إعلان

جميلة بوحيرد.. من ''الزنزانة 90'' إلى ثورة ''المليون شهيد''

07:06 م الثلاثاء 05 نوفمبر 2013

كتبت - نوريهان سيف الدين:

زهرة جزائرية جميلة، قاومت أقدام الاستعمار، وقادت وأبناء شعبها ثورة المليون شهيد، عاشت مرفوعة الرأس تطوف بلدان عربية عديدة، تشد من أزر قادة المقاومة في كل مكان، ورفضت أن تأخذ أكثر من حقها في التكريم، قائلة إن هناك شهداء أفضل منها في تاريخ النضال الجزائري، وانزوت قليلًا عن الأضواء، حتى رحلت الزهرة الجبلية الجزائرية ''جميلة بو حيرد''.

لوالد جزائري وأم تونسية ولدت ''جميلة بو حيرد'' بحي ''القصبة'' بمدينة وهران الثائرة عام 1935، تأثير قوي للأب، زرع داخل ''جميلة'' أنها جزائرية عربية، استكملت دراستها والتحقت بمعهد لتعليم الخياطة والتفصيل، وعشقت هوايات ''الرقص الكلاسيكي'' و ''ركوب الخيل''، وعند اندلاع ''الثورة الجزائرية 1954'' شاركت ''جميلة''، منضمة لـ''جبهة التحرير الوطنية الجزائرية'' لمقاومة الاحتلال وعمرها لا يتجاوز العشرين ربيعًا.

مناهضة الوجود الفرنسي بدأت مع ''جميلة'' في سن صغيرة، حينما وقفت تلك الطفلة ترفض تحية العلم الفرنسي بمدرستها؛ فما كان من الناظر الفرنسي إلا أن أخرجها من أرض ''الطابور'' وعاقبها، مطالبًا إياها أن تردد التحية الفرنسية، فلم تقول أكثر من ''الجزائر أُمنا''.

''الانضمام للفدائيين وزرع القنابل''.. تهم جعلت اسم ''جميلة'' هو الأول على قوائم المطلوبين لدى السلطات العسكرية الفرنسية بالجزائر، وألقي القبض عليها بعد 3 سنوات من العمل الثوري عام 1957، وبداخل ''الزنزانة 90'' داخل المعتقل تعرضت للتعذيب لكي تعترف على زملائها، وقدمت للمحاكمة وهي مصابة بـ''رصاصة بالكتف''، وحكم عليها بالإعدام، لكن الرأي العام العالمي تحرك ليوقف تنفيذ هذا الحكم، وتحركت مظاهرات في الجزائر وفرنسا للتضامن مع ''جميلة''؛ فخفف الحكم للسجن مدى الحياة، ونقلت ''جميلة'' لفرنسا لتمضية فترة السجن هناك، حتى عادت مطلع الستينات.

''الزواج من محامي الشيطان''.. لم يتخيل أحدًا أن الفتاة المسلمة العربية الجزائرية المناضلة ضد الاستعمار الفرنسي سيدافع عنها ''فيرجيس جاك''، المحامي الفرنسي، المدافع عن قضايا مقاومي الاستعمار، هذا المحامي الشيوعي الذي أعلن إسلامه واتخذ من ''يوسف'' اسمًا له، وتزوج من ''جميلة'' بعد خروجها من المعتقل، وتحرر الجزائر ونيل استقلالها، واكتسب شهرة دولية واسعة بعد دفاعه عن شخصيات شهيرة متعددة الانتماءات، وعاشا معًا فترة حتى أنجبت ثم انفصلت عنه وعاشت دون زواج، إلى أن توفي ''يوسف'' في منتصف أغسطس الماضي.

طافت ''جميلة'' الأقطار العربية بعد تحرر الجزائر، وصارت رمزًا للصمود النسائي العربي؛ فكانت ''مصر'' أول محطاتها، والتقت بالرئيس ''جمال عبد الناصر''، واستقبلها وفد ثقافي وفني وشعبي على رأسه ''العندليب عبد الحليم حافظ''، واستلهمت قصتها في أحداث فيلم سينمائي يحكي قصة ثورة شعب الجزائر بعنوان ''جميلة'' بطولة ماجدة الصباحي وإخراج يوسف شاهين.

لم يقتصر دورها على الدعاية للثورة الجزائرية فحسب، بل زارت ''لبنان'' بعد الحرب الإسرائيلية عليها ثمانينات القرن الماضي، كما زارت بغداد في فترة التسعينات أثناء التصريحات الأمريكية ضدها والغارات الأمريكية عليها، ومرض الجسد، وعانت ''جميلة'' في صمت، رافضة تلقي مساعدات، مكتفية بقول: ''هناك مليون جزائري قدموا أرواحهم، وهم أولى بالتقدير مني''.

 

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة..للاشتراك...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان