لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

جيران ضحايا "زلزال 92" يروون لمصراوي ذكريات الفزع والموت (فيديو)

10:15 م الأحد 12 أكتوبر 2014

كتب - محمد مهدي:

الشوارع هادئة، المصريون جالسون في منازلهم ينعمون بقسط من الراحة بعد العودة من المدارس أو العمل، القناة الأولى تذيع أحد برامجها، يوم عادي في حياتهم تحول فجأة إلى جحيم بعد وقوع زلزال بقوة 5.8 ريختر خَلّف المئات من الضحايا - قتلى ومصابين- وذكريات من الفزع والألم والحزن مازالت ساكنة في قلوب من عايشوا هذه الأيام وشاهدوا بأعينهم جيرانهم وأصدقائهم يرحلون في لحظة.

في ظهيرة يوم 12 أكتوبر 1992 أنهت "شيماء ماضي" الطالبة في الصف الثاني الإعدادي يومها الدراسي بمدرسة "سانت فاتيما" بمنطقة هليوبوليس بمصر الجديدة، متجهة مع صديقاتها إلى العمارة المقابلة للمدرسة لتدخل المطعم الشهير- حينذاك - "فاني باني" لشراء وجبة قبل أن تعود إلى منزلها الذي يبعد عن المطعم بضعة أمتار، ساعات وتحول المطعم والعمارة نفسها إلى أنقاض تحوي العشرات من الجثامين والأحياء العالقين بها بفِعل زلزال مفاجئ ضرب مصر.

"شعرت بدوار أثناء الوقوف في نافذتي وهزة عنيفة في المنزل" تتذكر السيدة الثلاثينية الأحداث بذاكرة بِكر كأنها وقعت بالأمس، الفزع الذي أَلم بِها، النزول إلى الشارع بصحبة شقيقاتها ووالدتها، الغبار الذي يعمي الوجوه القادم من العمارة التي سُميت بعد ذلك بـ "عمارة الموت".

"هناك أشخاص نزلوا إلى الشارع عرايا، آخرون قفزوا من منازلهم مُعرضين أنفسهم للخطر" الأمر كان مبهما للجميع، لم يسبق لهم التعرض لمثل هذا الحَدث، المفاجئة كانت قاسية والأخبار القادمة من "عمارة الموت" شديدة السوء، عدد الضحايا لا يُحصى ومازال البَحث يجري لإنقاذ العالقين.

" عمارة كبيرة جدًا، تطل على مسجد الفَتح وكنيسة مار جرجس، مِلك لـواحدة تُدعى "كاملة"، وبها المطعم الذي عشقناه في طفولتنا" هكذا تصف "شيماء" أخصائية التخاطب، العمارة المُنهارة التي تحولت إلى مثار حديث مصر وقتها، ولا تنسى أبدًا "أكثم السيد إسماعيل" الذي ظل لـ 82 ساعة تحت أنقاضها.


وصف "أكثم" الناجي من الموت، حالته تحت الأنقاض-في فيديو مُسجل عقب إنقاذه منشور على "يوتيوب"- قائلًا: شعرت بالرعب كأني في قَبر، ظلام دامس وأتربة ولا صوت إلا أنين المصابين وصمت الموتى.

الفضول دفع "شيماء" بعد أيام من وقوع الزلزال إلى التوجه لـ "عمارة الموت" لاستكشاف الأمر، لكنها وجدت كردونا أمنيا أمام العمارة وقوات الدفاع المدني منهمكين في إخراج المزيد من الجثث "ظل الناس يتحاشون المرور من أمام الأنقاض أو البناء عليه من جديد لسنوات طويلة" تذكرها موضحة أن العمارة تحولت إلى منطقة مُحاطة بهالات الرُعب ظنا منهم أن السلطات لم تتمكن من الوصول للجثث كافة.

مجدي حسين العمدة، رجل خمسيني، يجلس مع زوجته في منزله البسيط بالهرم يُذكرها بأحداث الزلزال الذي وقع منذ 22 عاما عندما كانت ترقد- هي- ممنوعة من الحَركة بأمر الأطباء بعد إصابتها بكَسر في أحد قدميها "تعكزت عليّ زوجتي وحملت أطفالي وخرجت إلى الشارع" لم يرَ والديه فهرع إلى منزلهما في الدور الأخير من البيت لينقذهما.

بعدها وجد نفسه وسط العشرات من قاطني الشارع، الصراخ والعويل في كل مكان، الدموع حاضرة، الوجوه شاخصة، لا أحد يفهم ما يجري، أحدهم يُخبرهم أن هناك حالة وفاة أمام الشارع، سور سقط من أعلى بناية على جسد سيدة تَحمل طفلها "اكتشفت أنها قريبتي.. حاولنا إسعافها لكنها ماتت.. والطفل نجا".

أمام مدرسة علاء الدين، المدرسة الوحيدة في المنطقة في تلك السنوات، منطقة خلاء فسيحة مكث فيها "العمدة" ومن معه من أسرته وأهالي المنطقة كلها لمدة 3 أيام بعيدا عن المباني وشَبح الموت، يأكلون ويشربون وينامون متدثرين بدفء ترابطهم "وقتها جاء إلينا شيوخ من المناطق المحيطة وخطبوا فينا أن نتحد وأن نراعي الله في حياتنا وأنها غمة وقريبا تزول".

الدولة كانت غائبة عنهم، انشغلوا بالضحايا الذين امتلأت بهم البلاد" لم نشاهد التلفاز في ذلك الوقت.. من يهتم في هذه الظروف بمشاهدة النشرة" وبعد انتهاء الأيام الـ 3 عادوا إلى منازلهم، يحملون ذكريات قبعت داخلهم يستعيدها "العمدة" تارة لمداعبة زوجته وتارة كحادث طريف يسرده لأبنائه.

"سماح أحمد" لا تنسى صديقتها التي ودعت الحياة في مثل هذا اليوم منذ 22 عاما، حينما وقع الزلزال قابضا على روحها "سقط منزلها الأيل للسقوط بمنطقة القللي برمسيس" كانت جارتها لكن منزلها لم يتحمل الهزة العنيفة.

تعتبر "سماح" الموظفة بإحدى الشركات الخاصة، أن يوم الزلزال من أصعب الأيام التي مرت عليها "حالة الناس بائسة، التيه في عيونهم، الخوف من المجهول قاسي" فضلا عن وصول خَبر سقوط منزل صديقتها الأقرب إلى قلبها "توجهت إليها لأجدها قد ماتت.. كانت صائمة يومها".

للزلزال عدة توابع انخلعت معه القلوب "التوابع استمرت لفترة وكنا نبيت أمام منازلنا" ومنحت الدولة للطلاب والموظفين إجازة امتدت لنحو أسبوعين تخوفا على أرواحهم "مدارس كثيرة ومبانٍ حكومية تصدعت وكان يمكن وقوع كوارث جديدة".

تابعت "سماح" رغم سنها الصغيرة في أيام الزلزال شاشات التلفزيون "قنوات محدودة ونشرات إخبارية شحيحة المعلومة" لجأت إلى الصُحف التي وجدت فيها صورة لا تغيب عن مخيلتها كلما تذكرت الحدث "صورة للفنانة فردوس عبدالحميد بملابس المنزل وكنا قد اعتدنا رؤيتها كنِجمة لامعة".

 

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان