لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

''أم حسن'' سيدة طعام ''محمد محمود''.. وما ''الرزق'' إلا مغامرة

08:36 م الثلاثاء 19 نوفمبر 2013

كتبت - إشراق أحمد:

تتسارع الخطوات بين كر وفر، دوي طلقات الرصاص، قنابل غاز مسيل للدموع شكّل سحابة ضبابية تحتضن جموع المتظاهرين بشارع ''محمد محمود''، يسقط مصاب أو قتيل؛ فيتراجع به البعض للمستشفى الميداني بمسجد ''عباد الرحمن''.

بينما كان هذا اتخذت مكانها على ناصية الشارع خلف مائدة تمتد لها يدها على وعاء فوق لهيب موقد مرة ببعض حبات ''الفول''، وأخرى بأصابع البطاطس النيئة، وثالثة بتجهيز شطيرة ''ساندوتش'' أو أكثر مما تخرجه من ''المقلاة''.

''أم حسن''؛ عصبت رأسها، وشمرت عن ساعديها، وفي المكان ذاته قبل منتصف شارع ''محمد محمود''، وقفت خلف مائدتها الخشبية بين جموع قصدت الشارع منذ الصباح الباكر، لإحياء الذكرى الثانية للأحداث التي وقعت بالشارع على مدار عامين متتاليين.

''أنا مبخفش من الموت''، قالتها ''أم حسن'' بينما حملت ابنتها الصغرى عن أبنائها الست بإحدى يديها وبالأخرى وقفت تُقلب أصابع البطاطس التي ألقتها لتوها في ''المقلاة''؛ فالسيدة الثلاثينية التي تعمل في شارع محمد محمود منذ 20 عامًا، على حد قولها، لم تغادر الميدان منذ ثورة 25 يناير مرورًا بأحداث ''محمد محمود'' الأولى، وإن كان مكانها جانب الشارع وليس واجهته.

19 نوفمبر 2012 كانت ''أم حسن'' مع موعد للخروج على الطريق، لا تقوم بشيء سوى إعداد شطائر ''الفلافل'' والبطاطس، غير عابئة للاشتباك الذي يحدث على بعد خطوات، بل تلتزم الثبات مع مرات فر المتظاهرين لأول الشارع ''بقف مكاني مبتحركش''.

ورغم أن عمل ابنة منطقة السيدة زينب ما هو إلا مساعدة لزوجها عامل النظافة لإعالة أبنائهم الست، غير أن كسب المال ليس دافعًا لها للحرص على العمل وقت الاشتباك، فما كانت تحصده لا يعادل وقت التظاهرات والمليونيات، بل حب المغامرة هو يبقيها في مكانها هذا في وقت فرار الكثير، على حد تعبيرها.

تلك الأوقات التي لا ينقطع فيها عمل ''أم حسن'' عرفتها على نوع جديد من الزبائن؛ فما كان يتردد ليس المتظاهرين فقط أوقات '' استراحة الاشتباك'' بل المتفرجين هم أكثر من يزيد رزق السيدة في ذلك الوقت ''ببيع للناس اللي بتيجي تتفرج على اللي بيموت''.

''أغمى علىّ مرة وشالوني ورجعت تاني أبيع بعد ما فوقت''، تحدثت السيدة الثلاثينية عن ما تعرضت له العام الماضي في ذكرى أحداث ''محمد محمود'' الأولى، متذكرًة الغاز المسيل للدموع، الذي زكم الأنوف والأنفاس؛ فهو أكثر ما تحمله كذكرى عن تلك الأيام التي كلما نظرت لابنتها الصغرى ''سلمى'' عادت مشاهدها.

في الشهر الثالث كان عمر ''سلمى'' داخل رحم ''أم حسن'' وقت الاشتباك في ''محمد محمود''، لم تعلم أن وقوفها في قلب إطلاق '' الغاز''، الذي لم تعبأ له سوى بوضع الكمامة على أنفها ستدفع ثمنه بعد ذلك؛ فمرت ستة أشهر أخرى، ووضعت ابنتها مريضة بالتهاب الكبد الوبائي ''فيروس سي''؛ ليخبرها الطبيب أنه جراء ما تعرضت له أثناء حملها من ''الغاز''.

سنوات مرت على ''أم حسن'' وسط جموع تهتف ''عيش ..حرية.. عدالة اجتماعية'' لا تهتم بإبداء رأيها تأييدًا أو معارضةً، فقط تقليب ما بداخل ''مقلاتها'' وتمنى بأن ''حال البلد يتعدل'' ورغبة واحدة تعمل عليها ''200 جنيه عشان أعمل أشّعة لبنتي''.

 

لمتابعة أهم  وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ... اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان