''زورق'' مجلة لأطفال سوريا اللاجئين.. محاولة لتنمية قدراتهم
اسطنبول - (د ب أ):
ليسو بحاجة لأكل السمك فقط، الأفضل أن يتعلموا صيد السمك، ذلك هو الهدف الابرز لمجلة "زورق" التي انطلقت مؤخرا للاهتمام بتثقيف الأطفال السوريين اللاجئين.
هكذا يرى واضع محتوى مجلة " زورق " و مديرها محمد سلوم الذي يقول لوكالة الانباء الالمانية (د.ب.أ) إن المجلة بتمويل ذاتي من مدخراته ومساهمة بعض الاصدقاء المشاركين في التمويل المتواضع وهي واحدة من بعض المجلات التي كانت صدرت سابقا بشكل منفصل عن بعضها البعض مثل "طيارة ورق" و"زيتون وزيتونة " و زورق تصدر هذه الايام في نسختها الخامسة بشكل شهري .
يضم "الإعلام البديل" وهو توصيف بات معروفا أنه البديل لإعلام النظام في سوريا العشرات من المطبوعات التي توزع في الداخل السوري والاذاعات التي تبث عبر النت أو عبر موجة اف أم، فضلا عن عدد محدود من الفضائيات التي تأخذ صبغة دينية ومواقع انترنت ومعظم هذه الوسائل لم تتمكن من تصدير خطابا موحدا للسوريين كما بات معروفا للجميع.
تعرف مجلة زورق نفسها كمولود جديد "مجلّة أطفال شهرية تعنى بالطّفل السّوري، في الدّاخل.. في المخيمّ.. في الشّتات عبر نسختها الورقية... وتُعنى أيضاً بالطّفل العربي.. داخل الوطن.. أو في أيّ بلدٍ من بلدان العالم عبر موقعها الالكتروني أو في شبكات التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر.
يقول محمد الذي يعمل ويعيش في إحدى قرى الريف شمال سوريا ويدير من هناك أكثر من مطبوعة "نريد من "زورق" أن يكون قارب نجاة لأطفال سوريا من هذه الأمواج المتلاطمة التي تبعثرهم وتكاد تغرقهم، لا نزعم أن حجم تأثيرنا كبير لكن قدر الإمكان نسهم في تقديم وجبة علمية فكرية والمتعة والفائدة معا، علنا نجتهد في الوصول إلى حاجتهم وغذائهم الروحي والعقلي".
ويضيف "نعمل على كشط الصّدأ الفكري من دماغ الطفل السوري نتيجة المنظمات الشمولية سابقا، منظّمة طلائع البعث، تلفاز السّلطة، وترميم البنية النفسيّة باستبدال البارود بالتراب، والرصاص بالورود، وإنشاء جسر ينقل الطّفل السّوري من حطام بيت إلى حضارة مدنيّة يصبح فيها طفلنا صانعاً مجدّداً له حضوره وتفاعله مع محيطه المحلّي والعالمي، والتّركيز على الإبداع، إذ يكفي ما عاناه من تشوّه بصـري وسمعي ونفسي سابقا وخلال هذه الحرب المدمرة نريد له، الإبداع بالمفهوم التشكيلي، الموسيقي اللغوي، وحتّى التاريخي، العلمي والمعلوماتي الحديث".
وعن التسمية، يقول رئيس التحرير خير الدين عبيد وهو كاتب أطفال مختص نال العديد من الجوائز لـ د ب أ: "زورق، فضلنا الابتعاد عن تسميتها باسم ثوري، يجب أن يكون الفعل الثوري في المحتوى وليس مجرّد عنوان، ومحاولة تحفيز خيال الطفل والابتعاد عن الابتذال".
وعن الفارق بين من يقدم الغذاء واللباس والدواء وما تقدمه "زورق" من متعة وفائدة يقول عبيد "الحاجة ملحة لكلا الأمرين لكل منهما وظيفة، لأن سندويشتين بالزّيت والزّعتر تُسكتان جوع طفل، بنطال وكنزة تستره، بطّانية تدفئه.. لكن.. كل يوم عدد من مجلّة إبداعية لا تطفئ نهمه على الإطلاق، و"زورق" ليست ترفاً فكريا، جاعت الأمم بعد الحرب العالميّة الثّانية، تشرّدت وبردت، وأنقذها العلم والثّقافة والمجلّة أيضاً للكاتب المبدع والفنان المبدع الذي يكتب للأطفال وكل شخص عنده خلاصة تجربة حياتيّة يريد أن ينفع بها جيلاً يخصّه.. جيلٌ يطمح أن يرسم مستقبله، شأنه شأن أجيال وأطفال العالم".
وتقدم "زورق" على صفحاتها مواد متنوعة وكذلك شخصية تاريخية في كل عدد لتعريف الطفل بالشخصيات المؤثرة لا سيما العلمية منها ، لزرع قيم العلم في الطفل وإفهامه أن الأمة أنجبت حملة القلم وليس فقط حملة السيف، بأسلوب درامي شائق. وكذلك قصة مسلسلة يتم نشرها على أكثر من عدد، وتقوم بتصنيع شخوصها الخاصة بها، بحيث تصبح هذه الشخوص علامة مميزة للمجلة كشخصية "جدوع "، التي قُدّمت في الأعداد الأولى، وصفحة تعرّف بأحد الفنون من مسـرح وسينما وغير ذلك من الفنون، بهدف تعريف الطفل بالفنّ عامة،
ولا تغفل "زورق" الاهتمام بالآثار من خلال بطولة "الرحالة الصغير" وعرض رحلاته لمواقع أثرية وحضارية بأسلوب درامي، وتوزع المجلة نحو أربعة آلاف نسخة في الداخل وفي مخيمات اللجوء في بلدان الجوار السوري. وتفسح زورق من خلال باب" دنيا المعارف" المجال امام مساهمات الأطفال ومشاركاتهم وتركز على رفع وعي الطفل بالبيئة والصحة العامة.
وتوزّع المجلة نحو أربعة آلاف نسخة مجانية في الداخل وفي مخيمات اللجوء في بلدان الجوار السوري.
ويرى عدد من الاهالي يحرصون على متابعة اطفالهم لمجلة " زورق " انها تسد حاجة روحية و فكرية لدى اطفالهم خاصة في ظل عدم توفر اي تغذية للأطفال من هذا النوع في ظل صعوبات العيش في مخيمات اللجوء وافتقاد نسبة كبيرة منهم لمتابعة تعليمهم او توفر شبكة انترنت لديهم.
ويقول مصطفى الحلبي أحد الاختصاصيين الاجتماعيين في حياة الأطفال إن تقديم المجلة هذا التنوع يجب أن يخضع لدراسة جيدة ومعرفة حاجات الأطفال في ظل البيئة الراهنة، وزرع القيم الأخلاقية والإنسانية والفكرية في الطفل وتنمية قدراته الذهنية والذكاء والنشاط لديهم.
ويؤكد سلوم أن "زورق" تقوم بجهود فردية ودون أن تتلقى دعماً من أية جهة أو منظمة، يعمل عليها عدد من الشباب المتطوعين ويرأس تحريرها خير الدين عبيد وهو كاتب أطفال متخصص نال العديد من الجوائز، كما يسهم عدد من الكتاب في مواد المجلة على سبيل المثال عبد القادر عبد الله وهو مختص بالرسم للأطفال وكاتب ومترجم سوري معروف، وهيمى المفتي.
ولا ينفي سلوم وجود العديد من الصعوبات أبرزها التوزيع في ظل الحرب في الداخل وتكاليف إنجاز كل عدد وعدم توفر التقنيات الكافية، لكنه يقول إن ذلك كله يزول عند ابتسامة و فرحة أي طفل سوري تصله "زورق".
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: