220 قضية اغتصاب وهتك عرض وتحرش فى 4 أشهر.. ما الذى حدث للمصريين؟
كتبت- نانيس البيلي:
بينما كانت الطفلة الرضيعة "جنى"، التى لم يتجاوز عمرها 18 شهراً، تلهو داخل بلكونة منزلها المحاطة بسياج حديدى من جميع جوانبها، وبجوارها جدتها ضعيفة البصر تصلي الجمعة، وقف "إبراهيم" متواريًا خلف أشجار على بعد أمتار من بوابة منزلها التي لم توصد كليًا، بينما يتعالى صوت خطبة الجمعة بالمسجد القريب.
كان الشاب الثلاثيني يتحين الفرصة وما إن انتبهت إليه الصغيرة من فتحات البوابة الحديدية، بدأ يداعبها ويومئ لها بالذهاب إليه. ببراءة فتحت الرضيعة البوابة وترجلت خارجها ليحملها "إبراهيم" متجهًا صوب "عشة" مجاورة، وما إن دلف إليها حتى وضع الرضيعة على "كومة قش" ونزع عنها بنطالها ثم "البامبرز" الذي ترتديه، وشرع في اغتصابها وسط صرخاتها وبكائها.
مهرولة جيئة وذهابًا، هكذا أخذت تبحث والدة "جنى" بصحبة اثنتين من جيرانها، عن صغيرتها عندما انتبهت لغيابها، طرقت أبواب الجيران، منهم منزل المتهم، الذي أخفت والدته الطفلة بمنزلهم بعد أن شاهدته خارجًا من العشة ووجدت الصغيرة غارقة في دمائها، غير أنها أنكرت وجودها، لكن "بكاء الرضيعة" فضح كذبها، وأصيب الأم والجارتان بالصدمة بعد رؤيتها مغطاة بـ "شوال" والدماء تنزف منها.
35 قضية اغتصاب لأطفال.. و10 قضايا محارم.. و12 واقعة شذوذ
كثيرة هي جرائم الاغتصاب، لكن تلك القضية كانت الأكثر بشاعة، بالنظر إلى عمر الضحية وهي واحدة من بين "35 قضية" اغتصاب أطفال، شهدتها مصر خلال الـ4 أشهر الأولى من عام 2017 بحسب ما هو منشور على موقع "مصراوي".
"مصراوي" قرر فتح ملف "القضايا الجنسية" في محاولة تحليل الظاهرة من خلال مجموعة من الأسئلة يجيب عنها المتخصصون.. فما الذي حدث في مصر؟ هل ظاهرة الجرائم الجنسية طارئة على المجتمع المصري أم أنها موجودة منذ سنوات وكنا نغض الطرف عنها؟.
أسباب انتشار الجرائم الجنسية
يقول الدكتور يسري عبدالمحسن أستاذ علم الاجتماع والنفسي، إن القضايا المرتبطة بالموضوعات الجنسية غالبًا ما تنتج عن شخصيات سيكوباتية إجرامية عدوانية مضادة للمجتمع، وأحيانًا يصاحب تلك الاضطرابات في الشخصية نوع من الشذوذ، وقد يصل إلى حد الحالة المرضية، ويضيف أن هذا لا يعفي المجرم من العقاب والمسؤولية الجنائية.
ويشير "عبدالمحسن" إلى أن تلك الجرائم تتفشى في المجتمع نتيجة عدة عوامل منها غياب الرقابة الأسرية وسوء الأخلاق والعدوي الاجتماعية "التقليد"، وانحدار المستوى الاجتماعي والثقافي والمادي، بجانب غياب الوازع الديني، والتسيب من قبل الجهات الأمنية.
وتفسر الدكتورة زينب شاهين أستاذ علم الاجتماع وخبيرة قضايا المرأة والأسرة، انتشار القضايا الجنسية، بوجود مجموعة من العوامل منها "حدوث تراخي في القيم والأخلاقيات، وحدوث نوع من الانحراف بسبب الاحتكاك بالمجتمع الغربي وتخبط في المعايير والقيم، والوضع الاقتصادي للأسر، والتكدس السكاني، بجانب عوامل مرتبطة بالسيطرة الذكورية في المجتمع حيث يمنح الذكور أنفسهم الحق لفعل أي شيء".
ذعر في الشارع المصري
"220 قضية جنسية" شهدتها مصر خلال الـ4 أشهر الأولى من عام 2017، بحسب ما هو منشور على موقع "مصراوي"، مع مراعاة أن كثيرا من القضايا لا يتم الإعلان عنها، لتثير حالة من الرعب والفزع داخل المجتمع المصري، وتدق ناقوس الخطر بأهمية البحث في أسبابها وعلاجها.
(انفوجراف لتصنيف القضايا الجنسية وعددها خلال الـ4 أشهر الأولى)
التحرش الجماعي
فتاة ترتدي فستاناً قصيراً تسير فى أحد شوارع مدينة الزقازيق، متوجهة إلى أحد الكافيهات برفقة صديقها بعد حضور زفاف شقيقه، عشرات الشباب يتجمعون حولها ويبدأون التحرش بها ليدخلها رجل إلى المقهي الخاص به لحمايتها.
لم يرتدع المتحرشون، بل استمروا في التحرش بالفتاة التي أصابها الرعب وتزايد عدد الشباب أمام الكافيه، وتدخلت الشرطة وأطلقت 12 طلقة تحذيرية لفض المتجمهرين.
كانت هذه واحدة من قضايا التحرش الجماعي التي هزت الرأي العام قبل نحو شهر، "46 قضية" اغتصاب وتحرش منها "3 قضايا تحرش جماعي" شهدتها مصر خلال الـ4 أشهر الأولى من عام 2017، بحسب ما هو منشور فقط على موقع "مصراوي".
ومن جانبه، يقول الدكتور أحمد عبد الله، أستاذ الطب النفسي، إن ظاهرة التحرش الجماعي تعد شكل من أشكال العنف وأن أسبابه ومقدماته موجودة لدى المصريين وزادت خلال السنوات الآخيرة، وبدأت تظهر وبعضه أخذ الشكل الجنسي مثل الاغتصاب والتحرش.
ويضيف "عبد الله" أن المتحرشون لديهم طاقة جنسية غير مشبعة، بالإضافة إلى غياب دور المدرسة والأسرة وانعدام القيم "ليس لديهم ضوابط ولا فرامل ولا موضوعات في حياتهم" فهم أشخاص لديهم فراغ وبلا هواية يمارسوها، وطاقتهم الانسانية والجنسية غير مشبعة
اغتصاب محارم
"والدي عاشرني 8 مرات منهم 3 مرات داخل مسجد" تلك الجملة الصادمة كانت من أقوال طفلة لا تتجاوز 10 سنوات أمام النيابة في أوائل إبريل الجاري، حيث أقرت بمعاشرة والدها لها بعد تقدم عمها ببلاغ إلى مركز شرطة البدرشين بالجيزة، يتهم فيه شقيقه بمعاشرة طفلته، وأضافت الطفلة أن جدها طرد والدها من المنزل وأنها كانت تعيش مع جدها "60 سنة"، ووالدها صاحب الـ 28 سنة، بعد وفاة والدتها عقب ولادتها.
"9 قضايا" اغتصاب محارم، شهدتها مصر خلال الـ4 أشهر الأولى من عام 2017، بحسب ما هو منشور فقط على موقع "مصراوي"، وتقول الدكتورة زينب شاهين إن هناك ظواهر طارئة على المجتمع مثل التحرش عبر الانترنت والفيس بوك، وظواهر أخرى مدفونة لا تظهر على السطح ولا يتم الإعلان عنها منها معاشرة الأقارب لبناتهم وأبنائهم.
ويوافقها الرأي، الدكتور يسري عبدالمحسن أستاذ علم النفس، مشيرا إلى أن جرائم اغتصاب المحارم ليست جديدة ولا طارئة ولكن غالبًا لا يتم اكتشافها، ويضيف أنها تعد نوعا من الشذوذ.
3 قضايا تحرش جماعي أبرزها "فتاة الزقازيق".. و"115 جريمة" وقعت بسبب الجنس
الشذوذ
"تخلصت منه، بعد ما قرفت منه، بسبب إلحاحه على مواصلة ممارسة الرزيلة معه، وحاول مقاومتي فقمت بتقييده بسرير الغرفة باستخدام سلك كهربائي، حتى تأكدت من وفاته"، كانت هذه أقوال قهوجي أمام النيابة بعد أن قتل طبيبا داخل فندق بمنطقة وسط القاهرة، بسبب الشذوذ الجنسي.
وقال المتهم إن المجني عليه استدرجه إلى غرفته بالفندق بحجة إصلاح عطل كهربائي، وأضاف أنه عند توجهه للغرفة حاول المجني عليه إثارته جنسياً، وطلب منه ممارسة الفجور معه مقابل 50 جنيهاً.
"12 قضية" شذوذ، شهدتها مصر خلال الـ4 أشهر الأولى من عام 2017، بحسب ما هو منشور فقط على موقع "مصراوي"، ويقول الدكتور أحمد عبدالله، أستاذ الطب النفسي، إن ارتفاع نسبة قضايا "الشذوذ" يلفت نظرنا إلى مسألة الحرمان، لأن فرص العلاقة السوية بين الرجل والمرأة ضعيفة حتى الآن في مجتمعنا، كما أن الزواج أصبح أمراً صعبًا إلى حد كبير.
ويضيف "قد يكون اتجاه الشذوذ في مجتمعنا ليس اختياراً ولكنه هو المتاح، والعلاقات المثلية هي المتوافرة لأن المجتمع لا يشك كثيراً في صداقة الرجل لرجل أو الأنثى لمثلها، وهو ما يسهل الشذوذ".
فتش عن الخيانة الزوجية
عامل بمنطقة المرج يلقي طفلته البالغة من العمر 5 سنوات من شرفة شقتهم بالطابق الرابع؛ أواخر إبريل الجاري، إثر مشاجرة كلامية مع زوجته لشكه في سلوكها، وخروجها دون إذنه ومحادثاتها المتكررة لفترات طويلة في الهاتف المحمول، لتصاب الطفلة بجروح وكسور عامة في الجسم، ويقول أمام النيابة إنه قرر عدم استمرار الطفلة في حياتهما "مينفعش ربنا يدينا نعمة زي دي.. لارا خسارة فينا".
وأنهت سيدة حياة زوجها طعناً بالسكين، في أواخر يناير الماضي، لاكتشافها ارتباطه عاطفيًا بسيدة أخرة بمنطقة المعادي بالقاهرة، بعد أن نشبت بينهما مشادة كلامية، وتطور الأمر إلى مشاجرة تعدى خلالها الزوج بالضرب على زوجته، وأحضر سكين لتهديدها، غير أن الزوجة استلت سكينًا آخر وأصابته بجرح قطعي نافذ بالقلب ما أسفر عن وفاته.
"115 جريمة" تقع بسبب الجنس شهدتها مصر خلال الـ4 أشهر الأولى من عام 2017، بحسب ما هو منشور فقط على موقع "مصراوي"، ويقول الدكتور أحمد عبدالله، أستاذ الطب النفسي، إن ارتفاع الجرائم المتعلقة بالخيانة الزوجية، يلفت نظرنا إلى أهمية مراجعة كل ما يرتبط بالأسرة من أوضاع نفسية أو اجتماعية، وأن الأسرة تحولت إلى شيء كارثي لا يشبع أحداً ولا يلبي احتياجات ولا يحقق أي هدف من الأهداف التي قامت من أجلها الأسرة.
هتك عرض بين الأطفال
"زميل ابنتي بالمدرسة هتك عرضها" جاء هذا فى بلاغ تقدمت به سيدة، أوائل يناير الماضي، حول اكتشافها هتك عرض ابنتها التي لا تتجاوز 15 سنة على يد زميلها بالمدرسة ويدعى "ممدوح"، 16 سنة، وفي أوائل أبريل الجاري، قررت النيابة العامة في بورسعيد، حبس نزيل بإحدى مؤسسات الأيتام يبلغ من العمر 16 سنة، بتهمة التعدي جنسيا على زميله بالمؤسسة وعمرها 12 سنة.
"3 قضايا" هتك عرض بين الأطفال خلال الـ4 أشهر الأولى من عام 2017، بحسب ما هو منشور فقط على موقع "مصراوي".
ويفسرها الدكتور أحمد عبد الله، أستاذ الطب النفسي، بأن الطاقة الجنسية الأصلية الموجودة بالأساس لدى الطفل تظهر مبكراً من خلال مشاهدته للأفلام الجنسية المنتشرة عبر النت وتظهر أشكال وألوان من الممارسات الجنسية، بينما قديما كانت تلك المشاهدات محدودة مقتصرة على المجلات الجنسية
ويضيف "عبد الله" أن الرغبة الجنسية تخلق لدى الطفل عندما يشاهد العلاقة بين والده ووالدته فيبدأ ينتبه ويخرجها في صورة تحرش وهتك عرض وشذوذ، بجانب ظهور منافذ جديدة تظهر الممارسات الجنسية الطبيعية والشاذة.
ما هي عقوبة الاغتصاب في القانون؟
يقول الدكتور محمود كبيش، عميد كلية حقوق القاهرة الأسبق، إن عقوبة الاغتصاب تتراوح بين السجن المؤبد والإعدام إذا كان المغتصب من المسؤولين عن رعاية الضحية مثل الأب والأخ أو من لهم سلطة عليها مثل المدرس أو إذا كان الاغتصاب بحق طفل.
بينما يشير الدكتور شوقي السيد، المحامي والفقيه الدستوري، إلى إن عقوبة الاغتصاب هي "جنحة" هتك عرض تصل إلى السجن من 3 إلى 15 سنة.
وفي حالة دفاع الشخص عن نفسه وقتل من يحاول اغتصابه أو هتك عرضه، يضيف "كبيش" أنه يحصل على براءة ولا يعاقب بشرط أن تتوافر أمام المحمكة يقينًا حالة الدفاع الشرعي عن النفس، ويوافقه الرأي "السيد"، ويقول إنه في حالة الدفاع الشرعي عن النفس من محاولة الاغتصاب أو هتك العرض تسقط العقوبة.
هل ارتفعت معدلات الجرائم الجنسية؟
يقول الدكتور أحمد عبدالله، أستاذ الطب النفسي، إنه إذا نظرنا إلى متوسط 70 جريمة في شهر مقارنة بـ90 مليون مصري، وإذا نظرنا إلى نسبة 70 مليون مواطن في سن ارتكاب الجرائم، فهي تعد نسبة قليلة "حوالي واحد من كل مليون مصري يقوم بجريمة جنسية كل شهر"، مع وضع في الاعتبار أن ليس كل القضايا تنشر.
وترى الدكتورة زينب شاهين أستاذ علم الاجتماع وخبيرة قضايا المرأة والأسرة، أن المجتمع المصري أقل كثيراً من المجتمعات الآخرى في حدوث تلك الظواهر لأن الدين عامل حاسم .
أساتذة اجتماع وعلم نفس: جرائم الاغتصاب والجنس قليلة مقارنة بعدد المصريين لأن الدين عامل حاسم
هل انتشار الجرائم الجنسية له علاقة بالجانب الاقتصادي؟
يؤكد الدكتور فرج عبد الفتاح أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن الجانب الاقتصادي أحد أسباب انتشار الجرائم الجنسية، ويضيف أن مثل هذه الجرائم تدل على أن مرتكبيها ليس لديهم فرصة لإقامة حياة سوية، وإنما هم ينحرفون بمثل هذه الممارسات ويبتعدون عن العلاقات الطبيعية والحياة السوية بسبب الظروف الاقتصادية.
كيفية مواجهة انتشار الجرائم الجنسية؟
مجموعة من أدوات العلاج، تشير إليها الدكتورة زينب شاهين أستاذ علم الاجتماع وخبيرة قضايا المرأة والأسرة، لمحاربة انتشار القضايا الجنسية، منها تجديد الخطاب الديني، ووجود قنوات تبث الأفكار الجميلة لذلك الخطاب، بجانب تغيير المنظومة التعليمية وتزويدها بالقيم والمباديء التي نريد تعليمها لأبنائنا، وتضيف أن الإعلام عنصر مهم في التغيير فيجب أن يوجه من خلال مضمونه رسائل ذات قيمة إيجابية.
بينما يشدد الدكتور يسري عبد المحسن أستاذ علم الاجتماع والنفسي، على أهمية سرعة الفصل في القضايا الجنسية والإعلان عن تلك الأحكام لتكون رادع لمن يفكر في الإقدام على ارتكابها.
فيديو قد يعجبك: