بالصور- مجهولي 25 يناير ورابعة.. فرقتهم الأهداف وجمعتهم ''تُربة''
كتبت- علياء أبو شهبة:
كل منهم خرج من منزله وبداخله أمل للتغيير بعد أن دفعته قناعته القوية للتواجد في الميدان للتعبير عن رأيه، ربما كان الرصيف هو مأواهم الوحيد، وبعيدا عن اختلاف الميدان وخلاف الرأي التقت أجسادهم تحت تراب واحد بعد فشل ذويهم في العثور عليهم.
''مقابر الصدقة''.
في مقابر محافظة القاهرة بمنطقة الإمام الشافعي، المعروفة لدى العامة بمقابر الصدقة، والتي يدفن فيها المجهولين وضحايا الحوادث ممن يتعذر على ذويهم دفنهم في محافظاتهم البعيدة، ''مصراوي'' رصد المكان الذي دفن فيه مجهولي ثورة 25 يناير إلى جانب مجهولي فض اعتصام رابعة في المكان نفسه.
على بعد أمتار من سوق الجمعة الذي يجمع فيه باعة ''الروبابيكيا'' بضاعتهم لبيعها لزوار السوق، وفي منتصف شارع طويل يؤدى إلى كوبري التونسي تقع مقابر محافظة القاهرة و تضم حوش متسع نصفه الأيسر يحوي رفات موتى تابعين للجالية الباكستانية.
داخل المقبرة تسكن أسرة مكونة من خمسة أفراد، لا تفارقهم الابتسامة بعد أن اعتادوا سكنة المقابر فلم يعد مكانا موحشا بالنسبة لهم، روت ساكنة المقبرة التي رفضت ذكر اسمها، أن حال هذه المقبرة يختلف عن غيرها، لأنها لا تحظى بزيارات مستمرة من ذوي المدفونين فيها، لأن أبوابها في الأغلب تنفتح بعد تلقى زوجها اتصالا من ''التربي'' الخاص بمحافظة القاهرة، ونادرا ما تجد على أبوابها زائرا يقرأ الفاتحة و يدعوا بالرحمة.
''هي الدنيا كده ده حالها'' عبارة ذكرتها ساكنة المقبرة، وهي تتحدث عن التغطية الإعلامية المكثفة التي حظى بها دفن مجهولي الثورة، ومجهولي أحداث فض اعتصام رابعة، والتي أعقبها صمت تام وغياب للزوار.
في الجانب الأيمن من المقبرة تقع لافتات قليلة من الرخام تشير إلى أسماء المدفونين فيها، وتضم ضحايا حادث قطار الصعيد، وحادث أتوبيس العقبة وتتوسط المقبرة لافتة ضخمة من الرخام الفاخر لضحايا حادث الطائرة البوينج 767 عام 1999 و تضم أسماء طاقم الطائرة وركابها.
التحرير ورابعة
داخل الحجرة رقم 27 و 28 تقع رفات المجهولين من المتوفين خلال 25 يناير، وفض اعتصام رابعة، الذين دفن كليهما في مشهد مهيب، الأول في عقب ثورة 25 يناير حظى باهتمام من الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء حيث أٌقيمت صلاة الجنازة في مسجد السيدة نفيسة بحضور عدد من النشطاء السياسيين والدعاة .
أما المشهد الثاني فكان أكثر هدوء حيث وافق النائب العام على طلب مصلحة الطب الشرعي دفن 35 جثة مجهولة من ضحايا فض اعتصام رابعة وما تلاها من أحداث، منهم 6 سيدات، و11 من أحداث الأزبكية، و7 من أحداث مسجد الفتح، وأدى المشيعون صلاة الجنازة على الجثامين بشكل جماعي أمام المشرحة، وتم نقلهم في سيارة نقل كبيرة للدفن في مقابر محافظة القاهرة.
تصوير وترقيم
في لقاءه مع ''مصراوي'' أشار دكتور هشام عبد الحميد، المتحدث باسم مصلحة الطب الشرعي، ومدير عام إدارة التشريح، إلى أن الطب الشرعي يقوم بتصوير الجثث فور وصولها، ويقوم بتحليل الحامض النووي DNA، لأن ملامح الجثمان تتغير بعد مرور ثلاثة أيام، وبالتالي يصعب التعرف عليها، وبحضور الباحثين عن ذويهم المفقودين يتم عرض صور الجثث المجهولة عليهم، إضافة إلى إجراء تحليل DNA ومطابقته مع الجثث الموجودة.
أكمل عبد الحميد موضحا أن مصلحة الطب الشرعي تتقدم بطلب إلى النائب العام للتصريح بدفن الجثث في مقابر محافظة القاهر؛ مع زيادة أعداد الجثث المجهولة فيها، ومرور فترة زمنية طويلة على وجودها تقترب من شهر.
وأشار إلى أن أي جثمان يصل إلى مصلحة الطب الشرعي يحمل رقما بمجرد وصوله، ويظل هذا الرقم ملازما الجثمان حتى خروجه، حيث يتم عرض الصور على ذويهم من خلال الأرقام، كما يتم دفنهم بأرقامهم في مقابر مرقمة أيضا، وهو ما يسمح لذويهم في حالة تعرفهم عليهم بعد دفنهم باستخراج الجثة لدفنها بمعرفتهم وفقا لرغبتهم.
ولفت المتحدث الرسمي باسم مصلحة الطب الشرعي إلى وجود 125 جثة مجهولة منذ تظاهرات 30 يونيو و حتى الآن من ضحايا الأحداث السياسية، يتم دفنهم كل فترة، وفقا إلى قرار النيابة، موضحا أن الثلاجات الموجودة في المشرحة تستخدم لتبريد الجثث و ليس لحفظها، لأن الحفظ يجب أن يكون في درجة 20 تحت الصفر.
كما أشار إلى تحمل مصلحة الطب الشرعي نفقات الغسل والتكفين والدفن، لأن المصلحة لديها مغسل يعمل لصالحه بإشراف وزارة العدل، ويقوم بغسل جثث المجهولين بدون مقابل، أما الأكفان فهناك متبرعين يشترون كمية كبيرة من الأكفان لمثل هذه الحالات، مضيفا أن كثير من الحالات الجنائية يكون ضحاياها من اللقطاء ومجهولي النسب.
خلال الأحداث السياسية يتم الاستعانة ببرادات لحفظ الجثث التي جاءت من غير صحبة ذويها، إلى حين الانتهاء من إجراءات دفن الجثث الذين يرافقهم ذويهم.
وأعلن عن أن الدولة صرفت 180 ألف جنيه منذ بداية أحداث 30 يونيو على الكيماويات الخاصة بإجراء تحليل الحامض النووي DNA.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: