سكان محمد محمود: ''العساكر'' ارتدوا ملابس ملكية.. ورصاصهم اخترق منازلنا
كتبت - شيماء الليثي
''دخان قنابل.. أصوات طلقات.. صرخات مصابين ودماء شهداء''.. هكذا تعنى ذكري ''محمد محمود'' لسكانه، حرب كاملة عايشوها فى ذهول ورعب، فزع و إرهاب أجبر البعض على مغادرة منازلهم حتى نهاية الأحداث، وربما نهائيا كما هو الحال بالعقار رقم 49 الذى تركه سكانه بالكامل وأصبح مغلقا تماما، أما من تبقوا فهم من استطاعوا أن يروا المشهد كاملا، ليصبحوا شهود عيان على كل ما جرى من هول وعنف.
بدأ "حسن" - أحد سكان العقار 17 - حكايته قائلاً: " كنت قاعد فى شقتى وفجأة دخلت رصاصة حية عدت من جنبى بالظبط، كسرت "النيش" واستقرت فى الحيطة "، ثم تابع فى ذهول متذكرا المشهد "كانت لحظة فارقة فى حياتي، ماكونتش متخيل انها ماجتش فيا، ماصدقتش إنى لسه عايش، لكن بعدها على طول سبت الشقة وسافرت، ماكونتش هستنى لما يموتونى فعلا ولا يموتوا حد من عيالى، كفاية كنا عايشين فى رعب ليل نهار"، على حد قوله.
"الوزير طلع ساعتها يقول مابنضربش رصاص حى، أومال اللى انضرب ده كان إيه؟!، أنا بعد ماشوفت بعينى اللى حصل ده كان نفسى أقوله بطلوا ضحك على الناس بقى".. هكذا قال "حسن" بابتسامة مرارة ساخرة.
فيما شهد حارس العقار ذاته مؤكدا "شوفت العساكر بعينى وهما بيغيروا اللبس الميري بلبس مدنى عادى، أول ما وصلوا الشارع شوية منهم لبسوا الخوذ ومسكوا العصيان، وشوية تانى لبسوا مدنى ونزلوا وسط الناس، كانوا بيضربوهم من الناحيتين"، على حد قوله.
أما "أصحاب الأرزاق" فإن ذكرى "محمد محمو"د تعنى لهم الكثير من الخسائر المادية، فهذا "ميسرة" - صاحب المقهى الذى كان يتوسط المستشفى الميدانى - تجاوزت خسائره 35 ألف جنيه، بينما التعويضات التى تم صرفها له لم تتجاوز 4 آلاف جنيها، كان ذاك المقهى المنفذ الوحيد لمساعدة المصابين بعد أن أغلقت أغلب المحال التجارية، لذلك أخذ نصيبه من الضرب والاعتداء والقنابل، يقول صاحب المقهى " اتصابت كذا مرة باختناقات وإغماءات بسبب الغازات المسيلة للدموع أنا والصبى بتاعى، والقهوة اتكسرت من الضرب، وبرضو مارضيناش نقفلها عشان الدكاترة كانوا بيحتاجوا مننا مساعدات للمصابين، زى المياه السخنة مثلا ".
وعن شركات السياحة الموجودة بطول الشارع فقد عانت جميعها من خسارة مادية كبيرة نتجت عن اضطرارهم لغلق الشركات حتى انتهاء الأزمة، إلى جانب السرقات التي تعرضوا لها دون أي تعويضات.
وعلى جانب أخر، نسير عدة امتار أخرى لنصل إلى العقار رقم 31؛ حيث توجد مكتبة "البلد" التى تقدم نشاطات ثقافية بالإضافة إلى بيع كتب دور النشر المختلفة، وعن ذكريات "محمود محمود" قال مدير المكتبة " ماجد عاطف " باستياء شديد "احنا بيتنا اتخرب "، موضحاً " اشتعل حريق بالعمارة فى 22 نوفمبر اللى فات، اتحرقت فيه المكتبة بالكامل، وتجاوزت تكلفة الكتب المحروقة لوحدها أكتر من 100 ألف جنيه، دا غير حريق الحيطان والأشياء المسروقة من المكتبة، عشان كده قعدنا حوالى 10 شهور بنعيد تجهيزها من جديد، لأنها كانت متدمرة تماما "، على حد قوله .
أما " فاطمة " ـ تلك الفتاة الشابة التى تعمل بالاستقبال بالمكتبة ـ فقد كانت مشاهداتها للأحداث مروعة، إذ لم تكن الخسائر المادية هى كل ما يشغلها، بل كونها "بنت" هو ما كان يرعبها، ففى حكايتها عما رأته قالت " كنت فى المكتبة من بداية الأحداث لحد يوم 21 ، فى اليوم ده طلع اتنين من العساكر للعمارة يستخبوا لحد ما يملوا ذخيرتهم لأنها كانت خلصت منهم، طلع وراهم ناس يتخانقوا معاهم، ولما خوفت قفلت المكتبة وطلعت استخبيت فى شقة فوق" .
وهنا صمتت " فاطمة " لبرهة وبدأ عليها أنها تتذكر أشياء موجعة، ثم تابعت بصوت حزين متقطع " قضيت ليلة كاملة فى الشقة دى لوحدى وطفيت كل الأنوار عشان ماحدش يعرف إنى جوه، كنت مرعوبة وأنا بفتكر اللى كان بيحصل للبنات اللى اتسحلت وانضربت، وكونى بنت ده فى كان مخلينى خايفة جدا ليعرف حد بوجودى وماعرفش ساعتها هيحصل فيا ايه، قعدت طول الليل صاحية ومستخبية فى الضلمة لحد ما النهار طلع والضرب خف ونزلت لقيت المكتبة مسروقة، روحت البيت وأنا بعيط من شدة الرعب اللى شوفته، وتانى يوم المكتبة اتحرقت"، على حسب رواية "فاطمة" .
فيديو قد يعجبك: