لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

شهيد الزقازيق "كيرلس فاضل".. مواجهة الموت بقَلب مقاتل

10:03 م السبت 25 أكتوبر 2014

شهيد الزقازيق كيرلس فاضل

كتب- إشراق أحمد ومحمد مهدي:

بوجه بشوش، قلب لا يهاب شيء، أخذ يسرد كيرلس فاضل حبيب، لصديقه جورج رزق، عن "المعجزة" التي أنقذته من موت مؤقت، بعد أن حل مكان زميل له في الخدمة، فسقطت قذيفه بمكان سريره، لكنها أودت بحياة زميله في الكتيبة، فيما ظل هو حي يرزق يحكي له.

لم يعلم الشاب العشريني أنه لن يمر أكثر من شهرين ويكون أحد الضحايا الـ 31 الذين قتلوا في حادث كمين "كوم القواديس" بالعريش، ولم يكن الأهل فقط من استقبلوا الخبر، بالألم والحزن، وإن كانوا وسيظلوا الأكثر تجرعًا له، غير أن لأصدقاء "كيرلس" ذكرى لن تمت، عن خليل حمل تلك الصفة بما تحمله من معنى.

بعد قرابة ثلاثين يوم كان من المفترض أن ينهي "كيرلس" خدمته العسكرية "ويسلم المخلة ويخلع اللبس الميري بعد سنة وشهر" كما قال لصديقه "جورج" في آخر لقاء معه قبل 3 أسابيع، كانت آخره إجازة له بعد ما يقرب من شهرين، فجلسات الصديقان لم تنقطع منذ 5 سنوات، حيث بدأت معرفتهم كشركاء في العمل "بنقعد مع بعض أكثر من عشر ساعات"، وحتى بعد التحاقه بالجيش ""أول لما ينزل أول حاجة بيعملها وهو في الطريق يتصل بيا"، ورغم أن "جورج" يكبر صديقه بـ8 سنوات، لكن يجد فيه خير صديق، وكذلك "عمر العربي".

"كيرلس كان أول واحد يتصل بيا في كل عيد أو رمضان" يقولها "العربي، أحد أصدقاء الشاب، متذكرا دماثة خُلقه، ومحبته لأصدقائه، واهتمامه بتهنئته في كل عيد، وشهرته بين أقرانه بحُسن الخلق.

في العاشرة مساء أمس، علم "رزق" بنبأ وفاة صديقه، كان طيلة اليوم خارج المنزل، فلم يتمكن من متابعة الأخبار، مكالمات انهالت عليه، تسأله عن "كيرلس" لفتت انتباه إلى الأمر، حتى عرف بعض رفقاء صديقه في الجيش كتبوا على "فيسبوك" أنه لقى مصرعه في الحادث.

ظل يساوره تكذيب الخبر خاصة أن أهل صديقه كانوا خارج الزقازيق، فلم يستطع أن يتصل بهم ليخبرهم بالأمر، حتى صباح اليوم تأكد الأمر بعد اتصال جاء أسرة "كيرلس" من القوات المسلحة، يعلمهم بضرورة التوجه إلى ألماظة لاستلام جثمان "كيرلس".

أحاديث لم تتوقف مع الأصدقاء عن المخاطر التي يتعرض لها الجنود، منذ انتقل "كيرلس" إلى الخدمة في العريش، فقبل عام وشهر التحق بالخدمة العسكرية، من معسكر دهشور في الجيزة، ظل قرابة 45 يوم، انتقل بعدها للإسماعيلية ومكث ما يقرب من شهرين، وقبل 7 شهور تقريبًا ذهب إلى العريش.

منذ شهر دار حديث بين خريج كلية الآداب، وصديقه "العربي"، شَعر فيه أن الموت قريب "كان بيتكلم بشجاعة وإصرار إنه هيواجه أي خطر يهدد البلد"، وكتب على صفحته الشخصية عقب حادث وقع له في كتيبته" أديني عايش بس مستني الموت".

"كل يوم بشوف الموت بعنيا" كلمات قالها لصديقه لكن ذلك لم يدب في نفسه الخوف، بل العكس، كان دائم النشر على صفحته بـ"فيسبوك" عن رفاقه في الكتيبة الذين يعرفهم ولقوا مصرعهم "معقول دم الرجالة رخيص أوي للدرجة دي"، لم يكن يهمه حسب قول صديقه غير يحمي مكانه و"الرجالة" –الوصف الذي أطلقه على زملاءه بالكتيبة-.

لم يكن الشاب يهاب شيء، على حد قول صديقيه، رغم ما كان يتداول عن الوضع في سيناء، بل تأقلم على الوضع حسب قول "رزق"، كان فخورا بانضمامه إلى الجيش، دائم الحديث عن تلك الفترة وقت جلوسهم وقت الإجازة "كان سعيد أنه بيتعلم يستخدم الأسلحة.. وبيشارك في مداهمات ويجيبوا تكفريين".

حديثه عن الخطورة التي يراها ورفاقه، ليس من باب الرهبة لكن حديث الأصدقاء، قص عليه إطلاق النيران التي تعرض لها مع اثنين من أصدقاءه وهم يؤمنون إحدى المدارس لكنهم تعاملوا مع الأمر.

كان "كيرلس" شماس-خادم بالكنيسة- حسبما قال صديقه "العربي"، كثير الترحال إلى أديرة بمرسى مطروح والبحر الأحمر وأسوان وقنا، يغيب فيها لأسابيع ثم يعود إلى مدينته مرة أخرى، محتفظا بصفاء روحه وطلته العَطرة.

بدافع الفضول وزيارة أماكن بديعة، طلب "العربي" ذات مرة من الشهيد أن يصطحبه إلى إحدى الكنائس، وافق "كيرلس" على الفور وزارا دير سمعان بالخراز في المقطم "واحنا هناك كان مُعجب جدًا بتفاصيل المكان، وقال لي هنا مش بس أثار المسيحين.. دا تاريخ كل المصريين".

بعد زيارة دير سمعان الخزار، اتجها إلى القلعة، وهناك التقط "عمر" عدة صور لصديقه، لازال يحتفظ بها حتى الآن، يُلقي عليها نظراته كل حين منذ سماعه خَبر وفاة "كيرلس" وتأخذه نوبة بكاء على رحيل صديقه، فيما كان "جورج" ثابت الكلمات، مع المضي قدما نحو المدفن الذي يلقى فيه "كيرلس" مثواه الأخير في أبو صوير بالإسماعيلية، يعلو النحيب والعويل، يحتسب صديقه الذي يصفه بالأمانة والحكمة من الشهداء، وهذا عزاؤه لافتقاده.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان