أتوبيس الـ''wifi'' داخل الخدمة.. وسائقون: ''هيلهي الناس.. وفين حقوقنا''
كتبت - إشراق أحمد:
''أتوبيسات جديدة'' وقع تلك الكلمات على السائقين والمستقلين لها يدخل في النفس شيئًا من الراحة، فإيجاد مقعد خالٍ داخل السيارة مطلب أي راكب، وشَغْل جميع المقاعد تباعًا لأكثر من '' طلعة'' مطمع السائق.
لكن الأيام القليلة الماضية بعد قرار طرح أتوبيسات جديدة '' ميني باص'' أو كما أطلق عليها '' أتوبيس الـwifi'''' لتضمنه خدمة الانترنت المجاني FREE WIFI''، وشاشات عرضوخدمة صوتية للإعلان عن المحطات؛ شهدت حالة من السخرية على '' فيسبوك'' و'' تويتر''، غير أن رفاق طريقتلك '' الاتوبيسات'' كان وقع القرار عليهم مختلف.
نوعيتان من ''الاتوبيس'' تستقبلك في جميع المواقف ومحطات الانتظار، فإذا كنت من مستقلي ما يحمل كلمات '' النقل العام'' في شكله القديم المعروف بلونه الأبيض أو الجديد المعروف ب'' الأتوبيس الأحمر'' أو '' CTA'' فأنت لست ممن طرحت هذه الخدمة من أجلهم.
أما إذا كنت من مرتادي ''الأتوبيس الأخضر'' الحامل لكلمات ''النقل الجماعي'' فانتظر تلك الخدمة تصل إليك تباعًا بعد تنفيذها بخط '' شبرا – المطار''.
سيارات النقل الجماعي تلك تشرف عليها هيئة النقل العام لكنها بالأساس تتبع شركات نقل خاصة لذلك تزيد الأجرة بهاعن سيارات الهيئة بواقع جنية أو أكثر،على الرغم من تجاور الجميع في موقف واحد بل وطريق واحد أيضًا.
وكذلك سائقوها جيران المهنة و''الشقا'' وإن تفاوت نسبته عند كل منهم لكن في جميع الأحوال، الطريق هو جامعهم كل يوم بزحامه ورتابته ومفاجئاته أيضًا، ومقعد القيادة هو وسيلة رزقهم فقط يختلفون في تلك العربة التي يستقولنها وما تحمله من كلمات تابعة للحكومة '' النقل العام'' أو لشركة خاصة '' النقل الجماعي''.
''صابر'' يعمل سائق بهيئة النقل العام بموقف عبد المنعم رياض أحد أكثر المواقف ارتيادًا للركاب، لم يعلم كغيره من السائقين كبار السن منهمبالقرار ليس فقط لأنهم لا يعلمون إلا عندما تأتي اشارة رسمية من الهيئة لكن أيضًا لأنهم لم يعدوايصدقون شيء إلا برؤية العينله على أرض الواقع '' ياما اتقال حاجات كتير ما نصدقش غير لما نشوف بعنينا''.
صابر لا يعلم ما هو الـ''WIFI'' قائلًا: ''إحنا تعليمنا على قدنا''، لكن علامات التعجب بدت عليه عند إخباره أنها تعبر عن خدمة الانترنت، ألحقها بعلامات ضيق واستياء من وضع ''الأتوبيسات'' وتساءل حولتطبيق خدمة جديدة يستفيد منها البعض في حين أغلب سيارات الهيئة تحتاج للصيانة والتجديد '' مافيش صيانة للعربيات، وفي عربيات مافيهاش كراسي زي فرع إمبابة العربيات اللي فيه لا تصلح للاستهلاك الآدمي''.
لم تكن حالة السيارات فقط ما دفع لتعجب صابر بل أحوال السائقين، فهو يعمل منذ 30 عامًا والمرتب الأساسي له 380 جنيه، بينما الحوافز تزيد تبعًا لمضاعفة العمل '' لو تعبت يوم واحد مش هلاقي حاجة آخر الشهر'' حسبما قال الرجل الخمسيني الذي اضطر لإلحاق ابنته بكلية التجارة بدلاً من الاقتصاد والعلوم السياسة رغم توافق مجموعها ورغبتها الشخصية في دخولها غير أن تكاليف الدراسة كانت عائق أمام تحقيق أمنية ''صابر'' وابنته.
''أيوه الانترنت، ده في الاتوبيسات الخاصة تبع النقل الجماعي لكن احنا تبع الحكومة'' قالها محمد السائق العشريني العمر، الوحيد بين سائقي النقل العالم بالموقف الذي عرف القرارووجده تابع للقطاع الخاص وإن كانت تشرف عليه هيئة النقل لكنه لن يعود بالنفع بأي حال على السائقين أو ركاب الهيئة.
كحال سائقي النقل العام، وإن كان القرار يمس عمله لم يعرف '' محمد'' عنه بينما وقف أمام سيارته التابعة للنقل الجماعي بانتظار دور '' تحميله''؛'' محمد'' انتابته حالة ضحك مع تذكره سلوكيات الركاب قائلاً: '' هي فكرة حلوة بس مش هتنفع مع الناس، اللي يطلع ياكل لب واللي يكتب اسمه على الكرسي، لو السلوكيات اتغيرت هتبقى حلوة''.
وأضاف أن الأمية تمثل مشكلة مع تلك الأتوبيسات التي بها إذاعة داخلية لكن لن تغني عن '' التّباع'' لينادي باسم المنطقة ليعرف الراكب قبل استقلال العربة، خلاف أن '' مش كل الناس بتدخل على النت'' رغم تأكيده أن '' زبون'' النقل الجماعي غير النقل العام نظرًا لارتفاع الأجرة '' احنا اللي بيركب معنا شوية زبون مرتاح عشان الأجرة 2 جنية لكن بالنسبة لحد عادي مش هتفرق معه'' وتساءل ضاحكًا '' ازاي هيبقى جهاز النت في العربية ؟ ''.
صمت الشاب العشريني بُرهةً يفكر ثم قال ''الميزة أن المتعود على النظافة بالنسبة له حاجة روعة لكن الناس العادية كل اللي فارق معها مكان تتحط فيه وخلاص ''،ليعاود الضحك مع تفكيره أن خدمات الأتوبيس ستمنع عنه ثرثرة بعض الركاب فتابع '' أهو يلهي الزبون عنا شوية، يريح دماغنا بدل كل شوية حاسب يا اسطة واحنا طول النهار شغالين ''.
ولم يستطع ''محمد'' الذي اضطر لترك مجال السياحة منذ ثلاثة أعوام ولم يجد غير العمل كسائق بالنقل الجماعي أن يغفل ما يعانيه خاصة بعد علمه بقرار ل يجد فيه نفع له ''إحنا زي الأرزقية،نشتغل اليوم بيومه لا في تأمين ولا عقود ولا أي حاجة لو ما اشتغلتش يوم خلاص كده، وممكن صاحب الشركة يقولي لي مع السلامة مالكش شغل ولا فلوس عندنا'' تحدث الشاب العشريني معتبرًا أن توفير حقوق السائقين أكثر أهمية من زيادة سيارات بخدمات ربما لا تمس إلا فئة معينة ومعاناة سائقيها كما هي.
''حمادة'' فور أن تخبره بالسيارات الجديدة يسارع بكلمات '' العجل حلو أوي شوفتها'' فالشيء المهم لدى السائق بالنسبة له عجلات السيارة ونظافتها.
إمكانيات تلك السيارات أفضل عند حمادة سائق النقل الجماعي منذ 8 سنوات معتبرًا خدماتها من شاشة عرض وانترنت '' حاجة كويسة هتلهي الناس'' ومع ذلك يجد أنها موجهة لفئة معينة '' هتبقى للناس النضيفة''، على حد قوله.
منذ أن عرف ''حمادة'' بتواجد خدمة الانترنت في تلك العربات توجس خيفة من فكرة استخدامها في '' التجسس''، على حد قوله ''شوية الواحد يفكر ليه النت في العربيات يعني شاشات العرض مفهومة لكن ممكن النت يكون فيه قلق عشان موضوع التجسس وكده''.
''حسين إسعاف'' كما يطلق عليه هو الآخر وقف بانتظار دوره، اعتبر الموضوع برمته ''واجهة حلوة'' ذاكرًا أن السيارت تابعة لشركات خاصة بطبيعة الحال وأنها ستخدم فرد،ولن تعود بالنفع على السائقين وكذلك الركاب لأنها تخدم فئة معينة، لذلك بدأ تطبيق القرار في خط المطار لتأكيد أنها واجهة، مشيرًا أن مثل تلك السيارات سياحية لكن نظرا لأحوال البلاد فكان القرار بطرحها لتعود بدخلها على صاحب الشركة المتعاقد مع المحافظة والهيئة '' كلها مصالح'' حسبما قال حسين.
وتساءل الرجل الأربعيني '' لو هم عايزين المصلحة سايبين ليه السواقين كده زي عمال اليومية، لا لهم حقوق ولا أي شيء، احنا بنمضي على نفسنا وصل أمانة بدل العقد'' مضيفًا أن ذلك يفتح الباب أمام بعض السائقين للاستغلال الركاب برفع الأجرة دون إعطاء تذكرة خاصة مع تعنت صاحب العمل بالمطالبة بزيادة الإيراد المرتبط بطبيعة الحال بمدى زحام الطريق.
واستمر تساؤل السائق الذي قضى سنوات عمله بين السيارات التابعة للدولة من النقل العام ثم الاسعاف وأخيرًا النقل الجماعي، قائلاً لماذا لا تسعى الحكومة بإعطاء الشباب فرصة امتلاك تلك السيارات عن طريق تقسيت ثمنها مع استمرارها في الإشراف عليها عليها كما تفعل الآن من منطلق '' بدل ما واحد بس يستفيد ويتحكم يبقى مشروع شباب كثير يستفيدوا منه بدل الحال ده''.
''سنة وهتبقى كنبة ''، قالها ''أمجد'' سائق آخر جلس مستاءً لا يضيره ولا ينفعه من ذلك القرار شيء معتبرًا إياه كغيرهالتي سبقت وطرحت اتوبيسات النقل الجماعي والتي كانت حينذاك '' جديدة'' أيضًا.
واعتبر الشاب العشريني أنه قرار يستفيد منه '' اللي معاهم فلوس كتير.. كله أونطه، هدخل على النت اعمل ايه'' مطالبًا أن تكون أولية الاهتمام باعطاء حقوق سائقي تلك السيارات التي تشرف عليها الهيئة بينما يقبعون تحت رحمة أصحاب الشركات المالكة لتلك '' الاتوبيسات'' قائلاً : ''إحنا عاملين زي سواقين الميكروباص''.
دلوقتي تقدر تعبر عن رأيك في مواد الدستور الجديد من خلال استفتاء مصراوي..شارك برأيك الآن
فيديو قد يعجبك: