لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

زوجة ''عماد عفت'' تكشف: فتوى الشيخ الأخيرة سبب قتله (حوار)

01:22 ص الثلاثاء 25 ديسمبر 2012

كتبت - يسرا سلامة:

''إن هواء ميدان التحرير هو أطيب لنفسي من هواء الكعبة ''.. هكذا عبر الشيخ الشهيد ''عماد عفت'' عن نسائم الحرية من ميدان التحرير، لا يعلم أن الميدان بداية لشعب ونهاية لحياته، وفى ذكرى رحيل الشيخ الشهيد تحدثنا إلى زوجته ''نشوى عبد التواب'' عن ذكرياته معها ومع الميدان ومع أولاده، وهى لا تزال تتشح بالسواد حزناً على رحيل الزوج والشيخ والأب والمعلم .

تتذكر زوجته يوم نزوله إلى الميدان فى أحداث مجلس الوزراء كأنه الأمس، فبعد أن عادا من رحلة الحج، توجه صوب ميدان الثورة مباشرةً، بعد أن تغلب يومها على رعشات جسده و الآم السفر ليؤثر الميدان علي صحته ، بعد ان ودعه كل أصدقائه قبل أن يهب كأنهم يشعرون.

دم الشيخ لا يزال يبحث عن جاني

لم تتوقف الصحفية والزوجة وطالبة العلم ''نشوى عبد التواب'' عن السعي للأخذ بحق زوجها، تقولها بتصميم ''عماد قضيتى''، قضاة التحقيق في انتظار أدلة و شهادات جديدة، في ظل تضارب الشهادات حول مشاهدة الشيخ عماد عفت في أحداث مجلس الوزراء أخل بالقضية.

النيابة العامة الخصم الذى يملك الأدلة والحكم الذى يحكم في القضية، تبحث الزوجة في مقاطع الفيديو في القنوات الفضائية عن صورة زوجها لعلها تصل إلى شئ، بعد أن رفعت كل الأجهزة المسئولة يدها عن المسئولية في تقصى الحقائق حول وفاة الشيخ الشهيد.

''عماد شاف اللى قتله''.. هكذا أكدت زوجته أن الشيخ عماد كان مستهدف فى الميدان، ترى أن الأمر له علاقة بفتواه الأخيرة '' لا لتصويت الفلول فى الانتخابات''، تقول: ''عماد تلقى رصاصتين واحدة فى يده والأخرى فى قلبه من نفس المستوى، وقد فشلت تحريات المباحث فى الخروج بجناة أمام العدالة''.

تؤكد أن قضية مجلس الوزراء هي قضية ''المجمع العلمي'' فقط، دون وجود قضية لمئات الشهداء والمصابين من الأحداث، وفى ظل غياب تعاون من الجهات العسكرية، لأنها كانت تسيطر على ميدان التحرير وقتها، لتترك علامات استفهام كبيرة حول وفاته.

وتضيف زوجة الشيخ ''عماد'': ''لو عايزين تحموا البلد هاتوا حق الشهداء.. وأعيدوا هيكلة النظام''، وفى ظل عدم وجود قضية حقيقية للشيخ ''عماد'' لم يبقى لزوجته سوى القضية ذات الطابع السياسى وهى ''الطعن على قرار الرئيس السلبى بعدم التقصى في مقتل شهداء أحداث مجلس الوزراء''.

وتقول ''نشوى'': ''القضية فاشلة بكل المقاييس.. لكنه يمكن أن يحرك الأمر ليصل إلى مسامع المسئولين أو تحرك ضمير أى شخص متستر على أدلة تفيد فى القضية''، زوجته لا تتوقف عن البحث، تؤمن بما غرزه فيها زوجها ''لا يضيع حق ورائه مطالب''، لا تطلب من الرئيس مرسى سوى أن ينتصر لما وعد به ''حق دماء الشهداء''.

زوجته حلمت به يأخذها إلى الجنة قبل لقائه

''أنا رايحة لواحد بحلم''.. هكذا لخصت الصحفية الشابة كيف تعرفت على زوجها الشيخ عماد عفت، بعد أن طلبت من الشيخ ''على جمعة'' وكان فى وقتها شيخاً بدار الإفتاء أن يرشح لها مجموعة من الشيوخ لتتعلم على يد واحد منهم العلوم الشرعية وأمور الدين، لم يعجبها أن تتلمذ على يد شيخ عادى أو مصنف، أثرت الانتظار حتى جاءها الحلم فى ليلة مباركة.

حلمت بالكعبة لكنها لا تعرف كيف تصل إليها، ولم تجد سوى شخص يقفز إلى بئر مملوء بالكتب، فعرفت أن العلم طريقها، واستيقظت تنطق باسمه قبل أن تعرفه ''عماد''، لتعرف أن ''عماد عفت'' من بين من رشحه لها الشيخ دون أن تدرى، قابلته لأول مرة وحكت له الحلم ففهم أنه سيتزوجها قبل أن تعرف هى، سألها الشيخ لماذا تريد الدراسة قالت له أنها تريد طريق للحكمة، فقبل الدراسة لها، وعرفت ''نشوى'' وقتها أنه سيكون زوجاً لها فى الأخرة.

''الصدق منجى''.. كانت أول حكمة علمها الشيخ ''عماد'' لنشوى طالبة العلم قبل أن تصبح زوجته، عرض عليها الزواج فسافرت إلى المكسيك لتبتعد وتختبر نفسها، أخذت قرارها وهى هناك بالموافقة على الزواج منه، استقبلها فى المطار مازحاً ''يعنى كان لازم تسافرى قارة ثانية عشان توافقى؟''.

تقول ''كان يعاملنى وكأنى زوجة أولى''.. هكذا عهدت من الشيخ ''عماد'' العلم والقيم الحسنة وعدم المغالاة في دينه، فهو سليل ''سيدنا الحسين''، وكان مثله ثائراً ويفكر خارج جوامد مجتمعه فضل أن ينتمى للمؤسسة الأزهرية ووسطية الإسلام ورحمته، ولا يخشى أن يكون ضد التيار.

الثورة فرقت بينه وبين معلمه الشيخ ''على جمعة''

تروى زوجته وسط تنهدات ودموع محتبسه بين جفنيها لحظات الشيخ فى الميدان والثورة، لم يتوان أن يكون مع الثورة منذ اليوم الأول، فهو باحث عن الحق وناصر للمظلوم، كان يصر أن يأخذ معه أولاده الأربعة إلى الميدان، يرى أن النساء والأطفال فى الميدان تطمئن الرجال وتبعد عنهم عدوان المعتدين، كما أنه يكسر الحاجز بين أهله والثورة.

كان أنجب الطلاب وأكبرهم سناً لمعلمه وشيخه ''على جمعة'' الذى تتلمذ على يده، وأصبح مساعده في الإفتاء، كما تقلد الشيخ ''عماد'' منصب كبير الباحثين فى الدار، كان يدرس الكتب الصعبة والشاقة ليبسطها لطلاب العلم مثل كتب فقه الباجورى من المذهب الشافعي، كان يقبل يد معلمه ''على جمعة'' فى كل لقاء، لم يؤلمه أكثر من موقف شيخه من بدايات الثورة، ابتعد بعدها عن تقبيل يده، كانت صدمة ألا ينحاز معلمه إلى الحق في الميدان.

لم يبخل الشيخ عماد في حياته بأي فتوى لأى صاحب مسألة، وحتى بعد وفاته تتلقى زوجته اتصالات هاتفية من طلاب علم من كل البلدان، منهم من يتذكروه فى سنويته، ومنهم من لم يعرف بعد أن توفى، من تونس والسعودية والعراق وغيرهم.

يبتسم الشيخ ''عماد'' حين يرى مجموعات الألتراس تأتى إلى الميدان، يحب الألتراس وتشجيع الفريق، هذا كان حبه فى بداية شبابه، لم يكن ينزعج حين يرى بنات وشباب من الليبراليين أو العلمانيين، يراهم ''قلوب'' إن بعدت عن الدين فالسبب فى بعد الدعاة والشيوخ عنهم، كان يقول : ''محتاجين علماء دين.. لو عرفوا الدين صح هيلتزموا''.

كان له أصدقاء من كل التيارات السياسية مما أصعب تصنيفه، وواصل الشيخ عماد طريقه بالعلم والجهاد ليضرب المثل فى الملتزم بدينه والمنفتح على مشكلات أمته، وليحذو على حديث الرسول :''أقرب الناس منزلةً للنبوة أهل العلم وأهل الجهاد''.

لا تزال صورة ''الشيخ عماد'' وسط أصدقائه وهو يحمل الأدوية في أحداث ''محمد محمود'' عالقة في ذهن زوجته، تتذكر أيام مبيته فى الميدان ليبقى بقرب الثوار، الموقف بالنسبة له واضح ''هي سلطة تعتدى على الناس''، لن يتخلى عنهم.

تسرد زوجته : ''كان يقف بالصف الأول فى أحداث محمد محمود ويلقى بالطوب على من بدأ بالنزاع من البلطجية، كان عايز يشوف ويعرف مين ''الطرف الثالث''، كان بيقف أمام الظلم دائماً لحد ما السياسة تاخد موقفها''، تضيف الزوجة المترملة: '' الحمد لله أنه ما شفش سحل البنات.. محدش كان عارف كان ممكن يعمل إيه''.

يأتي الشيخ ''عماد'' فى أحلام زوجته ''نشوى'' متشحاً بكفنه، تراه يفك كفنه لتناوله الطعام أو ليشرب ماء زمزم، يتلعثم الكلام فى حلقه أثناء الحلم، لا تكف عن الدعاء والسؤال في الحلم والحقيقية ''أرجوك يا عماد قولي مين اللى قتلك''.

إصرارها وعزيمتها لا تختلف عن قدر حبها وإخلاصها له، لم يبق لها سوى الجاكت الذى استلمته من المشرحة الذى كان يحيط بالشيخ في لحظاته الأخيرة، تسعى لإنتاج فيلم وثائقي عن حياته لترصد رحلته في البحث عن الحق، والانتصار لروح الثورة .

ترك الشيخ ''عماد'' أربعة أطفال؛ ''محمد'' الأبن الأكبر ابن الثالثة عشر لا زال يتذكر لحظاته مع والده، فهو كما قال عنه الشيخ ''قرة عينه''، لا تتوقف دموعه على والده، يصبره على الأيام صورته على ''التي شيرت'' الخاص به، وكلماته التي تركها على ''مُسجّل''، لتحاول أدوية الاكتئاب أن تقضى على ما به من حزن جم لم يتحمله جسده الصغير، و''إبراهيم وسمية وخديجة''.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان