''منة''.. وجه القصر الضاحك أصابه الإحباط
كتبت - دعاء الفولي وإشراق أحمد:
لا تنزعج إذا قررت يوماً زيارتها وسمعت صوت أنينها المكتوب من الألم كلما تحركت، فهي اعتادت ذلك منذ 28 يناير 2011 الماضي، لكنها ستخبرك أنها أحسن حالاً الآن مما كانت عليه، وتستقبلك بابتسامة مشرقة بل وأيضاً بعد فترة ليست بقليلة من الحديث تبادرك بالدعابات المضحكة؛ وإن كان الحزن والألم لا يختفيا عن عينيها.
خلف باب الغرفة رقم ''26''، تجلس ''منة الله أحمد'' مستلقية على السرير الذي تذهب عنه وتعود كحال باقي المصابين، عليه أكملت عامها العشرين، متنقلة على كرسيها المتحرك .
كانت ''منة '' على موعد مع إصابتها يوم 28 يناير؛ حيث نزلت إلى الميدان صدفةً بصحبة والدتها وخالتها، فلم يكن والدها ليسمح لها بالنزول خوفاً عليها على الرغم من تواجده بالميدان منذ 25 يناير، ولأن كان لديها رغبة شديدة في المشاركة بالثورة، حقق لها القدر ذلك.
لتكون ''منة'' أحد مصابي الثورة؛ حيث أصيبت بكسور شديدة نظراً للتدافع، واستعمال الضرب في ''جمعة الغصب''، الأمر الذي أدى إلى أصابتها في الحبل الشوكي لدرجة منعتها من الحركة في أغلب أطرافها.
ومنذ ذلك اليوم لم تتخلف ''منة'' رغم ألمها الشديد وعدم قدرتها على الحركة في كثير من الأحوال، عن المشاركة في أي حدث يتم الدعوة إليه، وتحديداً منذ 9 مارس فكما قالت '' لم يعد هناك ما أخشى عليه'' .
تم إجراء أكثر من عملية لـ'' منة'' غير أن الأخيرة والتي حدث خطأ في إجرائها مما تسبب في مضاعفات كثيرة برجلها ويدها حتى أصبحت لا تقدر سوى على حركة يدها اليمنى، إلى جانب أن التأخر الشديد في علاجها وعدم الحركة زاد من مرضها بشكل كبير.
لم تعد '' منة '' تثق في أحد مع كثرة الوعود من الصندوق والوزراء وغيرهم بالاهتمام والعلاج، فعلى الرغم من ضحكتها ومداعبتها بين الحين والآخر تشعر في صوتها ''الإحباط'' الذي تقره بكلماتها '' حاسة بالإحباط مش حاسة إن في حاجة هتحصل''، فكل ما حدث هو وجودها ''بالقصر'' قائلة ''ادوني جواب اقعد بيه على سرير في اللوكاندة دي '' .
كل ما تتمناه '' منة'' هى أن تعود أشبه لما كانت عليه، خاصة وانها لم تكمل دراستها بكلية السياحة والفنادق بعد، حتى أن الوظيفة التي خصصها لها المجلس القومي لرعاية المصابين بشهادتها الثانوية لن تقدر عليها قائلة '' هشتغل إزاي أنا تقريبا هنا لفترة طويلة ومش بتحرك كتير وهم عارفين ده'' .
وبجوار'' منة'' تجد والدتها التي ترافقها بشكل دائم فتحدثك عن ما حدث الذي هو أكثر من أن يقال، ما بين مساعدة ابنتها والوقوف لأخذ حق ابنتها سواء المادي الذي لم تأخذ منه سوى 5 آلاف جنية رغم أن ما أُنفق أكثر من 12 ألف جنية حتى الآن، وما بين حقها كمواطنة مصرية تطلب العلاج والمعاملة الجيدة وتنفيذ الوعود .
تقف والدة ''منة'' تحدثك عن غضبها من المواقف التي حدثت مع أمين صندوق رعاية المصابين وانتقادها له لعدم أدائه حقوق المصابين، وعن مواقفها مع المستشفى والأطباء فتقول '' ليه تتعمل 32 ويبقى فيهم غلط ما عملية واحدة كفاية والواحد يخرج كويس ايه اللي احنا فيه ده''، وأيضاً القرارات التي تأخذها الحكومة وتؤكد لك '' احنا مش بنسمع ونقرأ من الجرايد لكن مفيش حاجة أكيدة''.
ولا تحتاج ''منة '' غير لجواب السفر إلى خارج أو أن يتوافر الجهاز المستخدم لإجراء عملية لظهرها، والذي كما قال لها الدكتور المعالج إنه غير متوافر في مصر، ولا يجب المخاطرة مرة أخرى بعمل العملية في مصر لأن الأطباء '' بيدخلوا العملية بإيديهم من غير أجهزة حديثة ودي عملية نسبة نجاحها من 15 - 20%'' على حد قولها .
فيديو قد يعجبك: