لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

عم محمود.. أوجاع الوطن على ''فَرشة فاكهة''

11:25 ص السبت 16 نوفمبر 2013

كتب- محمد مهدي:

بين رحيل الليل وبزوغ النهار لحظات، يُلملِم فيها القمر رفقاء الظلام، يُسلم عهدته إلى الشمس التي تنشر أضواء حانيه تجوب في الأنحاء لتُعلن بداية يوم جديد، ومعها تُسمع أصوات حركة حثيثة بداخل إحدى المنازل بحي الظاهر بالسيدة نفيسة، حيث يستعد ''حسين محمود ''بائع الفاكهة، الشهير بـ ''مِزّة''، للذهاب إلى عمله أمام محطة ''سعد زغلول'' بشارع منصور بالقرب من مصلحة الخزانة العامة، ليرص بضاعته، ويبدأ حربه اليومية مع الحياه القاسية، ليظفر بـ''لقمة عيش'' تُكفي أسرته شر الحاجه.

ثورة تشتعل في البلاد لتسقط نظام مبارك، يأتي بعدها مجلس عسكري، ثم رئيس مدني مُنتخب، يُعزل ويأتي رئيس المحكمة الدستورية بدلا منه، تمهيدًا لانتخابات رئاسية قادمة تبدأ فور الانتهاء من دستور جديد للبلاد، أمور باتت تشغل الرجل الأسمر الخمسيني، تنغص عليه يومه، فعدم استقرار البلاد يُخرب حياته، وفساد الحكام وشهوتهم تجاه السلطة رغم قيام ثورة، أفعال طفح بها الكيل، جعلته يخرج عن صمته بطريقة خاصة '' كنت قاعد مع نفسي، وقولت لازم أعمل حاجة كُله بيدور على الكرسي والمصالح، واحنا الغلابة محدش بيدور علينا''.

أنفق الرجل سنوات عمره في عمله كبائع فاكهة، منذ أن ترك مدرسة سلطان مصطفى بالدرب الجديد، في سن مُبكر، وقرر الانضمام إلى مهنة والده وأعمامه، يشهد على ذلك أنهار ''الشقا'' المرسومة على ملامحه، لذا فهو لا يُجيد الهتاف في المظاهرات، ولا علاقة له بفن الجرافيتي، ولا يملك دروب إعلاميه ينفث فيها عن غضبه بما يراه من تطلع الجميع إلى كرسي الحكم، دون النظر إلى المصريين البسطاء ومعانتهم، هنا طرأت له فكرة شرع على الفور في تنفيذها، ليفاجئ به جيرانه من البائعين، بتعليق لافتة أمام بضاعته، مدون عليها ''مصر كلها أحزاب وسياسيين، والغلابة مطحونين!''.

''كل واحد بيمسك البلد همه نفسه والحاشية اللي معاه، واحنا مش في الحسبان''، زفرها عم محمود، متمنيًا أن تسير الأمور بشكل جيد في الفترة القادمة، ويأتي للبلاد رئيس ''بحق وحقيقي''، يفكر في الوطن قبل أن يفكر في عشيرته، يوجه نظره نحو المهمشين والمطحونين في دروب المحروسة، يرتب الأوضاع سريعا ويُنهي أعمال السلب والنهب، ويطبق رقابة صارمة في شتى المجالات على رأسها أسعار الخضروات والفاكهة، حتى لا يُذبح يوميا بأسعار البضاعة التي يأتيها بها كل ليله من سوق العبور ''لو في رقابة وحزم في الأسعار، الدنيا تتظبط''.

يتحمل الرجل يوميًا سيل من الأسئلة من العابرين، عن سر فعلته، ومغزاها، وتدور أمام ''فَرشة الفاكهة'' الخاصة به، مناقشات واسعة عن أمور السياسية، أحيانا يتلقى تقدير على فكرته، وتارة آخري سُخرية، لكنه يرى أنه قام بما كان يجب فعله، وما يراه في استطاعته، وعبر عن رأيه باحترام ''أنا مكتبتش حاجة غلط، بعبر عن رأيي وبقول الواقع بس''.

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ... اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان