تعرّف على حياة الأفيال.. حيوانات العاطفة والمسؤولية
كتبت ــ هناء عزالعرب:
إذا نظرت للفيل فإنك تستطيع أن تحكم عليه بسرعة، هو من أطرف وأطيب الحيوانات، كما أنه يتمتع بذكاء شديد، ولكن لا يمكنك التعرف على سماته الأخرى بمجرد النظر، فعالم الأفيال مليء بالأسرار والطرائف والعجائب، فالفيلة من السابحات القوية، سوالفها القديمة كانت تعيش في الماء، ويوجد حول العالم ثلاثة أنواع فقط من الأفيال وهي الفيل الاسيوي وفيل لوكسودونتا أفريكانا وكذلك الفيل الإفريقي، ويعد أصغر هذه الأنواع حجمًا هو الفيل الأسيوي، وعادة ما يتمركز في الهند.
الفيل يعيش حياة اجتماعية معقدة ومنظمة لأقصى الحدود، ويعيش في شكل قطعان وكل قطيع يحتوى على 10 أفراد تقريبًا، وهناك قطعان للإناث وأخرى للذكور، لعل قطعان الإناث هي الأكثر ترابطا، تتحدد مكانة كل فرد طبقا لعمره، خبرته، وحجمه، ولن تحظى أي أنثى في الجماعة بمنصب القائدة حتى وفاة الأم القائدة، فبعد وفاتها تُختار أكثر الإناث خبرة وعمر لتصبح هي القائدة، ويصبح دورها الحفاظ على العائلة بأكملها في موسم الجفاف، إناث الجماعة الواحدة متعلقة ببعضها وبصغارها إلى حد كبير.
يسمى صغير الفيل بـ"الدغفل"، وعند ولادته وفي السنوات الأولى من عمره يكون مصاب بالعمى، ويكون وزنه عند الولادة 100 كيلو جرام تقريبًا، ولا يستطيع استخدام خرطومه في الشرب أو نقل أي شيء إلا بعد عام من مولده على الأقل وقد يصل الأمر إلى سنتين، ويلازم أمه في سنواته الأولى ويحاول التعلم من الراشدين في جماعته أثناء الترحال، وذلك من خلال ملاحظة أفعالهم والتعلم منها، وهذا ما يجعلها تتغلب على ضعف قواها العقلية، فصغار الفيلة لا يعمل إلا جزء صغير من مخها فتعوض ذلك بالتعلم ممن حولها، وتصبح ملازمة لأمها حتى تستطيع البقاء.
وأهم ما تتعلمه هي عادات الجماعة بداية من احترام من يكبرهم سنا وخاصة الأم القائدة، فهي التي تضع لهم خطة حياتهم وتحدد وقت النوم والاستيقاظ وأين تسير الجماعة يوميا ووقت توقفهم عن الأكل.
تولد الفيلة بلا أسنان ثم تظهر لهم أسنان لبنية ضعيفة في مرحلة الطفولة وتقوى شيئا فشيء حتى تستبدلها بأنياب وأسنان مستديمة، تحب الفيلة التمرغ في الوحل والتراب حتى تحمي جلدها من حرارة الشمس إلا أن صغار الفيلة ترمي نفسها في الوحل عند الحزن والغضب، كنوع من التعبير عن استيائهم، وعندما يصل عمره إلى 12عام حينها يصبح من حقه مغادرة القطيع إذا أراد في حالة كونه ذكر، فالأنثى غير مسموح لها الخروج من القطيع فتبقى فيه حتى الموت.
الفيلة كثيرة الترحال وتنتقل من مكان لآخر بحثا عن الماء والعشب، وعندما تضل بعض الأفراد الطريق تستطيع التواصل مع بعضها بإصدار أصوات معينة، ويسمى صوت الأنثى بـ"النهيم"، وتتعرف الفيلة على مناطق الماء عن طريق حاسة الشم وذاكرتها القوية، فتستطيع شم الرياح والتعرف على مصادر المياه، كما أن أنثى الفيل تستطيع شم رائحة الإنسان من على بعد نصف كيلو متر.
بالنسبة لطعامها فمن المعروف أن الفيلة آكلة للأعشاب ويمكنها أن تقضي ثلاث أرباع وقتها وهي تنتقي أنواع الأعشاب، ويمكن للفيل الإفريقي البالغ أن يأكل 200 كيلو جرام يوميًا منتقاة من 90 نوعًا من الأعشاب، ولذلك تخرج كميات هائلة من الروث تصل إلى 136 كيلو جرام يوميًا، ويمكنها شرب 250 لتر من الماء يوميًا، أما الفيل الأسيوي الهندي فيأكل ويشرب كميات أقل عكس الإفريقي، فيشرب يوميًا 100 لتر، الأمر الذي يجعلها تنام من 2- 3 ساعات يوميًا فقط حتى تستطع تناول طعامها، وتستبدل أسنانها الطاحنة مرات خلال دورة حياتها، ومع التقدم في السن تتهالك أسنان الفيلة فيموت أغلبها جوعا، عندما يصبح عرض الذكر حوالي ثلاث أمتار عند الكتفين يكون أطول من الأنثى ويستطيع الوصول إلى طعام في مناطق يصعب على غيرها الوصول إليها.
من أهم أعضاء الجسم عند الفيل الخرطوم، فمن خلاله يستطيع إمساك الأشياء والشرب، فيمكنه سحب 40 لتر من الماء دفعة واحدة، وتتمكن الفيلة الأكثر ذكاءً من فتح الأقفال والرسم بخراطيمها، وتحيي بعضها بتلامس الخراطيم، والأنثى الأم تستخدم خرطومها في معاقبة صغيرها عند الخطأ، فتقوم بلف خرطومه على خرطومها والضغط عليه بشدة.
تعد أنياب الفيل من أثمن الأشياء في العالم، فـهو مصنوع من العاج، ويستطيع الفيل أن يرفع بأنيابه أشياء ثقيلة والحفر وحماية نفسه والقطيع أيضًا، الأمر الذي يجعل الصيادون تتبع الأفيال وعادة ما يختاروا الفيلة ذوات الأنياب الأكبر حجمًا، وغالبًا ما تكون الأم الرئيسية.
ومن الأعضاء الهامة أيضًا في جسم الفيل القدم، فهي تحتوي على لوحة هائلة من الغضاريف تساعده على تحمل الصدمات والمشي لمسافات طويلة، فيمكن لأقدامها تحمل وزنها الثقيل حتى أن الأفيال تستطيع النوم وهي واقفة، وتحتوي على 5أصابع في القدم الواحدة، 4 منها فقط يوجد عليها أظافر، ومع ذلك هناك العديد من الفيلة الأفريقية والآسيوية التي يوجد على أصابع قدمها الأمامية 5 أظافر وعلى أصابع القدم الخلفية 4 أو 3 فقط.
ترتفع نسبة التستوستيرون عند الذكور إلى ستة أضعاف مقدارها الطبيعي ويبدأ البحث عن الانثى المناسبة، وذلك ما بين الخامسة والعشرين والثلاثين من عمره، حتى يصبح حجمها مناسب للصراع والمنافسة من أجل الحصول على الإناث، حيث تكون الأنثى خصبة لأيام معدودة في السنة، وتصل فترة حملها إلى 22 شهر، وتكون بذلك أطول فترة حمل في حياة الحيوانات البرية.
تتميز الأفيال بعدة سمات منها الذكاء الشديد فيصل حجم مخ الفيل البالغ 5 كيلو جرام وتزداد طياته وتعقيداته، وبذلك تصبح الفيلة مضاهية للحيتان في كبر حجم مخها، ووصل العلماء إلى أن في مخ الفيل يوجد مركز للعاطفة مسئول عن إظهار الحزن والفرح والحنان.
لـلفيلة أعداء كسائر المخلوقات وأعدائها الرئيسيين الإنسان والثعبان والأسود والتماسيح، إلا أنها لا تخشى أي حيوان حتى الأسود، ولكنها تخشى النار والأصوات العالية.
يصل متوسط عمر الفيلة من 60 إلى 80 عامًا، وعند إحساسها بالإنهاك أو بقرب موتها تذهب إلى أماكن المياه حتى تموت هناك، ويتكون ما يعرف بمقبرة جماعية للأفيال، وإذا توفى أحد أفراد القطيع فجأة تقوم الأفراد الأخرى بحفر قبر ضحل ويدفنوه فيه، ويظل أقرب فرد له بجواره ويظهر عليه علامات الحزن والاكتئاب، وإذا مات الفيل وهو واقف يظل واقفًا لساعات ثم يسقط.
تستطيع الفيلة التعرف على عظام موتاهم وتأملها، وهي عاطفية جدًا تصاب بالتوتر إذا ما رأت عظام موتاهم.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: