لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"وداد حجاب".. خدعت "عزرائيل" فكرمها "السادات"

09:44 ص الأحد 06 أكتوبر 2013

كتبت - نوريهان سيف الدين:

فتاة "سيناوية" عمرها لم يتجاوز الـ15 عامًا، استيقظت يومًا على احتلال الجيش الإسرائيلي لسيناء، وخرجت من دارها لتجد طيران العدو يلقي بمنشوراته على بيوت البدو يطالبهم بعدم المقاومة مقابل سلامتهم وحياتهم، إلا أنها أبت الاستسلام و اليأس، وقررت وهي الصغيرة عمرًا وخبرة، قررت أن تخدم بلدها بشتى الطرق، لتصبح بعدها عضوة بارزة في "منظمة سيناء العربية".

"وداد حجاب".. المرأة السيناوية المجاهدة، سطرت آية من آيات خلود المرأة المصرية، وضربت مثالاً بارعًا في المكر و الدهاء لمقاومة العدو الإسرائيلي بأراضي سيناء طيلة الفترة منذ حرب 1967، وحتى 1973، ليس في ملابس المقاتلين و بحمل السلاح، ولكن في زي "ملائكة الرحمة"، تحمل الشاش والقطن، وأيضًا "رسائل المجاهدين" المسربة إلى "رجال المخابرات المصرية".

حصار تام .. ضربه الحاكم العسكري الإسرائيلي على مدن سيناء بعد هزينة 67، وكان المواطن "العرايشي" إذا أراد السفر للقاهرة، فإنه يتوجه إلى "غزة" ثم إلى "القدس"، ثم إلى "أريحا"، انتقالاً منها إلى "عمان" بالأردن، ثم ينتقل بالطيران إلى "القاهرة" ومنها إلى سائر أنحاء مصر،، ومن خلال تلك المحطات، تنقلت "وداد"؛ تارة بزي "الممرضة"، وتارة أخرى بزي "المجندة الإسرائيلية".

التمريض في "سلخانة بشرية"

قبيل حرب يونيو، أعدت المدارس طلابها لأساليب المقاومة الشعبية والإسعافات الأولية، وتلقت "وداد" دروس التمريض في مستشفى العريش، وبعد وقوع الهزيمة وامتلاء المستشفيات بالجنود المصريين، توسلت "وداد" لأبيها أن يسمح لها بالذهاب للمستشفى، فوافق بعد ضغط وبكاء منها، وذهبت للمستشفى برفقة 3 فتيات.

"10 أيام وسط سلخانة بشرية".. هكذا عبرت "وداد" عن أيامها في المستشفى العسكري وسط الجرحى والقتلى من الجنود المصريين الذين ملأوا طرقات المستشفى، وكيف كانت القوات الإسرائيلية تقطع عنهم الكهرباء، وتمنع عنهم وصول الإمدادات والأدوية والطعام.

"هلال وصليب بالميكروكروم".. رسمته "وداد" وزميلاتها بالمستشفى، يرمزان لـ"الهلال والصليب الأحمر"، كان بمثابة "راية بيضاء" رفعنها ليستطعن الخروج، وذهبن الممرضات لمنازلهن للاستحمام وتناول الطعام، وقبل معاد "حظر التجوال"؛ عادت لاستكمال العمل بالمستشفى.

"الصليب الأحمر السويسري" والحاكم "عزرائيل"

قافلة سويسرية ضمن "الصليب الأحمر" جاءت للمستشفى، واستطاعت "وداد" أن تحصل على زي إحدى الممرضات من القافلة، وفي هذا الوقتن أرسل الحاكم المجندتين "إيفون" و"يوديت" لتنظيم عمل المستشفى عسكريًا، بعدها قامت "وداد" بزيارة مقر الحاكم العسكري "عزرا - كان البدو يسمونه عزرائيل" لتجديد تصريح التمريض والحصول على راتب، وكانت تقوم بالمرور على المدارس ضمن "الصحة المدرسية"، حتى ليلة اقتحمت فيها القوات الإسرائيلية منازل البدو، ومن ضمنهم "منزل وداد" للتفتيش عن فدائيين ضمن "منظمة سيناء العربية".

الذهاب لـ"الكوافير" لشراء "ورق أبيض"

في عمر الـ19، تعرفت "وداد" على أحد مجاهدي المنظمة، وطلب منها "شراء ورق أبيض" لطباعة المنشورات؛ حيث أنه كان قليلاً في "العريش"، وتكلف الأمر أن تشتريه "وداد" من "غزة"، ولأول مرة؛ ارتدت "وداد" زي المجندات الإسرائيليات، وساعدها اتقانها للعبرية أن تنجح في عبور نقطة التفتيش بحجة "الذهاب لكوافير في غزة"، وعند عودتها و بسؤالها عن الورق قالت "أنا بكتب قصص وخواطر واشتريته عشان أسلي وقتي"، ليكبر بعدها دورها وتوزع بنفسها المنشورات، قبل أن ينكشف أمرها، وتتعرض للتعذيب على أيدي سلطات الاحتلال.

التعذيب بواسطة كلب بـ"شحتة"

ألقي القبض على "وداد"، وتم التحقيق معها عن علاقتها بالمنشورات، ولكنها رفضت الإجابة، مما جعلهم يهددونها بالاغتصاب، فردت عليهم في تحدي "تعرفوا لو مسيتوا شعرة مني إيه هيجرى لكم؟"، مما دفعهم لاستخدام كلب بـ"شحتة/ رتبة"؛ لأن الكلاب لديهم ذات رتب في الشراسة، لكنها كانت تربي كلبًا في بيتها، وتعرف كيف تتجنب إثارته، ولما فقدوا الأمل منها وشعروا بأن لا علاقة لها بالمنشورات أطلقوا سراحها.

رقم "100" وعزاء "عبدالناصر" بـ"30 جنيه"

توفى "عبد الناصر"، وأصرت "وداد" على الذهاب لتقديم واجب العزاء لزوجته في القاهرة، وكان وفد المنظمة يشمل 99 رجلاً، وبانضمام "وداد" أصبحت "رقم 100"، ووافق الحاكم العسكري "عزرا" على سفر الوفد بشرط الذهاب على نفقتهم الخاصة.

وكانت "وداد" قد ادخرت "100 شيكل إسرائيلي" أي ما يقارب "30 جنيه"، وكان مبلغًا كبيرًا وقتها، لتقطع بعدها المسافة من "العريش" إلى "غزة" ثم للقدس وأريحا" ثم إلى "عمان الأردنية"، وبواسطة السفارة المصرية تسافر إلى "القاهرة"، و كان شرط التسفير من الحاكم هو "عدم رفع العلم المصري داخل حدود سيناء وفلسطين".

اللقاء الأول مع "صقور المخابرات"

قضت في القاهرة شهرًا كاملاً، زارت فيه "الأهرامات" لأول مرة في حياتها، وهناك؛ قابلها رجل لا تعرفه، قال لها إنه يعرف الكثير عنها وعن أسرة شقيقتها المتزوجة من ضابط بالجيش والمقيمة بالقاهرة، وطلب منها معلومات بسيطة عن "القاهرة" و أسعار بعض السلع"، لكنها رفضت مبررة ذلك بخوفها الشديد، لتعرف بعده أنها كانت على شفا "التجنيد كعميلة للموساد"، و نجح أحد ضباط المخابرات المصرية في كشف العملية بمساعدتها ومعلوماتها.

خطابات للمخابرات في "بالطو فرو"

في رحلتها، حملت معها قصاصات ورقية صغيرة كانت "جوابات مجاهدي المنظمة للمخابرات"، أخفتها "وداد" في طيات "بالطو فرو" حملته على زراعها طوال الرحلة، وأخبرها رجال المنظمة عن ضابط بالمخابرات سيأتي وسيستلم الجوابات منها.

وتكررت هذه العملية لعامين متصلين، تتضمن معلومات عن الجرحى والمستشفيات والوحدات العسكرية بالعريش، ثم تزوجت واستقرت بالقاهرة، وعملت كمساعدة للإذاعي "عبد الله لبيب" ببرنامج "صوت سيناء" بإذاعة صوت العرب، و كانت تجلب له "بدو سيناء" للتسجيل معه، وخلال عملها استطاعت كشف أحد الجواسيس كان يريد تحرير رسالة معينة عبر الإذاعة لأهله في سيناء؛ فأبلغت عنه رجال المخابرات، ليكشفوه ويقبض عليه بعدها، واستمرت "وداد" بالإذاعة حتى 1980، تعمل مع الإذاعية "سامية صادق" مراسلة للإتيان بأخبار ما بعد الحرب.

تكريم "السادات" و"الفراخ" دخلت مع الإسرائيليين

بعد حرب 1973، كرمها الرئيس "السادات" ومنحها "وسام الدولة" مع أعضاء "منظمة سيناء العربية"، وهي التي صرحت وقالت: "قبل حرب 67 كنا يادوب عايشين، لكن بعد دخول الإسرائيليين دخلت معاهم خدمات كتيرة للعريش وسيناء، لدرجة إن السلع التموينية كنا بناخد تصاريح من الشرطة عشان نشتريها من السويس، وهما اللي دخلولنا الفراخ البيضاء في محلات البيع زي المجمعات الاستهلاكية في القاهرة، والحاكم العسكري كان بيخصص رواتب كبيرة نسبيًا للعاملين في سيناء، ولما سيبت شغلي في "الصليب الأحمر" عشان أتجوز، خصصولي مكافأة نهاية خدمة، بس للأسف كنا عايشين مكسورين لأن الأرض أرضنا واللي بيحكمنا العدو".

 

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة واغتنم الفرصة واكسب 10000 جنيه أسبوعيا، للاشتراك اضغط هنا

 

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان