إعلان

''الحَمّام البلدي''.. فندق الأغنياء و''بيوتي سنتر'' الغلابة

02:34 م الثلاثاء 25 سبتمبر 2012

كتب - دعاء الفولي ويسرا سلامة:

تحيطه هالات البخار البيضاء.. يحتمى بجدران من الطمى العتيق.. يقع وسط عدد من الورش الصاخبة صوتها من ''دق النحاس والألومنيوم''.. يُسدل عليه ستائر من حرير لتخطف الأبصار كل من دخلها أو خرج منها بعد ''عَمّرة بلدى'' وعلى ألسنتهم أغنية ''كاريوكا'' ''يا خارجة من باب الحمام وكل خد عليه خوخة''.. إنه ''الحمّام البلدى''.

تقول كتب التاريخ أن أصل كلمة ''حمّام'' هى ''حَمّة'' بفتح الحاء وتشديد الميم، وهى ''العين الحارة'' التى ينزل منها الماء ويستشفى فيها الناس، ويقال فى بعض الروايات التاريخية أن بداية الحمامات كان فى العصر الفرعوني نفسه، ويقال أنها كانت موجودة فى عهد النبي سليمان عليه السلام وأن هذه الحمامات تطورت حتى وصلت للعصر الروماني وكانت مفتوحة للعامة.

''الحمام البلدى'' اليوم طاله ما طال تراثنا الكثير من التغيير، فقديماً قالوا ''دوام الحال من المحال''، وحال ''الحمامات البلدى'' اليوم اختلف كثيراً، ليحاول أن ينافس وبشدة ''البيوتى سنتر'' أو بيوت التجميل؛ ليكون كالرقص على السلم، لا ظل حماماً كما كان، ولا لحق بيوت التجميل المتقدمة، لكنه يبقى مجتمع لتجمع الرجال ولثرثرة النساء وحكاياتهن اليومية وسط ملابسهن بـ''الفوط البيضاء''، ليفرغن شكواهن عن الرجال .

وتحدثنا أحد العاملات فى حمام بلدي شهير بشارع المعز بالجمالية لتقول ''الحمام البلدى زي ما هو من الداخل زى ما نشوفه فى الأفلام، بس طبعا اتطور دلوقتى عشان ''يواكب العصر''، انضم إليه الطمى المغربى وغيرها من أدوات النظافة الحديثة للمرأة مثلاً، وتتراوح أسعارنا بين 40، و50، و60 جنيه للحمام، بينما يصل حمام العروسة إلى 250 جنيه''.

وكانت تستخدم الحمامات قديماً خاصة فى الدول العربية الإسلامية كمكان للاستشفاء والاستجمام، كما كانت بعض طبقات المجتمع ''الارستقراطية'' تعتمد عليه كمكان للنظافة والاهتمام بالجسد، بجانب أن الحمامات كانت موروثا شعبيا خاصة فيما يتعلق بالعرس سواء عند الفقراء أو الأغنياء؛ وكانت العروس أو العريس كلا منهما يجب أن يمر على ذلك الحمام لعمل الطقوس اللازمة للعرس، وأخيرا كانت الحمامات أحيانا تعتبر ''فنادق'' إذ كانت يلحق بها غرف للمسافرين ويدفع المسافر المال للاستحمام ثم النزول فى الغرفة بعد ذلك.

أما فى البلاد الإسلامية فأول دولة أقيمت فيها الحمامات الشعبية هى مصر فى عهد عمرو بن العاص، إذ أقام أول حمام بمدينة الفسطاط، وتوالت بناء الحمامات الشعبية فى أكثر من عصر بعد ذلك؛ ففي العصر الفاطمي تم بنائها أيضا على يد الخليفة العزيز بالله .

تطورت الحمامات البلدى بعد ذلك فى العصر العثماني الذي انتشرت فيه بشدة وجود تلك الحمامات، أشهرها على الإطلاق ''حمام الملاطيلي'' الموجود بحي ''باب الشعرية''، والذي يزيد عمره عن 500 عام تقريبا، وحمام ''قلاوون'' وغيرها، وانتشرت الحمامات أيضا فى البلاد الأندلسية بكثرة خاصة فى مدينة ''قرطبة''؛ حيث زاد عدد حمامتها عن 900 حمام شعبي آنذاك وكانت الحمامات ملحقة بالمساجد .

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان