لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

''مصراوي'' يرصد أحوال الثورة من على ''الكنبة''.. 3 سنين ومكملين

03:18 م السبت 25 يناير 2014

''مصراوي'' يرصد أحوال الثورة من على ''الكنبة''.. 3

كتبت - رنا الجميعي ويسرا سلامة:

أمام شاشة التلفزيون اتخذوا مقاعدهم، على كنبة وثيرة وجدوا فيها ملجأهم، حتى ارتبطت بهم وارتبطوا بها، حزب الكنبة، الثورة بالنسبة لهم ''حدث تلفزيوني''، اختلط ببرامج وفواصل إعلانية، ومن ذلك الصندوق الأسود القابع بمنزلهم شاهدوا أحداث الثورة، خُلع رئيس وعُزل آخر، وبقوا هم بمنازلهم، لأسباب مختلفة، لكنهم انفعلوا بالأحداث، شعروا بالرعب تجاه الانفلات الأمني، وبالفرحة تجاه رحيل مبارك ومرسي، اهتزت معها أرائكهم الرابضة، لكنهم بقوا عليها، مخلصين لها حتى وإن قامت بدل الثورة ألف.

أم ياسمين.. بكاء على مبارك رغم فساده

كباقي الأمهات التي تخلى الزمن عن اسمها، لتحمل لقب ''أم'' ملتصقا به اسم أحد أطفالها مدى الحياة، كانت ''أم ياسمين'' تقوم بأعمالها المنزلية كالمعتاد، حينما سمعت عن وجود مظاهرات بميدان التحرير، هذه المرة المُظاهرات أكبر وأشد تأثيرًا مما كانت عليه سابقاتها، لم يكن احتجاجًا واحدًا؛ وكأن فتيلًا اتقد في القاهرة وبدأ في التدرج مرورًا بباقي المحافظات، حتى وصل مركز سمنود التي تقطن فيها ربة المنزل، وتحديدًا ميدان النحّاس.

عايشت ''أم ياسمين'' أيام الثماني عشر التي نادت بسقوط النظام، من أعلى ''الكنبة'': ''كنت بتابع الحياة والمحور''، تُمسك ''الريموت كنترول'' يشير إلى خطاب الرئيس ''مبارك'' الثاني حيث أعلن رغبته في الموت والدفن بأرض مصر '' أنا عيطت لما قال كدا''، قبل أن توضح رؤيته في الرئيس المخلوع ''شايفة أنه واحد فاسد ولازم كنا نخلص منه، البلد مليانة ناس شرفا'' إلا أنها لم تملك دموعها كأي سيدة مصرية ''أصيلة''.

وفي أوقات الحظر، كانت ''أم ياسمين'' تجلس هي و ابنتها محتمية ببيتها، فيما كان شباب المنطقة يكونون لجانا شعبية، برفقة ضباط على المعاش، لم يحدث ما يثير القلق في بلدتها الصغيرة، فلم يكن هناك ما سُمي بالانفلات الأمني، وقد اجتمع أهل البلد، من المؤمنين بالثورة، في ميدان النحاس متضامنين مع باقي ميادين مصر.

لم تُناصر ''أم ياسمين'' الثورة منذ يومها الأول، ولكن بعد موقعة الجمل وسقوط ضحايا تغير موقفها، لم تفكر ربة المنزل أن تذهب إلى ميدان التحرير ''أنا ست تعبانة، صعب اني أنزل، والتحرير بعيد عننا''، وارتأت أن المتابعة من خلال التلفاز و''ممكن أمسك علم في البلكونة'' هو الحل الأمثل لها ولأسرتها الصغيرة المكونة من ثلاث أبناء، فتاة وشابين، ورب الأسرة، التي لم تشارك برمتها في الثورة.

عمرو شحاتة.. مشارك من أمام التلفزيون

فى منزله الصغير، وتحديداً على أريكة منزله المريحة، اتخذ ''عمرو شحاتة'' مكانه بين ''جمهور الثورة''، يشاهد اللعبة من خلال الريموت كونترول، كمباراة اتخذت طابع سياسي، غير أنها في بداية الثورة كانت لفريق واحد، رآه ''عمرو'' خاسرا منذ البداية.

''أنا عارف إنها مش هتنجح من الأول''.. بلهجة خبير تليق برجل خمسيني تحدث عن شعوره تجاه ما أسموه ثورة في البداية، تاركًا كل أسباب النزول لـ''العيال الصغيرين''، حسب وصفه، فهو لم يفكر في النزول إلى الميدان، بسبب تعبه وكبر سنه ''أنا مش بتاع بهدلة''.

لذا فهو ''يشارك من أمام التلفزيون'' كما اطلق على نفسه مازحاً، تاركاً أصبعه تنهك في عمر ''الريموت كنترول'' بين جحافل الإعلاميين على القنوات الفضائية، في البداية كانت قناة ''الجزيرة'' وجهته، لما فيها من اختلاف صاحَب الثورة، سرعان ما انقلب عليها الرجل معتبرا أنها قناة ''فاشلة''، على حد تعبيره.

''الإخوان عملوها ولبسوها في الحزب الوطني''.. هكذا يعتقد ''عمرو'' حيال موقعة الجمل، قبل أن يضيف ''الإخوان سرقوا الثورة من الشباب''، لم تتوقف نقاشات السياسة بينه وبين زوجته وأولاده طوال فترة الثورة، وعلى الرغم من اتفاقه مع زوجته، إلا أن أولاده ''لبنى وأحمد'' كانا لديهما النية للنزول لـ''الفرجة على الثورة''، لكن الأب أعلن رفضه خوفاً من احتمالات الخطر عليهما.

يصدق ''عمرو'' ما قيل في الإعلام إن هناك ''مأجورين'' فى الميدان، وبلطجية ووجبات كنتاكى، لكنه لا يُنكر أن هناك شباب ''محترم وبيحب البلد''، قائلاً بعين الخبير ''الميدان ده فيه كل حاجة.. من البلطجي لابن الناس''، لم يبدِ ''عمرو'' أي مشاعر سلبية للشباب الذين شاركوا في الثورة، متمنياً انه لو عادت به الأيام لشارك الثوار في الميدان؛ حتى تتخلص البلد من ''بعبع التوريث''، كما أعقب إعلان التنحي فرحة غامرة من ''عمرو'': ''حسيت أن فيه طغيان وغمة وانزاحت من البلد''.

كان يرى ''عمرو'' فى حينها أن الأمور ستصبح أفضل، سرعان ما تبدل الأمر لديه بأن الثورة ''خربت البلد''، خاصةً بعد تعرضه لمحاولة سرقة أثناء عمله كسائق على الطريق الصحراوي ''بعد التنحي بكام يوم.. إرهابيين طلعوا عليا وأنا سايق في شغلي.. لكن الحمد لله طلعت منها سليم''.

نسمة.. الثورة لم تحقق أي شيء للبلد

على الرغم أنها من جيل الشباب الذى شارك في الثورة، إلا أنها اختارت من أمام التلفاز مقعدًا، لم تتوقع ''نسمة'' مدرسة الرياضيات أن يُطاح برئيس بعد 18 يوم من بداية الثورة، كانت تطمح في البداية للمشاركة، لكن أنباء القتلى عقب 28 يناير جعلها تحسم قرارها لصالح ''الكنبة''.

لم يخلق ميدان التحرير لـ''نسمة'' بديلًا، كان سؤالها الحائر ''طب لو مبارك مشى مين اللي هيمسك البلد؟''، كانت فى البداية تتابع القنوات المصرية، سرعان ما أدركت من قنوات فضائية أخرى أن الأمر له جانب أخر غير شاشة مثبتة على ماسبيرو بها عدد من مؤيدي مبارك ''حسينا أن التلفزيون بيكدب.. كنا بنجيب الجزيرة وغيرها، وطبعا بنعرف من على الإنترنت قبل فصله''.

''الواحد ماكنش عارف مين الصح ومين الغلط'' قالتها ''نسمة'' تعبيراً عن حالة التذبذب التى كانت تنتابها فى بداية الثورة، سرعان ما أصبحت حالة ''رعب'' نتيجة الانفلات الأمني وقتها، خاصةً لدى منطقة الهرم التي تقطن بها، لم تترك لديها أي فرصة للتفكير للنزول إلى الميدان.

لم تصدق ''نسمة'' وقتها ما أشيع عن موقعة الجمل إنها من ناس ''واقف عيشها'' في نزلة السمان، تصدق أنهم ''مأجورين'' من بعض رموز الحزب الوطني ''البلد كلها كانت واقفة..اشمعنى دول اللي تحركوا للميدان؟''، الأمور تجلت لـ''نسمة'' في أواخر الثمانية عشر يومًا، عندما شعرت أن كفة الثورة هي الأرجح، كانت تتمنى أن تكون معهم بعكس البداية -وقت أن شعرت أنهم ''مخربين''، لكن اهتزاز السلطة منح ''نسمة'' ثقة في الميدان ''ساعتها بس حسيت أن عندهم حق''.

اللحظة الوحيدة التي فكرت فيها ''نسمة'' مغادرة ''الكنبة'' هي وقت إعلان تنحى ''مبارك'' ''ساعتها حسيت أنى عايزة اشاركهم.. لأنهم عرفوا يجيبوا حق الناس كلها''.

''إحنا بقينا أسوأ من أيام مبارك.. البلد حالها واقف وبنرجع لورا'' توضح ''نسمة'' رؤيتها للأوضاع مع حلول الذكرى الثالثة للثورة، لم ترى أي مبرر للاحتفال بثورة يناير، فهي لم تحقق أي إنجاز أو إيجابيات تخلق معه السبب للاحتفال، حسب تعبيرها.

ثلاثة أشهر إجازة إجبارية من عملها هي الإنجاز الذى حصلت عليه ''نسمة'' من الثورة، لم يؤثر عليها مادياً بشكل كبير، لكنه ترك تأثير سلبى لدى زملائها من ذوى الأسر والمسؤوليات، وضرر مباشر وقع على شقيقها بخفض مرتبه للنصف، جعلها تدرك أن للثورة مساوئ أكبر من إيجابيات ''مش حاسين بأمان زي الأول'' سبب آخر لـ''نسمة'' جعلها تؤمن بفشل الثورة كما تقول، كانت من قبل 2011 الشوارع لها أكثر أمناً، تبدل الأمر مع الثورة بسبب انتشار البلطجة.

ضياء.. الانفلات الأمني رجح كفة ''الكنبة''

كان ''ضياء منصور''-يعمل مدخل بيانات بأحد الشركات الخاصة- يجلس على أريكة بجوار والده ووالدته، يحلم بالتغيير بعد حكم 30 سنة لحاكم أوحد، لكن أخبار الانفلات الأمني واقتحام السجون، سبباً كافياً لأن تبدو له الثورة في البداية ''بلطجة وقلق''، اتبعه عدم استقرار، خاصة فى منطقته السكنية -15 مايو- ذو التواجد الأمني القليل.

يتذكر ''ضياء'' يوم 25 يناير، كان قد انتهى للتو من امتحان بدراسته، نوى بعدها النزول للميدان مع عدد من أصدقائه، لكن مرض والده حسم الأمر لأن يبقى بجانبه، ولأن ما سمعه عن ''ناس بتموت'' قرر معه أن يبقى أسير جدران المنزل طوال الثمانية عشر يومًا.

كان الريموت كنترول رفيقه هو الآخر في رحلة الثورة، اختار أن يمر على كل القنوات الأرضية والفضائية لمعرفة ما يدور حوله، قنوات خاصة كانت سبيله، لم تكن ''الجزيرة'' من بينهم لتذبذب البث وقتها، لكنه كان لديه اقتناعه التام ''كل قناة بتغني على هدف معين''.

تابع ''ضياء'' موقعة الجمل أيضاً من شاشة التلفزيون، عرف أن الحزب الوطني ''بيعافر'' في أواخر أيامه، أصبح لديه قناعة أن التغيير يجب أن يحدث، وأن الزمن تغير لنظام سياسي يتفهم مطالب الناس، شاركه والده ووالدته الشعور نفسه.

وكأنها فرحة واحدة مرت على كل أبناء الكنبة، فرح ''ضياء'' عقب إعلان التنحي، شعر أن ثمة انتصار تحقق، وعلى كل مصرى أن يفخر به، لا يشوبه سوى الانفلات الأمنى الذى انتشر فى البلد، وزيادة أعداد ضحايا الثورة.

فقدان الثقة في كل الأطراف السياسية.. هو ما توصل إليه ''ضياء'' في الذكرى الثالثة للثورة، لا يعتقد أن هناك أمل في قوة سياسية حالية سوى الجيش من أجل فرض السيطرة على البلد، وفرصة فى التخلص من أي مؤامرة على البلد، أما الكنبة فهي مستقرة الذي لن يفارقه.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان