إعلان

8 ثورات للمصريين على حكامهم.. من ''الوالي'' إلى ''مرسي''

12:16 م الأربعاء 06 نوفمبر 2013

كتبت - نوريهان سيف الدين:

شعب على الرغم من عشقه للأرض والاستقرار، للهدوء والراحة والسلام، إلا أنه ينتفض إذا أحس بخطر يداهمه، وعلى مدار تاريخه الحديث شن عدة ثورات للمطالبة بحقوقه المشروعة، ما بين الوقوف أمام ''احتلال فرنسي'' يدك مقاومة الأزهر والشباب، وبين ''ثورة على الوالي'' و خلعه في ''يومين''، و''هوجة'' أمام القصر، و''ثورة 19'' و''توكيلات'' تفويض الزعماء للحديث بلسان الأمة، و''انقلاب عسكري'' دعمه الشعب وأيده منذ ساعاته الأولى، و''ثورة 18 يوم ضد مبار'' ومؤخرًا ''30 يونيو''.

ثورة القاهرة الأولى .. 3 شهور انتهت بـ''الإعدام''

ربما هي الثورة الأولى في مصر الحديثة، تلك التي قادها ''أهالي مصر المحروسة'' ضد قادة جيش ''بونابرته'' الفرنساوية الغزاة، بعد أن أجبروا الأهالي على دفع ضرائب باهظة، وأجبروهم على خلع أبواب الحارات التي تغلق ليلاً ليتمكنوا من مطاردة المقاومين المحتمين بالحارات المحصنة المغلقة، وإعدام كل من يتجرأ على مخالفة أوامر ''ساري عسكر'' قائد الحملة.

الثورة اندلعت في 20 أكتوبر 1798، واستمرت حتى الأيام الخمسة الأولى من ديسمبر، وفيها أبلى رجال ''المحروسة'' بلاءً حسنًا على الرغم من أسلحتهم البدائية واعتماد أكثرهم على ''الأسلحة البيضاء'' والسيوف و''الشوم والنبابيت''، وعاثت الخيول في أروقة ''الأزهر الشريف، ولطخت مصاحف الطلاب بالدماء بعد محاولتهم الحفاظ على ''حُرمة'' الأزهر وكرامة ''المحروسة''.

الثورة قادها شيوخ ورجال الأزهر وشباب ورجال ''المحروسة''، وقام التجار بتمويل شراء صلب صناعة السيوف والمتاريس الخشبية لسد مداخل ومخارج الحارات، وسقط عدد كبير من المصريين قتلى، واستطاع الرجال قتل ''جنرال ديبويه - ساري عسكر المحروسة''.

اغتيلت الثورة بالقبض على شيوخ ورجال الأزهر وشباب المقاومة، وإعدام 6 منهم، ونفذ الحكم في ''القلعة'' بعد أن اقتيدوا وسط صراخ النساء وغلبة الرجال، وضربت أعناقهم بالسيف، ولم يتسلم الأهالي جثامين الشيوخ.

ثورة القاهرة الثانية .. نبابيت ''المحروسة'' أمام مدافع ''كليبر''

بعد عامين، اندلعت ثورة القاهرة الثانية في 20 مارس 1800 واستمرت شهرًا، استطاع فيها أهالي المحروسة تحقيق تقدم نسبي على جيش ''الفرنساوية'' والذي قاده ''ساري عسكر كليبر'' بعد رحيل ''نابليون''، واستخدم الأهالي أسلحة جديدة وصنعوا بأنفسهم البارود وثقالات ''المدافع''، وتحولت الجمالية والخرنفش وبيت القاضي لـ''ترسانة'' عسكرية تضرب مقر قيادة الحملة في الأزبكية.

الثورة اندلعت بتحريض من رجال ''المماليك'' بعد انصراف جيش فرنسا لملاحقة ''مراد بيك'' في الصعيد والبراري، وخرج كبير الأشراف ''السيد عمر مكرم'' مع كبار وتجار المحروسة إلى تلال ''باب النصر'' يهتفون ضد الفرانساوية ويحرضون الأهالي على الثورة ضدهم، فما كان من ''كليبر'' إلا أن أمر بـ''حرق المحروسة'' بالمدافع وإخماد الثورة.

''بولاق''.. المحطة الثانية في الثورة، وفيها أبلى رجالها بلاء طيبًا في مقاومة ''عسكر الفرنساوية''، بعد أن هادنوا ''مراد بيك'' وتحالف معهم من أجل رجوعه للولاية من جديد، وقدم لهم المؤن والذخيرة، واستمر سقوط القتلى وإحراق المحروسة حتى استسلمت المقاومة، ووقّع شيوخ الأزهر في 21 أبريل على تسليم المقاومين لقيادة الحملة مقابل عفو ''كليبر'' عن أهالي المحروسة.

لم يلتزم ''ساري عسكر كليبر'' بعهده مع المشايخ، وانتقم منهم بالقتل ومن الأهالي بالضرائب، ولم ينتهي الأمر إلا باغتياله على يد الطالب الأزهري ''سليمان الحلبي'' في 14 يونيو 1800.

الثورة على ''الوالي'' والحل في ''الباشا''

في مارس 1804، جاء ''خورشيد باشا'' العثماني واليًا على مصر، إلا أنه كان مكروهًا من الشعب ولم يتسم حكمه بالصلاح، مما أثار أهالي ''المحروسة'' وتزعمهم ''الشريف عمر مكرم''، ولم تهدأ الثورة إلا بـ''فرمان عثماني'' من الباب العالي بالآستانة يعزل ''خورشيد''، ويأتي الثوار بـ''محمد علي'' القائد العسكري ضمن قوات الجيش العثماني والمشهود له بالكفاءة ليكون ''واليًا على مصر''.

اتخذ ''محمد علي'' لقب ''الباشا''، واتسم حكمه بالإصلاح الإداري وتأسيس الجيش المصري الحديث، إلا أنه بادر بقصاء المعارضة، فتخلص من المماليك في ''مذبحة القلعة''، وفر قليل منهم للصعيد والشام، ونفى ''عمر مكرم'' لدمياط بعد اعتراض ''مكرم'' على ضرائب ''الباشا'' الباهظة، بعد أن استمال الشيوخ للإيقاع به وتعيين ''الشيخ السادات'' رئيسًا للأشراف، وهو ما وصفهم ''الجبرتي'' بـ''مشايخ الوقت''.

''هوجة'' عرابي و''خيانة'' دليسيبس و''احتلال'' مصر

توالى مجيء الحكام من نسل ''محمد علي باشا''، ومنهم ''الخديوي إسماعيل'' الذي أراد استكمال خطى والده الإصلاحية وجعل مصر ''قطعة من أوروبا''، وكلفه الأمر إنفاقًا كبيرًا أدى للتدخل الأجنبي في شئون مصر المالية والقضائية أيضًا، ويرحل ''إسماعيل'' ويأتي نجله ''الخديوي توفيق''، الذي رأى استمالة ''الإنجليز والفرنسيين'' بدلاً من محاربتهم، واستطاعوا التوغل بشكل أكبر في شئون الحكم وخلع قيادات الجيش.

من ضمن هؤلاء القادة ''محمود سامي البارودي باشا'' القائد العسكري الكفء والمحبوب من الضباط والعساكر، على العكس من ''رفقي باشا''، ورأى الضباط ضرورة زيادة عدد الجيش وتولى ''البارودي'' للحربية، وعزل وزارة ''رياض باشا'' وتشكيل مجلس شورى نواب.

9 سبتمبر 1881، تحرك ''عرابي'' والجيش وحشد كبير من الأهالي باتجاه ''قصر عابدين''، مطالبين الخديوي بتنفيذ هذه المطالب، فما كان من ''أفندينا'' إلا أن رفضها قائلاً: ''هذه البلاد ورثت حكمها عن آبائي وأجدادي، ومطالبكم ليس لكم حق فيها، وما أنتم إلا عبيد إحساننا'' فرد ''عرابي'' بقوله الشهير: ''لقد خلقنا الله أحرارًا، ولم يخلقنا تراثًا أو عقارًا والله لن نستعبد بعد اليوم''.

استجاب الخديوي لمطالب ''العرابيين'' وتشكلت ''نظارة شريف باشا'' وجاء ''البارودي باشا ناظرًا للحربية''، وتشكل الدستور وصوّت عليه النواب، إلا أن التدخل الأجنبي عصف بكل هذا، فتقدم ''شريف باشا'' باستقالته وتشكلت ''نظارة البارودي'' ليأتي ''عرابي ناظرًا للحربية''.

استمرت البلاد في سجال بين النفوذ الأجنبي ومحاولات ''عرابي'' لإصلاح الجيش، ووصلت الحاميات الإنجليزية لسواحل الإسكندرية، و سعى ''عرابي'' لردم ''قناة السويس'' الخاضعة لإشراف الحكومة الفرنسية، إلا أن ''دليسيبس'' أقنعه بحيادية القناة وعدم سماحه للإنجليز بعبورها، لكنه نقض خان العهد، ليضطر ''عرابي'' للتقهقر للتل الكبير، وتنتهي المواجهات بهزيمته واحتلال مصر لمدة 72 عامًا.

1919 .. ''توكيلات'' الشعب وقوة ''الهلال والصليب''

في عهد الملك ''فؤاد الأول''، وبعد تملص الاحتلال الانجليزي من وعوده باستقلال مصر بعد الحرب العالمية، ومعاملة الأهالي بصورة سيئة، سعت قوى الزعامة الشعبية بعرض قضية مصر على المحافل الدولية والمطالبة بالاستقلال ورحيل الإنجليز، وكان على رأس هذه القوى ''سعد باشا زغلول''، والذي جمع ''توكيلات'' من الشعب، مطالبًا مشاركة الوفد المصري في مؤتمر الصلح بباريس 1918، فرفض الاحتلال طلبه، ونفته إلى ''مالطة'' مع ''حمد الباسل وإسماعيل صدقي ومحمد محمود''.

ثار الشعب وخرج مناديًا بالاستقلال ورحيل الإنجليز ورجوع ''سعد ورفاقه''، ولأول مرة خرجت النساء ''بالحبرة واليشمك'' لمساندة ''أم المصريين صفية زغلول'' لعودة زوجها ''سعد'' زعيم الأمة، وحاول الاحتلال استمالة الأقباط؛ فكان الرد منهم يأتي من داخل ''الأزهر''، في حين فتحت الكنائس للشيوخ للخطب فيها.

اضطر الإنجليز لعزل الحاكم العسكري والإفراج عن سعد ورفاقه وسافروا لباريس، إلا أن المؤتمر رفض نظر قضية مصر، فعادت الثورة من جديد، واعتقل ''سعد'' ونفي إلى ''سيشل''، فكان الرد من المصريين ''مقاطعة البضائع الإنجليزية''، وعاد ''سعد'' واضطرت بريطانيا للانصياع لأوامر ثورة المصريين.

23 يوليو .. انقلاب عسكري احتضنه الشعب

بعد نكبة فلسطين وانشغال ''القصر'' عن رعاية الشعب وتوالى حكومات انتقالية أرهقت البلاد، اضطرت ''حركة الضباط الأحرار'' بزعامة ''اللواء نجيب'' لاتخاذ قرار ''خلع الملك'' ومغادرته البلاد في 26 يوليو، وتولية ''الأمير الرضيع أحمد فؤاد الثاني'' للعرش، وهو القرار الذي رحب به الشعب بعد يأسهم من إصلاح الملك، وثقتهم في ''الجيش''، وحبهم للواء ''نجيب''.

''مبادئ الثورة الستة'' والتي تمثلت في ''القضاء على الاستعمار والإقطاع وسيطرة رأس المال، وإقامة جيش وطني قوي وعدالة اجتماعية و حياة ديمقراطية سليمة''، تحقق أغلب هذه المبادئ وشهدت سنوات الثورة توقيع اتفاقية الجلاء وتأميم القناة وإقامة المصانع الكبرى وقوانين الإصلاح الزراعي، وارتفاع الزعامة المصرية على المستوى الإقليمي والدولي، إلا أنها أيضًا شهدت اختلافات بين ''نجيب وناصر'' حول استمرار الجيش في الحكم، وهو ما أدى لـ''خلع نجيب.. الرئيس الأول للجمهورية الأولى''، ومجيء ''ناصر'' بعد 18 شهرًا من فراغ منصب الرئيس.

25 يناير .. 18 يومًا لخلع ''مبارك''

لا ينسى المصريون مشهد ''ميدان التحرير'' والميادين المصرية وهي ممتلئة عن آخرها تنادي ''ارحل''، لا ينسى الشعب ''خاطبات مبارك'' و ''متلازمة ستوكهولم''، لا ينسى ''عمر سليمان نائبًا للرئيس''، وجلسات الحوار الوطني ومحاولة تدارك الأوضاع.

ليالي الانفلات الأمني وانتشار البلطجية وترويع المواطنين وانسحاب الشرطة ونزول الجيش، و''الراجل اللي واقف ورا عمر سليمان'' في خطاب التنحي.

يأتي ''المجلس العسكري'' لإدارة شئون البلاد، ويتفق الأطراف على أن تكون ستة أشهر، وبعد شهر تقريبًا يستفتى على ''تعديل الدستور 19 مارس 2011''، وتأتي الصناديق بـ''نعم''، ومن قلب الميدان وعلى أعناق الثوار تأتي ''حكومة عصام شرف''، إلا أن التحديات ترهقها فتضطر للاستقالة، ويأتي ''الجنزوري'' ليبدأ البحث عن ''قرض صندوق النقض''.

''فض اعتصامات التحرير بالقوة، أحداث مسرح البالون، مذبحة ماسبيرو، وأحداث محمد محمود، مجلس الوزراء ومذبحة بورسعيد، وفض المظاهرات أمام وزارة الداخلية والسفارة الإسرائيلية''.. كلها أيام دامية عكرت الثقة بين الشعب و''المجلس العسكري'' ليخرج الثوار منادين ''يسقط حكم العسكر'' بعد سقوط 1300 شهيدًا و12 ألف معتقل، ويعلن ''طنطاوي'' عن موعد الانتخابات الرئاسية في ''يونيو 2012''، و تسفر الجولة الثانية بين ''مرسي وشفيق'' عن فوز ''القادم من الجماعة''.

30 يونيو .. ''مرسي'' بين ''الشرعية'' و''التمرد''

ما بين 30 يونيو 2012 و2013 .. عام كامل مر على الرئيس الأول للجمهورية الثانية الدكتور محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، عام من الشد والجذب بين كوادر الجماعة والإسلام السياسي، وبين التيار الليبرالي والمعارضين، حكومة برئاسة ''الدكتور هشام قنديل'' كلف بها في 24 يوليو لتتشكل في الثاني من أغسطس، وتعدل في مايو 2013 وسط سخط جماهيري وانتقادات معارضة، ومواجهة الحكومة والمؤيدين بتحقيق إنجازات بالأدلة والأرقام.

عام كامل حفظه المصريون عن ظهر قلب، ربما عام ''ضاحك وباكٍ'' في نفس الوقت، انتقاد ساخر و''نكتة'' يطلقها الشعب مع كل موقف يصدر من جانب الرئيس أو الحكومة أو الإخوان، وصراخ و''اسمعينا يا حكومة'' من أزمات السولار والبنزين وانقطاع الكهرباء و''اجتماع سد النهضة''.

''تمرد'' هي الشرارة الأولى إيذانًا بسحب الثقة عن مرسي، واستمرت أكثر من شهر تجمع التوقيعات من العامة والنخب، واختيار ''30 يونيو، موعد قسم مرسي لليمين الدستورية كرئيس للجمهورية، للتجمع والتظاهر في التحرير والميادين المصرية، وكان الرد عليها بـ''تجرد'' لتأييد مرسي خاصة من المنتمين للجماعة والتيارات الإسلامية وعدد من المستقلين.

30 يونيو .. كان نفير الثورة الثانية لتصحيح مسار 25 يناير وإجلاء ''الجماعة'' عن عرش مصر، واجتمع ''الجيش والشرطة ورموز المعارضة ونصف الشعب'' لـ''عزل مرسي''، وهو ما تحقق بخطاب الفريق السيسي بحضور ''الأزهر والكنيسة والدعوة السلفية وجبهة الإنقاذ وقادة الأركان''، بعد يوم واحد من ''خطاب الشرعية'' الذي ألقاه ''مرسي''، محذرًا من تدخل الجيش في شئون البلاد وفرضه مهلة و خارطة طريق.

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ... اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان