لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

أصحاب "الرزق" في أول جمعة بعد "الحظر".. تنهيدة أمل و"مش فارق"

12:56 م الأحد 17 نوفمبر 2013

كتبت - إشراق أحمد ويسرا سلامة:

أوشكت عقارب الساعة أن تقترب من السابعة مساءً، تتسارع الخطوات؛ منها مَن همت في طريقها قبل ذلك بساعة أو أكثر ، ومَن أجبرتها الظروف على التأخر، وثالثة تمسكت بساعة سعي إضافية للرزق، ورابعة لم تعبأ بعقارب الساعة طالما الشارع الجانبي يحتضن وجودها فلا ضير.

هكذا كان حال أيام الجمعة من كل أسبوع منذ ثلاثة أشهر بعد عودة إعلان حالة الطوارئ وفرض حظر التجول، الذي كان يبدأ مبكرًا في ذلك اليوم عن غيرها التي يبدأ فيها مع منتصف الليل، لم يكن يعبأ الموظفون وأصحاب المهن التي تتخذ من هذا اليوم عطلة رسمية بميعاد حظر التجول، لكن بطرقات القاهرة كان آخرون يعبأون.

فالشارع ليسوا فيه عابري سبيل للوصول إلى وجهاتهم مستقلين "المواصلات"، لكن كأصحاب مكان اتخذوا منه مصدر رزقهم لسنوات، يتعاملون فيه مع أطياف من البشر يحتاجون إلى بضاعتهم، التي يدعون ربهم يوميًا ألا تكون مزجاة.

"الأرزقية" وأصحاب المحال في الجمعة الأولى بعد قرار رفع الحظر مر عليهم الوقت لم ينظروا فيه إلى ساعاتهم، ومع ذلك اختلفت أحوالهم بالطرقات بعد "الحظر".

بعد الحظر.. "عشرة على عشرة"

تجلس "أم آية" خلف ما تبيعه من زيتون وليمون في الشارع المؤدي لميدان "السيدة زينب"، تتمنى أن يرزقها الله في هذا اليوم، وقد انفرجت أساريرها بعد رحيل "حظر التجول" إلى غير رجعة، ما لم يحدث جديد بالأمور خاصةً فى يوم الجمعة الذى كان "نص يوم" لها "الناس كانت بتخاف تنزل أو تشترى فى يوم الجمعة بسبب الحظر".

السيدة التي لم تتجاوز الثلاثين من عمرها، كانت كل جمعة لمدة ثلاثة أشهر تهرول قبيل بدء ساعات الحظر، تتمنى اللحاق بإحدى المواصلات التي تقلها إلى باب الشعرية حيث تسكن.

خشية الناس من الزحام والتدافع، وعدم اللحاق بالمواصلات يوم الجمعة كانت السبب الأبرز كما تراه "أم آية" في "خفة الرِجل"، بذلك اليوم وبالتالي قلة البيع، "ربنا يهدي البلد".. قالتها "أم آية" مطلقة تنهيدة أمل في أن يسير "أكل العيش" كما تتمنى.

بنفس هادئة جلس "فتحي" في إحدى أركان مطعمه الكائن بمنطقة السيدة زينب، لم يعد يعبأ لساعات يوم الجمعة التي كانت تزداد سرعة مرورها مع حسابه لها، احترازًا من تخطي الوقت للساعة السابعة؛ حيث ميعاد الحظر.

أما في تلك الجمعة، الوضع اختلف وبدأت ملامحه باليوم السابق الذي غادر فيه مطعمه بعد الثانية عشر من منتصف الليل، بينما بالسابق كان يغادر قبل ساعة من ذلك الوقت قبل أن تدق ساعة الحظر.

7 أكمنة أمنية يضطر الرجل الخمسيني المرور عليها وصولًا إلى شبرا؛ حيث يسكن، تحولت رجالها من أفراد الجيش إلى الشرطة على حد قول "فتحي"، لن يضطر أن يبتعد سالكًا الشوارع الجانبية مع دقات الساعة السابعة، في أول جمعة بعد رفع الحظر، كما لن يقف مكتوفي الأيدي أمام كلمات سائقي سيارات "التاكسي" برفض نقله إلى وجهته، إذا ما أجبرته الظروف على مغادرة عمله قبل نصف ساعة من ميعاد بدء الحظر.

"مستعجل على إيه لسه بدري أطلب لنا شاي".. كلمات تذكرها الرجل عن سائق التاكسي ليلة أول جمعة ما بعد "الحظر"، واصفًا الحال بأنه أصبح "عشرة على عشرة".

أيام " الحظر" الأولى هي الأصعب على "فتحي"؛ حيث كان الوضع "في شد والناس هايبة الموضوع" على حد قوله، ورغم أن مطعمه لم يغلق أبوابه يومًا حتى في أوقات الحظر سواء الثلاثة أشهر الماضية أو في يناير 2011، وإن كان الأمر حماية وأمان أكثر من عمل من مبدأ "نحرس المحل بعماله مش مهم البيع والشراء"، غير أن أسارير الرجل الخمسيني تهللت بتأكيد عودة زبائن المناطق البعيدة كمصر الجديدة ومدينة نصر، التي منعها "الحظر" أو قلل من ترددها على المطعم أو عمل طلبات توصيل للمنازل.

الحظر "أحسن"

خلف سواد حبات الزيتون التي تُدر عليه جنيهات زرق يومه كان "حارس"، استهل سعيه على "أكل العيش" بعد صلاة ظهر الجمعة قادمًا من منطقة "دار السلام"؛ حيث يسكن إلى السيدة زينب؛ حيث يعمل منذ خمس سنوات.

لم تختلف تلك الجمعة عن سابقتها بالنسبة لـ"حارس": "والله قبل الحظر زي بعد الحظر الصراحة البلد كلها في ارتباك"، لكنه لم يلبث حتى يفاجئك بقوله المخالف لكثير من "الأرزقية" كما يطلق عليهم "بس الحظر أحسن"؛ فالشاب الثلاثيني لا يجد كغيره أن "الحظر" أثر على الرزق "محصلش أن الحظر أثر على الرزق ربنا هو اللي بيرزق ".

ذكرى حادث سرقة تعرض له قبل فرض الحظر ما زالت تطارد وتدفعه لليقين بأن الأمان يكون مع "الحظر"؛ حيث قام اثنان بتوقيفه أثناء عودته لمنزله بعد يوم طويل من العمل وحاولوا سرقته، لولا أن ضرب أحدهما بـ"الميزان"؛ فتركوه بعد أن تسببوا في جرح برأسه بـ"مطواة"، لكنه مع ذلك لا يتذكر الحادث إلا ساخرًا، رافضًا التعبير عنه بأن "تثبيت"؛ حيث قال "أنا اللي ثبتهم دول جريوا بعض ما ضربوني".

فرفع الحظر بالنسبة للشاب العشريني يعني عودة البلطجية والسارقين بينما أيام الحظر "ولا كان يقابلني أي حد"، على حد قوله.

الحظر "مش فارق"

"في حظر مفيش حظر مش فارقة كتير".. هكذا عبر "سعيد" عن حاله ورفيقه الجالس جواره" حسين" بعد إلغاء حظر التجول؛ فأحوال البيع والشراء والحركة لا تختلف معهما كثيرًا.

يعمل كلًا من "سعيد" و "حسين" خلف عربة حلويات شرقية في السيدة زينب، يجلسا خلفها طوال ساعات اليوم حتى تنفذ "صواني" الحلوى المختلفة، ورغم قدوم "سعيد" من الشرقية، و"حسين" من الوادى الجديد، غير أن كلًا وجدا أن السكن قرب مكان عملهم بالسيدة زينب سهل العمل أيام الحظر لذلك لم يكن هناك فارق كبير.

"مفيش أي حاجة بتحصل في الأيام العادية، لإننا كده كده بنقفل الساعة عشرة، حتى لو مبعناش كل الحلويات".. هكذا قال "سعيد"؛ فرفع حظر التجول من عدمه لم يؤثر معه كثيرًا.

"زينهم" وقف مبتسمًا خلف المائدة الرخام، انتظارًا للاستقبال الزبائن وتقديم كوب "عصير قصب" يروي ظمأ المارة، أيام "الحظر" بالنسبة له لا يختلف حالها عن غيرها منذ ثورة 25 يناير"والله مفيش شغل من بعد الثورة، مفيش قبول زي الأول".

حتى أن أيام الجمعة في "الحظر" لم تشكل أي اختلاف خاصة مع سكنه القريب من محله بالمنطقة التي لازمها منذ 30 عامًا؛ فهي بالنسبة له "هنا آمان، على عكس بعض أصاحب المحلات التي يجبرها سكنها البعيد إلى الغلق مبكرًا عن العادة في ذلك اليوم.

"ربنا يصلح حال البلد ده كل اللي عايزينه".. قالها الرجل الستيني غير مكترث بأنباء فرض "الحظر" أو رفعه طالمًا أن كان من شأنه استقرار الأوضاع.

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان