إعلان

''استوديو بيلا''.. 120 عامًا شاهدًا على ''الإهمال''

08:12 م الإثنين 09 ديسمبر 2013

''استوديو بيلا''.. 120 عامًا شاهدًا على ''الإهمال'

كتبت - دعاء الفولي:

قد تمر بجانبه مرات عديدة، لا تراه، أو تراه ولا تهتم؛ فكيف ستهتم باستديو تصوير بهتت واجهته الزجاجية، وألوانها الخضراء لم تعد مختلفة كثيرًا عن ألوان الشارع؛ فلا تكاد تُلاحظ، لكنك إذا قررت للفضول فقط الدخول إليه، ستكون على أرض أقدم استديو للتصوير في الوطن العربي على الإطلاق.

إذا كانت الصور تؤرخ؛ فجزء من تاريخها موجود في هذا الاستديو، الكائن بأحد عمارات ''وسط البلد''؛ فمنذ مائة وعشرين عاما، قرر الخواجة المجري الجنسية ''بيلا''، عمل استديو بمصر لحبه في التصوير، ورغم أن هدفه الأول كان صنع استديو سنيمائي، لكنه أصبح استديو للتصوير الفوتوغرافي أيضًا.

من الداخل لم تختفِ الملامح التاريخية عن جنبات الاستديو؛ فهناك ''جرامافون'' بجانبه بعض الاسطوانات، وكاميرا ضخمة تُدعى ''كاميرا بلاتوه''، ومسرح خشبي متسع، وإضاءات ضخمة، كاميرات قديمة موضوعة على مدفأة، وصور أبيض وأسود كساها التراب.

''أشرف فهمي''، المالك الحالي للاستديو، والذي ورثه أبًا عن جد، قال إن جده الأكبر ''فهمي باشا علام''، اشتراه من صاحبه الأصلي، في عام 1917، وبدأ في تصوير الناس فيه، وامتدت شجرة العائلة المحبة للتصوير حتى وصلت لـ''أشرف''.

بعد حكم الإنجليز كان الاستديو هو المكان الرسمي لتصوير العائلات الكبيرة والسفراء والضباط الإنجليز، وكان للتصوير حينها مراسم ''لازم يتفرش بساط أحمر بطول المدخل من برة لحد الاستديو، ويجب تلميع الواجهات الخارجية، واللي بييجي يتصور كان بيجهز نفسه كأنه عريس''.

مع الوقت، تحول الاستديو إلى مكان لعمل اختبارات دخول الفنانين المجال؛ فمن الفنان علي الكسّار وبديعة مصابني ومنيرة المهدية، وحتى الفنانين الحاليين.

لم يتغير شيئًا في الاستديو منذ إنشائه، إلا أشياء قليلة تم ترميمها، حتى أن اللون الأخضر الذي يميز الاستديو، لم يتبدل بعد إعادة طلائه مرة أخرى، فـ''أشرف'' لا ينوي التفريط في شيء منه، موضحًا أن الكاميرا الضخمة عرض عليه فيها مبالغ ضخمة، لكنه رفض تمامًا ''لو بعتها هيبقى الاستديو مفهوش حاجة مميزة''.

عدا الاستديو؛ فكل شيء آخر تغير، بداية من عادات الناس الخاصة بالتصوير، فقديمًا وحتى عام 1985 تقريبًا، كانت صورة العائلة أمرًا لا غنى عنه؛ حيث تذهب العائلة بداية من الجد الأكبر وحتى الأحفاد لتجمعهم صورة، ورغم اندثار الفكرة تمامًا، إلا أن ''أشرف'' قرر إعادة إحيائها مرة أخرى ''عندنا ألبومات كتيرة لصور العائلة زمان، وأنا ناوي أرجع الصورة تاني، لأنها كانت بتوحي بترابط أسري مش موجود حاليًا''.

تغير أشكال الأناقة على مر الزمن، أمرًا آخر تشهد عليه صور استديو ''بيلا''؛ فبداية من ''الطربوش''، إلى العِمامة، ثم البدلة و''المنشّة'' وأخيرًا الملابس بشكلها الحالي، حتى أن طريقة جلوس النساء والرجال اختلفت تمامًا؛ ففي الثلاثينات وما قبلها، كان الرجل يجلس، بينما تقف زوجته لجانبه، وعقب تلك الحقبة انعكس الوضع وأصبح ''لازم الست تقعد والراجل يقف''، على حد قول ''أشرف''.

العمارة التي يوجد بها استديو ''بيلا''، تبدلت للأسوأ كما يعتقد ''أشرف''، وذلك ''بعد ما العمارة اتأممت أعدت حوالي 15 سنة من غير مالك فعلي، لحد ما مصر للتأمين خدتها، وفي الفترة دي الناس غيروا حاجات كتير فيها، بوظوا شكلها، وكان فيها حاجات مبقتش موجودة''.

بأسى قصّ ''أشرف'' حال العمارة وما حدث لها، فعند بنائها ''كان فيه في العمارة أنابيب غاز خاصة بيها، الإنجليز لما بنوها، قرروا يحطوا فيها جهدهم المعماري''، مضيفًا أن تلك الأنابيب مع الإهمال تلفت، كما كان لكل شقة مدفأة خاصة بها، تعمل بالغاز، لأنه أكثر أمانا.

''أكياس القمامة كانت بتنزل في أنابيب أد فتحة التكييف في حاويات قمامة ضخمة في المناور''، قال ''اشرف''، موضحًا أن عملية الغسيل أيضًا، لم تتم داخل الشقة، بل تنزل الملابس المتسخة عبر أنابيب، إلى حجرة غسيل كبيرة في أسفل العمارة، لتقوم الخادمات بغسلها.

مع المساحات المتسعة لشقق العمارة، والتي تصل لـ700 متر أحيانًا، أقبل أصحاب المحلات على شراء تلك الشقق ليستخدموها كمخازن للملابس أو الأحذية أو كمحلات، كأحدهم الذي اشترى شقة بالعمارة ثم ''كسر الواجهة بتاعة البلكونة وخلاها قزاز، وبوّظ شكل الشقة من برة، والعمارة''، على حد تعبير أشرف.

محاولات قدمتها الحكومة في عهد الرئيس الأسبق مبارك، لمحاربة تغيير واجهات العمارات بوسط البلد، ولكن الحملات ''مكنتش منظمة''؛ حيث أضاف ''أشرف'' أنه برغم تكسيرهم لواجهات بعض المحلات المخالفة إلا أنهم ''جم عندي وكسروا واجهة الاستديو، وأنا الواجهة دي من 120 سنة، يعني قديمة جدًا، ومع ذلك كسروها''.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان