إعلان

شباب في ''الحظر''.. مضايقات والتُهمة ''لِحّية'' ( فيديو )

12:54 م الثلاثاء 27 أغسطس 2013

كتبت - إشراق أحمد:

ملامح تشبه الكثير في ترحابها بالحديث، خمري اللون ويميل إلى السُمرة، تتعرف من وجهه عن عمره العشريني، يتجول بالأسواق للشراء، دالفًا من الصعيد للدراسة بالأزهر، مستيقظًا صباح كل يومًا متجهًا إلى ''الحسين'' للسعي على ''أكل العيش''، يكاد يشبه حليقي الذقن بلحيته الخفيفة، وتظهر واضحة لحيته المتساوية متوسطة الحجم، وأطلقها فإذا بها كثة حد قبضة اليد.

شخص واحد؛لا بل ثلاثة؛ لم تكن لحيتهم سوى وصف شكلي جليٍ ارتضته إرادتهم، فأضيف إلى ملامحهم لتميزهم عن غيرهم شكلًا، وربما كانت دافعًا لبعض المحيطين لمناداتهم بلقب ''شيخ''، رغم كونهم بعمر الشباب.

وكما جمعتهم أرض وطن واحد، والمنطقة التي تواجدوا بها، جمعتهم مضايقات تعرضوا لها، مِن بعض قرر التعامل مع أصحاب اللحى بمنطق ''الحظر''، بدأت بعد الأحداث التي شهدتها البلاد وبلغت ذروتها بفض اعتصامي''رابعة والنهضة'' وإعلان حالة الطوارئ وتطبيق حظر التجول، وذلك رغم اختلاف موطن سكنهم وميلادهم، وملامحهم الإنسانية واتجاههم الفكري.

''أحمد''.. يا إخواني

''أحمد على''، شاب عشريني، قدِم من محافظة سوهاج حيث وُلد، إلى جوار الأزهر ليدرس؛ فهو بكلية الدراسات الإسلامية والعربية، جامعة الأزهر.

داخل أحد ''أكشاك'' شارع المعز يعمل ''أحمد'' ليكسب ما يدّر منه لاستكمال الدراسة والمعيشة؛ ملامح خمرية ولحية خفيفة، يرتدي قميص رياضي أحمر اللون للنادي الأهلي، يظن مَن لا يعرفه أنه أحد شباب ''الأولتراس''، كما قال له بائع جواره؛ فهو لا يعبر عن هويته الدراسية بينما كانت لهجة حديثه كفيلة بذلك.

العمل لم يكن بالنسبة لـ''أحمد'' مشكلة رغم انخفاض معدله ''الشغل أقل نسبيًا مش أقل خالص يعني نسبيا 7: 10''؛ فالحالة بدأت تعود تدريجيًا رغم حظر التجول، على حد قوله.

الأمن والآمان في نظر ''أحمد'' شبه منعدم ''عشان إحنا بنعيش هنا في منطقة شعبية وربنا يسترها إن شاء الله''، حتى أنه يفسر تواجد الشرطة بالمنطقة لأن ''اسم الجمالية جنبنا إحنا في معقل الشرطة، لكن في المناطق التانية على أول الشارع مثلا ومناطق أخرى الشرطة شبه معدومة''، على حد قوله.

لا يوجد اختلاف في الرأي معلن بمنطقة الجمالية بشكل عام؛ فالواضح والمعلن هو تأييد ''عبد الفتاح السيسي''، الظاهر في الحديث وملصقات صوره بالمنطقة، بينما الرأي الآخر المخالف لذلك مرفوض جملةً وتفصيلًا ''هنا بطبيعة المنطقة مفيش إخوان، وحتى لو في مش هيقول، كان في مسيرة من فترة واضربوا، لأن هنا كان موطن السيسي في الجمالية''.

وعلى الرغم من لحيته الخفيفة وعدم إفصاحه عن رأيه في الأحداث إلا بـ ''ربنا يصلح الحال إن شاء الله، لكن مضايقات البعض لم تتركه ''وأنا بصلي الفجر واحد كان هيتخانق معايا وقالي يا إخواني، قلت له يا عم إخواني إيه''، وتدارك الأمر مُوقنًا أن مستوى التعليم والضغط الذي يمر به الأفراد هذه الفترة هو ما آل إلى ذلك.

''عبد الرؤوف''.. كلمات ونظرات وتفتيش



وقف ''عبد الرؤوف'' بإحدى محال عطور التركيب بمنطقة الحسين، يتبادل الحديث مع الزبائن، منهم من يشبهه في إطلاق لحيته، ومنهم كصاحب المحل حليقي اللحى بين مصريين، وأجانب بطبيعة حال المنطقة.

يأتي ''عبد الرؤوف'' إلى عمله يوميًا من إمبابة متنقلًا بين 3 مواصلات، لا يعبأ بالمجيء صباحًا في المعتاد بل العودة هي موطن الحمل خاصًة في مثل هذه الأيام '' لما أجي أروح تبقى الدنيا ازدحمت''، وكان الأمر أكثر صعوبة قبل تعديل ميعاد الحظر ليصبح في التاسعة مساءً؛ حيث كان يغادر بالخامسة مساءً '' كنت بستنى نص ساعة أو على الأقل ساعة في رمسيس عشان ألاقي عربيات الأجرة''.

كحال الكثير من العاملين بالتجارة ''الحركة منعدمة مفيش بيع زي الأول، الحظر والأحداث اللي قبل كده مأثرة على البيع كليًا مفيش زباين''، لكنه يأمل بعد تأخير ميعاد الحظر ''أن الناس ترجع تاني''، معتبرًا أن ''الحالة بقت صعبة جدًا الناس مبقتش تنزل بقت خايفة''.

''عبد الرؤوف'' ليس له بالسياسة، ولم يشارك بالمظاهرات يومًا ما بل إنه ''لا يحبها'' على حد قوله، لكنه يتعرض للمضايقات بسببها '' الواحد بيتعرض لكلام مستفز من بعض الناس، نظرات وكلام وأنت ماشي مالوش لازمة''، ومع ذلك لا يتعدى رد فعله سوى '' كأني مش سامع حاجة وبكمل مشي''؛ فعدم تفاعله مع السياسة جعله لا يضخم تلك المواقف ''مكنتش بنجّر للكلام''.

أول يوم حظر، لا ينساه ''عبد الرؤوف''؛ فبسبب لحيته وظروف الحظر التي منعت تواجد السيارات فاضطر للسير '' كان في لجان شعبية فيها بلطجية مش ناس عادية كانوا بيوقفوا ويقولوا بطاقتك ويفتشوا وكده بأسلوب مش محترم، وأنا متعلم وجامعي لما يوقفني واحد شكله أصلًا بلطجي وياخد البطاقة بسبب اللحية فده شيء مش كويس''، على حد قول ''عبد الرؤوف''.

''عبد السلام''.. يا إرهابي


يأتي من الحي العاشر، هنا سكن منذ 3 أشهر؛ حيث وطأت قدماه أرض مصر قادمًا من استراليا، لا تُفرقه عن المصريين، يحمل سمارهم ولهجتهم المصرية إلى حد كبير، لكن بالحديث يكشف لك أنه من السودان.

''عبد السلام معتصم''، شاب اسمر اللون كثُ اللحية، يدرس علوم القرآن بالأزهر، ويتردد على منطقة الأزهر والحسين لشراء العطور والكتب والقيام بجولات شرائية بشكل عام لكن منذ فترة قليلة تغيرت أجواء الشارع بالنسبة له ''مصر اتغيرت أوي في المدة اللي فاتت''، ليس فقط لحظر التجول باعتباره ''مشكلة كنت متعود أخرج بليل، البلد تقريبا ماتت تحس فيها كتمة''.

لكن تلمسه للتغيير كان بشكل أكبر نتيجة لحيته ''أنا شاب وعندي لحية من مدة بسيطة كنت مع الناس طبيعي دلوقتي الناس بتبص لي نظرات غريبة، صعب أن التاكسي يقف لي الواحد حس بغربة فجأة''.

''يا إرهابي''.. تلك الكلمة التي عادت مسمعها لذاكرة ''عبد السلام'' والتي صاح بها سائق تاكسي له، وهو يقود مسرعًا في محاولة ليصدمه ''كان عايز يخبطني''.

لتعود لذاكرته أيضًا ثاني أيام العيد بالهرم عندما ذهب بصحبة أصدقائه ذوات لُحى وغير مصريين أيضًا لامتطاء الخيل؛ فوجدوا عدد من الشباب يسبهم، مما اضطر صديق له للشجار معهم بعد محاولتهم للاعتداء عليه بالضرب، على حد قوله.

تلك المواقف بالنسبة لـ''عبد السلام'' محط تعجب ''قبل مدة بسيطة جدًا الحاجات دي مكنتش موجودة دلوقتي حاسين كأننا غرباء في المكان''.

ومع ذلك لازال ''عبد السلام'' يتجول بطرقات القاهرة، مؤمنًا أن ''الحمد لله متأكد إنها هتكون مدة بسيطة وتعدي إن شاء الله''.

 

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان