إعلان

''حمدي''.. 3 سنوات يبحث عن مأوى ''فين الثورة.. راح كل اللي عملناه''

08:02 م الإثنين 23 سبتمبر 2013

كتبت - إشراق أحمد:

أعطى ظهره للوجوه المرسومة والكلمات المكتوبة على حائط ''الجامعة الأمريكية'' التي تحمل كلمة ''شهيد''، بينما وجهه قبالة بقايا سلك شائك على أعتاب مدخل محطة مترو أنفاق ''التحرير'' المغلقة الأبواب.

خطوات يتحرك بها الرجل الأربعيني بالتقدم والتراجع في انتظار ''البرّاد'' الموضوع جانبه أن يعطي مائه إشارة الغليان، التي منها يدرَ جنيهات قليلة تساعده على تحمل نفقات الحياة.

''حمدي عبد الغفار'' شارفت الثلاث سنوات أن تكتمل على وجوده بميدان التحرير؛ فهنا مسكنه الذي لم يرغب فيه يومًا، لكنه رضي به بديلًا لم يكن أمامه غيره بعد أن ترك مسكنه الكائن بمنطقة روض الفرج هو وزوجته وأبنائه الثلاثة.

ثلاثة أيام كانت الفارق بين الحياة تحت سقف منزل ومصدر رزق معلوم، وحياة الشارع والرزق غير المعلوم، والبعد عن عائلته؛ قبل 25 يناير 2011 بشهور انقضت مع مجيء تلك الأيام الثلاثة، تأثر عمله بمحل تجديد غرف النوم القديمة الذي كان يشارك فيه، خاصة بعد أن مرضت رئته نتيجة الدهانات التي يعتمد عليها عمله كـ''نقاش''.

لم يعد ''حمدي'' يجني المال حتى وصل الأمر لعدم قدرته على دفع إيجار الشقة التي تجمع عائلته، فما كان له إلا ''بعت مراتي والعيال عند أهلها في المنصورة''.

ظل '' حمدي'' على أمل إيجاد عمل، وسقف يأوي العائلة مرة أخرى، حتى سمع عن الدعوة للنزول بميدان التحرير ''نزلت من يوم 25 وأخدت خرطوشة في إيدي، شوفنا ياما''، ومنذ ذلك الوقت وهو أحد سكان خيام ''التحرير''، لا يملك إلا ''برّاد'' وأكواب، يجني من بيع ''الشاي'' للمتواجدين بالميدان جنيهات يرسلها لزوجته ''لو طلعت بـ200 جنيه في الشهر أبعتهم للست اللي في المنصورة دي يبقى كويس''.

16 سبتمبر الشهر الجاري مر على ''حمدي'' معلنا إتمام عامه الـ44، وهو لازال بالميدان متذكرًا الهتاف ''عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية''، ليعود إلى الواقع بنظرات المارة له ولسان حالها ''بلطجي'' نظرًا لهيئته وملابسه الرثة ''كل الناس بتقول عليا كده من ساعة يناير، وبتقول على كل الناس اللي في الميدان دول بلطجية، يعني هو في حد بيحب نومة الشارع''.

من ''الخيمة'' إلى مجمع التحرير ومجلس الوزراء، يتنقل ''حمدي'' حاملًا جميع الأوراق الرسمية من شهادات ميلاد أبنائه وغيرها، لعله يجد مجيب لطلبه ويرد شكوته، التي لم يبق منها سوى علامتين على ورقتين صغيرتين لصقهم الموظف بأعلى الطلب المقدم '' صح'' و''خطأ''، الأولى قبول البحث في طلبه لمعاش استثنائي، وأخرى ''عدم وجود شقق خالية بالدولة''.

''حمدي'' كاد ييأس من تلك الكلمات الباهتة ''بنعمل بحث حالة'': ''بيعملوا بحث فين ما أنا في الشارع هنا''، وعلى الرغم من الأمل الذي وضعته تلك العلامة ''صح'' مؤخرًا على طلبه إلا أنه كان يتمنى أن تكون على ''الشقة'' حتى يجمع شمل عائلته، وإن كان المعاش الاستثنائي من شأنه أن يعيد ابنه الأكبر ''أحمد'' إلى المدرسة مرة أخرى.

''لو ليك معرفة هتاخد شقة.. ناس كتير كده.. بس أنا ليا ربنا''.. قالها الرجل الأربعيني الذي يحرص في كلماته أن ينفي تلك التهمة التي التصقت به رغمًا عنه ''بلطجي''؛ فيخبرك أن ''كل الأمن اللي هنا يعرفوني''.

شارك ''حمدي'' بجميع الأحداث التي وقعت بميدان التحرير بدافع أول مرة له ''نزلت عشان أجيب حقي''، تلك الكلمات التي لم تبرحه كحاله بالميدان، كانت سببًا في كل مرة يصاب فيها بـ''الخرطوش''، ووقوفه مع كل من يتواجد بالميدان ''لما قالوا انزلوا 30 يونيو وقفنا، ولما الإخوان حاولوا يدخلوا الميدان وقفنا لهم، ولما السيسي قال انزلوا وأنا مع الغلابة والشعب وهيجيب لنا حقن، وقفنا في الميدان لكن مفيش حاجة، الغلبان هو اللي ضايع في البلد دي.. فين الثورة راح كل اللي عملناه''.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة واغتنم الفرصة واكسب 10000 جنيه أسبوعيا، للاشتراك اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان