى هو تنظيم القوانين واللوائح التي تضبط هذه الفكرة لمنع فشلها.

وأضاف "لابد من تعميم اشباك الواحد في كل مكان يتم فيه التعامل مع المواطنين، بشرط منع تلاقي مقدم الخدمة أو صاحب قرار الخدمة مع طالبها، إلى جانب ضرورة وجود رقيب من الهيئة الحكومية التي تطبقه أو المكان التابع له ليتابع هذا الشخص سير العملية بانتظام دون تعسف، أو إهمال".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان