إعلان

من حي ''الدقاقين'' إلى ''العطارين''.. يا عزيزي إنه تطور الزمن !

03:26 م الأربعاء 18 يوليو 2012

كتبت - دعاء الفولي:

تتجول فى حي الغورية بالحسين.. تأخذك قدماك لتلك الأماكن التى تمتلئ جدرانها برائحة الماضي والأولياء الصالحين والأيام الخوالي ..تختلط فى أنفك رائحة البخور والعطور القديمة والقهوة والكتب الدينية.. تسير قليلا ثم تسأل عن حي ''الدقاقين'' فينظر أحدهم لك بامتعاض قائلا:'' مفيش حاجة هنا بالاسم ده !'' .

تكمل السير غير عابئ بهذا الازدحام وتلك الحرارة المرتفعة فالعبق المسيطر على المكان يجعلك لا تشعر بشيء سوى الراحة النفسية، ثم تتوقف قليلا وتسأل شخص آخر فيبتسم لك قائلا:'' مبقاش في حي الدقاقين.. بقى اسمه حي العطارين'' .

فتنظر له بخيبة أمل فتتسع ابتسامته ويقول:'' كان فيه زمان حي الدقاقين اللى بيدقوا النحاس بس باعوا محلاتهم وناس اشتروها..لو عايزة دقاق روحي ناحية حارة اليهود ممكن تلاقي واحد او اتنين بس اللى فاضلين'' ..يتسرب الأمل لنفسك وتسير لتصل للمكان المنشود.

تصل هناك ..فتجد شارع مرصوف بطريقة جيدة جدا وبه محلات على الجانبين تبيع الإكسسوارات الحديثة ذات الألوان الأخاذة، ثم تلمح عينك محل صغير اتساعه لا يتجاوز المترين ليس له ''فترينه'' زجاجية كباقي المحلات، مجرد كرسي صغير والعديد من قطع النحاس ذات الأطوال والأحجام المختلفة، فتعرف ان هذا هو هدفك.

يستقبلك أحمد الدقاق - صاحب المحل - ويحدثك عن مهنة النحاس ويحكي لك كيف بدأت وكيف وصلت لما هي فيه الآن، ويقول:'' مهنة الدقاق أو صانع النحاس بدأت فى عصر الفاطميين وربما عصر المماليك وقتما كانوا يصنعون الدروع الحربية وغيرها، وكان النحاس قديما يُصنع منه الكثير من الأشياء مثل قدرة الفول والأباريق والصواني والأكواب وغيرها'' .

ويضيف مفتخراً بمهنته ومهنة والده حسبما قال :'' بعد ذلك دخل فن الزخرفة على المهنة وأصبحت مع الوقت أكثر تطورا فأصبح النحاس مخلوطاً بالفضة أو بالبرونز، وفى عصر محمد علي أصبح النحاس يُستخدم فى البيوت وبشكل أكبر فى الأطباق وفى جهاز العرائس خاصة، وكان النحاس المستخدم هو النحاس الأحمر وليس الأصفر المستخدم حاليا والنحاس الأحمر أفضل و أغلى من الأصفر'' .

''الوقت الحالي النحاس يتم بيعه من أجل أغراض الزينة والديكورات، وكثير من مهندسي الديكور يأتون لذلك لأن الفنادق بعضها يستخدم الركن عربي فى الديكورات ويستلزم ذلك وجود النحاس'' هكذا استرسل أحمد فى حديثه عن مهنته التي انقرضت تقريباً .

اللافت للنظر أن أحمد لم يتعد الثانية والثلاثين من عمره وعندما تسأله عن سر ذلك يقول: '' انا وارث المهنة عن والدي الله يرحمه، وبشتغل فيها من وأنا عندي 12 سنة.. المهنة محتاجة ممارسة ولازم نتعلمها من و إحنا صغيرين ''.

وعن تراجع السياحة التى عانى منها الكثير من الحرفيين خاصة يقول أحمد: '' كنا قبل الثورة نجد أفواج قادمة إلينا من كل مكان، أما الآن فالموضوع أصبح أقل خاصة وأن النحاس لم يعد عليه الطلب أصلا ومن يأت ليشتري كان يعتبر سائح هاوي للنحاس ومنتجاته، ولكن فى الوقت الحالي أصبح معظم السياح يقبلون على الأشياء الأرخص لأن الشغل اليدوي يأخذ وقت أكبر وأغلى سعرا و لكن ''تمنه فيه ''.

الدقاقين
الدقاقين
الدقاقين

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان