''هتلر والجنرال والرجل الأحمر ومرسي''.. رؤساء في قفص الاتهام
كتبت - نوريهان سيف الدين:
ليست المرة الأولى التي يرى فيها المصريون والعالم ''رئيسًا خلف القضبان''؛ يحاكم بعد نزعه عن كرسي السلطة، قصة طويلة بدأت في منتصف القرن الماضي مع نهاية ''الحرب العالمية الثانية'' بسقوط ''الرايخ الثالث''، وهزيمة ''النازية''، وتقديم ''هتلر وأعضاء الحزب النازي'' للمحاكمة، فيما عرف بـ''محاكمات نورمبرج''، وتستكمل فصولها هذه الأيام بانضمام بطل جديد، لكن مسرح الأحداث هنا ''مصر''، وتحديدًا داخل أكاديمية الشرطة بالتجمع الخامس.
تشاوشيسكو.. إعدام ''الملك الأحمر''
الفصل الأول جاء ببطولة الديكتاتور ''نيكولاي شاوشيسكو''، الرئيس الروماني في ثمانينات القرن الماضي، وزعيم الحزب الشيوعي برومانيا، قبضته الحديدية سيطرت على البلاد، وكان حكمًا من الحديد والنار منذ توليه السلطة في 1974، وهذا ما دفع الشعب الروماني للقيام بثورة ضده في 1989، والتي استمرت أسبوعًا كاملاً في مواجهات بين الجماهير الغاضبة بالعاصمة ''بوخارست'' و قوات الأمن، لتنجح في الإطاحة بـ''الرجل الأحمر'' وعزه وتقديمه للمحاكمة، بعد أن انضم الجيش للشعب.
تقضي المحكمة بإعدام ''تشاوشيسكو'' وزوجته رميًا بالرصاص، وينفذ الحكم وسط فرحة شعبية عارمة، إلا أن الأمور لا تستتب طويلاً للشعب الروماني، ويلتف النظام القديم ''فلول تشاوشيسكو'' من جديد ليسيطروا على مقاليد الحكم تحت اسم ''جبهة الخلاص الوطني'' أو ''جبهة الإنقاذ الوطني''، وتنتهي الثورة بعد عامين بوصول الجيش الروماني مرة أخرى لسدة الحكم.
''ميلوسوفيتش''.. سنوات الحكم والدم
''سلوبودان ميلوسوفيتش'' رئيس صربيا ويوغوسلافيا في العقد الأخير من القرن الماضي (1989-2000)، سنوات من القمع عاشتها البلاد في عهده، وعلى غرار رؤساء دول منطقة البلقات وجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق، سار ''ميلوسوفيتش'' على نفس النهج، لتتكون ضده عريضة من الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، ويقتاد للمحاكمة الجنائية الدولية، بعد أن أسقط عن الحكم في أكتوبر 2000 بواسطة إحدى حركات الكفاح الشبابية السلمية.
عام 2001 في ''لاهاي''، كان ''ميلوسوفيتش'' يسخر ويجادل قضاة التحقيق والمحاكمة ولا يعترف بشرعية تلك المحاكمة، رافضًا توكيل هيئة دفاع عنه تتولى قضيته، وتنقل كثيرًا بين مكان احتجازه ومستشفى السجن ومقر محاكمته، وبعد خمس سنوات من المحاكمة، عثر على ''ميلوسوفيتش'' منتحرًا أو مقتولاً في مكان اعتقاله بمقر المحكمة بـ''لاهاي/هولندا''.
''بينوتشيه''.. انقلاب بطعم ''أمريكي''
في أقصى الأرض حيث تقع ''تشيلي''، كانت ''الرأسمالية'' مهيمنة على السياسة في المنطقة اللاتينية، وهو ما جعل ''الولايات المتحدة'' تتبنى هؤلاء الحكام وتغض الطرف عن ممارساتهم القمعية ضد شعوبهم، إلى أن أجريت انتخابات حرة بدولة ''تشيلي'' جاء خلالها ''سلفادور إليندي'' للحكم في 1970، ليتبنى سياسة ''اشتراكية'' مناقضة لما ترسمه أمريكا في المنطقة.
يظهر الجنرال العسكري ''أوغستو بينوتشيه'' بدفع من أمريكا ليقود ثورته من فوق الدبابات، محاصرًا قصر الرئاسة في العاصمة سانتياجو، مطالبا ''إليندي'' بالاستسلام وترك الحكم، إلا أن ''إليندي'' رفض متمسكًا بشرعيته الانتخابية، فما كان من ''بينوتشيه'' إلا أن قتله داخل القصر، ليتولى مقاليد السلطة، حاكمًا للبلاد بسياسة تميزت بالشدة والمطاردات الأمنية والتصفيات الجسدية لمعارضيه طوال 27 عامًا، أوقف فيها الدستور وألغى الكونجرس التشيلي والأحزاب.
''ثورة شعبية'' أطاحت بالجنرال الديكتاتور، بعد رفض البرلمان إقرار دستور يسمح لـ''بينوتشيه'' الحكم مدى حياته، وأثناء سفره للعلاج بإنجلترا، ألقي القبض عليه بتفويض قضائي أسباني في 2002، وقضى عامًا كاملا قيد الاعتقال ليعود بعدها إلى ''تشيلي'' بعد قرار المحكمة بأنه يعاني من ''الخرف والعته'' لذا لا يمكن محاكمته، قبل أن تستأنف المحاكمة من جديد في 2004 بتهم ضد الإنسانية.
''فيجوموري''.. والسجن 6 سنوات
أستاذ أكاديمي ورئيس كلية العلوم الطبيعية ثم عمادة الجامعة قبل أن يترشح للرئاسة، 10 سنوات على سدة الحكم في ''بيرو'' انتهت بتنحية برلمانية، واتهامات بالفساد وانتهاك حقوق الإنسان، لتنتهي مسيرة الرئيس البيروفي السابق ''ألبرتو فيجوموري'' بحكم بالسجن 6 سنوات.
تشارليز تيلور.. زعيم الحرب
منذ بداية حكمه في 1997 وحتى استقالته في 2000، شهدت ''ليبيريا'' في عهده مزيدًا من الدماء واشتعال الحرب الأهلية، وصارت من أكثر الدول الافريقية تخضبًا بدماء الاقتتال الداخلي والحرب مع ''سيراليون''.
إدانة من ''المحكمة الخاصة'' بـ''سيراليون'' تتهم فيه ''تشارليز تيلور- الرئيس الليبيري السابق'' بارتكاب جرائم حرب وأعمال ضد الإنسانية، ويصبح أول رئيس أفريقي يمثل للمحاكمة أمام الجنائية الدولية، وأول رئيس دولة يدان منذ محاكمات ''هتلر والحزب النازي'' عقب الهزيمة في الحرب العالمية الثانية.
''نورويجا''.. التهمة '' غسيل أموال''
انتهت حياة العسكري البنمي ورئيس بنما في الفترة من 1983 وحتى 1990 بالسجن، بعد قيام الولايات المتحدة بغزو بنما، والذي بدأ في ديسمبر من عام 1989، واستسلم للقوات الأمريكية في 3 يناير 1990، وحوكم في الولايات المتحدة بتهم الإتجار بالمخدرات والابتزاز وغسيل الأموال، وحكم عليه بالسجن 20 عامًا، وسجن فيها، وبعد انقضاء مدة سجنه سلم في 27 أبريل 2010 إلى فرنسا التي كانت قد حاكمته غيابيًا في عام 1999 بتهمه غسيل الأموال.
''كتساف'' وفضيحة لإسرائيل بسبب ''النساء''
رغم أن نظام الحكم ينص على أن رئيس الوزراء هو المتصرف الفعلي في الشأن الإسرائيلي، إلا أن هذا لم يمنع أن تهز إسرائيل فضيحة الرئيس الأسبق ''موشيه كتساف''، بعد توجيه اتهامات إليه من قبل الشرطة الإسرائيلية بـ''التحرش'' بموظفات الديوان الرئاسي، مما دفع ''كتساف'' للاستقالة في 2007، بعد سبع سنوات من توليه منصبه، ويقدم للمحاكمة بنفس التهمة.
صدام حسين.. أمريكا تحاكم ''مهيب الركن''
رغم ما تردد حوله بإنه ''صنيعة أمريكية'' وذراعها لمحاربة الثورة الإيرانية الخومينية، إلا أنه أظهر تقدمًا أسرع مما ينبغي، ووظف السلاح الذي أمدته به الولايات المتحدة ليبارزها به أحيانًا، مما استدعى أن تتكالب عليه أمريكا وحلفائها، وتوجه إليه اتهامات باقتناء سلاح نووي، والقيام بأعمال ضد الإنسانية وإبادات جماعية، واتهام نظامه برعاية الإرهاب في المنطقة.
''أحداث 11 سبتمبر''.. كانت الشرارة لينطلق المارد الأمريكي ويطيح بنظام ''القاعدة وحكم طالبان'' في أفغانستان، ثم يستدير ليغزوا العراق في مارس 2003، ويسقط نظام ''صدام'' ويلقي القبض على رجاله، ويختفي بعضهم ويقتل آخرون، إلى أن ''مهيب الركن'' - كما اشتهر في حرب الكويت - اختفى لأكثر من عام، قبل أن يعثر عليه في أحد المخابئ، ويقدم للمحاكمة، ويعاقب بالإعدام شنقًا في قضايا ''الدجيل'' وجرائم ضد الإنسانية.
''مبارك'' و''بن علي'' و''مرسي''.. نتائج ''الربيع العربي''
ثورات انطلقت في ربوع الأقطار العربية أطاحت بالتونسي ''بن علي'' ليهرب بعدها للمملكة السعودية، ثم تطيع بـ''مبارك'' بعد 18 يومًا من الثورة بالميادين، ويقدم الإثنان للمحاكمة، ''مبارك'' يمثل أمام هيئة القضاء لينكر الاتهامات وتتلاشى واحدة تلو الأخرى لتتبقى ''قضية قتل المتظاهرين''، التي يسجن فيها سجنًا مؤبدًا، أما ''بن علي'' فيحاكم غيابيًا في تونس، نظرًا لهروبه خارج البلاد، و يحكم عليه بالسجن 15 عامًا.
وبعد الإطاحة بأول رئيس منتخب محمد مرسي، يقدم للمحاكمة في أحداث ''الاتحادية'' وغيرها من الاتهامات، ويحبس الشعب المصري أنفاسه في انتظار فصل جديد من فصول ''محاكمة الرؤساء''.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة..للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: