إعلان

131 عامًا على ''تسريح الجيش''.. عقوبة ''أفندينا'' لـ''عرابي'' ورفاقه

10:02 ص السبت 21 سبتمبر 2013

كتبت - نوريهان سيف الدين:

''تسريح الجيش المصري''.. أقصر ''فرمان'' صدر في تاريخ مصر الحديث؛ ففي 19 سبتمبر 1882، أصدر ''الخديوي توفيق'' مرسومًا من هذه الجملة الوحيدة ''تسريح الجيش المصري''، وعاد بعدها قادمًا من الإسكندرية إلى القاهرة في حماية القوات البريطانية، بعد أحداث الثورة العرابية و(موقعة التل الكبير)، وتأكيد احتلال القوات الإنجليزية لمصر، وكانت هذه أول مرة يلغى فيها الجيش في العصر الحديث.

''جيش مصر'' الذي بناه ''محمد علي باشا'' عام 1819، على غرار الجيوش الأوروبية الحديثة، على يد الكولونيل ''جوزيف سيف'' المشهور بـ''سليمان باشا الفرنساوي''، وهو الرجل العسكري الذي آثر البقاء في مصر بعد قدومه ضمن قوات الحملة الفرنسية، واعتنق الإسلام، وبمساعدة ''إبراهيم باشا'' نجل ''محمد علي''، تكفلا بإعداد 100 فرد من المماليك ليكونوا النواة الأولى لجيش مصر في عهد ''الوالي محمد علي باشا''، وذلك في ''أسوان'' لتكون أول مدرسة حربية للضباط، وظل يدرب الطلاب فيها لمدة ثلاثة سنوات، إلى أن تخرجوا كأول دفعة من الضباط في الجيش المصري.

استمرت الفتوحات المصرية في عهد ''الباشا محمد علي'' على يد نجله الفاتح ''ابراهيم باشا''، وكذلك في عهد أبنائه حتى ''الخديو إسماعيل'' بإرسال حملات إلى أفريقيا للقضاء على تجارة العبيد وتأمين منابع النيل، لكن بسبب ''الديون'' والأطماع الاستراتيجية في مصر، خاصة بعد حفر ''قناة السويس''، كل هذا أوقع مصر في براثن ''الاستعمار''، وفي سبيل هذا عزلوا ''الخديو إسماعيل''، وجاءوا بـ''الخديو توفيق''، ومعه وزيران إنجليزي و فرنسي في الحكومة المصرية، وبسبب هذا قامت ''الثورة العرابية'' في 1881.

بعد فشل ''الثورة العرابية'' عقب موقعة التل الكبير ودخول الإنجليز مصر، أصدر ''توفيق'' هذا المرسوم ليقضي على مقاومة الجيش للقوات الإنجليزية المؤمنة لبقائه على العرش، وقرر معاقبة ''عرابي ورفاقه''، بأن جرّد الضباط من رتبة (يوزباشي)، فما دون اشتركوا في الثورة العرابية من رتبهم وحرمانهم من المعاش ومحاكمتهم، واعتقال 30 ألف شخص، وفرض المحتلون تعويضات على الشعب المصري قيمتها 9 ملايين جنيه استرليني، وتعين قائد الجيش الإنجليزي السير ''إيفلين وود – سردار/ قائد عام'' للجيش المصري.

القضاء على ''الجيش المصري''، كان أول ما فكر فيه المحتل لإحكام قبضته علي مصر وقناة السويس وتأمين قواته، هو تسريح الجيش، وتجريد البلاد من كل قوة حربية، ووضعت سلطات الاحتلال الخطط لترسيخ قدمها وتأمين أسطولها في البحرين الأحمر والمتوسط، وكذلك قناة السويس، فاتخذت من الإجراءات الخاصة بالبحرية المصرية منها ''إلغاء الاسطول البحري وتسريح رجاله، إلغاء الاسطول التجاري وإلغاء الترسانة البحرية المبنية في عهد محمد علي و تسريح عمالها، إغلاق المدارس الحربية والإبقاء فقط على مدرسة واحدة بالقبة''.

من جديد عاد الجيش، وتبلور مبدأ ''جيش مصر للمصريين''، بعد أن كان قادته وكبار الضباط من الأتراك والشراكسة، ورأت قوات الاحتلال الإنجليزي أن الجيش المصري يمكن أن يوضع تحت تصرفها في حالة نشوب حرب، وهو ما تحقق بالفعل بإعلان الحماية البريطانية على مصر عقب الحرب العالمية الاولى، وإنهاء السيادة التركية عليها، وإعلان وضع الجيش تحت التصرف في حين اقتضاء الأمر''، وبقى الجيش بين صعود وهبوط حتى توقيع ''معاهدة ''1936''، والتي سمحت بزيادة عدد القوات المصرية وإعلان استقلال مصر.

فيديو قد يعجبك: