''رضا''.. ضحية ''الداخلية والصحة'' لكن ''أنا قوي البصيرة''
كتبت - دعاء الفولي:
المشهد لم يغيب عنه، ينسى جزءًا منه ويذكر الجزء الأكبر، يتذكر الدماء التي تدفقت على وجهه، وذلك العسكري الذي خرج فجأة من مدرعة الأمن المركزي، وفي لحظة وجه البندقية ناحيته، ولا يعرف شيئًا آخر عن المشهد سوى أن الألم لم يتركه من وقتها، وأن النور ذهب ولم يعد.
مثلما أن أحداث ''محمد محمود'' الأولى عام 2011، اعتبرها البعض الموجة الثانية للثورة، فقد اعتبرها آخرون، أكثر الأحداث التي فقد فيها شباب أعينهم، على يد قوات الشرطة المصرية، ومنهم ''رضا عبد العزيز'' الذي فقد عينيه الاثنتين.
حدثت إصابة ''رضا'' في اليوم الثاني من الأحداث؛ حيث اخترق الرصاص الخرطوش عينيه، وعلى إثر الإصابة، تم نقله لمستشفى ''الدمرداش'' ليكتشف الأطباء أن ''شبكية'' العين اليسرى تهتكت، واليمنى حالتها سيئة وإن لم تكن بنفس سوء اليسرى.
''قعدت في الدمرداش حوالي شهر قبل ما أسافر ألمانيا أكمل العلاج''، قالها ''رضا''، مضيفًا أن العلاج تكفلت به بالكامل الطبيبة ''هبة السويدي''، ولكن بعد سفره للخارج اكتشف ''رضا'' ما لم يكن يتوقعه.
''الدكاتره قالولي في ألمانيا إن عيني اليمين اتصفت تمامًا، لأن الدكاترة في مصر أخطأوا في العملية''، قالها ''رضا''، موضحًا أن من قام بإجراء العملية بمستشفى الدمرداش، طبيب يدعى ''محسن السمكري''، ومتابعًا أنه عاد من ألمانيا كفيف بشكل تام دون أمل في علاج.
عندما فقد عينيه، كان ''رضا'' طالبًا في السنة الأولى بالكلية الحربية، وبعد ما حدث، توقف عن الكلية وعن كل شيء آخر، وأصبح ممنوع من الكثير مما اعتاد عليه ''مبعرفش آكل لوحدي، ولا أعمل حاجة لوحدي، حاجة صعبة جدًا''.
لم يذهب ''رضا'' لأي مستشفى منذ هذا الحين ''حد الله ما بيني وبين أي مستشفى مصرية''، مضيفًا أنه بعد عامين من فقد بصره، يرى أن وزارة الداخلية فقأت عينيه ووزارة الصحة أتلفت الباقي منها.
لم يفوت الشاب العشريني حدثًا قبل ''محمد محمود''، إلا وكان مشاركًا فيه؛ فمن ثورة يناير، إلى اعتصام 9 مارس وما بعده، ولكن لم يشعر بالإهانة قدر ما رأى في فض اعتصام ''9 مارس''؛ حيث قال ''كشوفات العذرية كانت شيء صعب، ومكنتش عارف أعمل حاجة للبنات، ولما حاولت أدافع عن بنت..اتضربت من ضباط جيش''.
في الذكرى الثانية للأحداث، لن يضيع ''رضا'' فرصة النزول ''أنا هاروح عند المكان اللي اتصبت فيه من الشارع''، وإن كان فاقدًا للبصر لكنه ''أنا قوي البصيرة''، احتفال وزارة الداخلية بذكرى ''محمد محمود'' أمرًا جعل ''رضا'' يسخر من الفكرة ''ده كلام فاضي ولعب عيال''.
حزن ''رضا'' على عدم معاقبة المتسببين في إصابته ومن مثله، أكبر من حزنه على عينيه؛ فقد طالب باستقلال الحكومة الحالية ومحاكمة المتهمين، بداية من وزير الداخلية ''منصور العيسوي'' وانتهاءً بالمشير''طنطاوي'' والفريق ''عنان''، موضحًا أنه لن يرتاح إلا إذا ''اهتم مسئول في الدولة بحال المصابين وأهالي الشهداء وسمع لهم بجد''.
أما عن الثورة ومطالبها، فيعتقد ''رضا'' أنه لن يرضى فعلًا إلا إذا تحققت الحرية والعدالة اللتان خرج من أجلهما في البداية، ولن يهدأ له بال إلا ''لما أضمن مستقبل ولادي فيها، إن ابني هيعرف يتعالج وهيعرف يلاقي دكة يقعد عليها..وإنه مش هيتبهدل زييّ''.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة..للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: