لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

سوريا وفلسطين.. العيد لم يمر من هنا

11:01 ص السبت 04 أكتوبر 2014

وجوه ملأتها الفرحة

كتبت- دعاء الفولي:

ربما مقولة ''بأي حال عدت يا عيد'' لا تحمل مبالغة، يختلف حال المتنبي عندما كتبها عن أولئك الذين تنطبق عليهم اليوم، أهل سوريا وفلسطين، ما إن يُذكر اسميهما حتى يحل على الأذهاب الحرب والدمار والموت، يستطيع المتابع لأحوالهما تخيل كيف العيد، سوريا الغارقة في دماء الموتى دون ذنب، خاصة في الريف، حيث التغطية أصعب، و''غزة'' التي لم تتركها نيران المحتل الإسرائيلي إلا بعد أن أصبحت المنازل دكا، صار لزاما على أهل البلدين التعامل مع الواقع ثم نفض الألم عن أجسادهم حينما يأتي العيد، يحاول بعضهم عبثا الاحتفال، بينما يراه آخرون يوما كباقي أيامهم الثقيلة.

''ما في شيء يفرح''

تبدو تلك الأيام بعيدة، حين كانت مدينة ''دوما'' بريف دمشق _حيث يقطن ''محمد دومة''_ تحمل فرحا مع كل عيد، قبل الثورة السورية عام 2011، يذكر الأب ذو الرابعة والثلاثين ربيعا طقوس العيد جيدا ''كنا نتهيأ قبل عيد الأضحى بفترة لا تقل عن الشهر من حيث شراء الملابس وتجديد أثاث البيت أو تزيين الشوارع ونوافذ البيوت والمحال التجارية''، ولعدم وجودهم في المدينة فعلاقات المواطنين اتسمت بالحميمية، فأبواب المحال لا تُغلق يوم الوقفة ''وهذه الليلة بعض الأشخاص لهم طقوسهم بالحلويات فيتم صناعتها بالمنزل وتعتبر من العادات القديمة لدينا''، كما يجمع الشباب أنفسهم للذهاب إلى ساحات السوق في دمشق، ليقوموا قبيل العيد بتركيب الأرجوحات للأطفال، صبيحة العيد كان الأمر لا يزيد عن معايدات الأسرية ولهو الصغار في الأسواق.

زيارة القبور كانت عادة يفعلها ''محمد'' وآهل مدينته لأخذ العظة ''بعد الثورة صارت الزيارة أهم شيء بالعيد''، مدينة محاصرة، لا ماء، لا كهرباء، طيران يقصف المنازل ولا أمل لوقف النار التي لا تأكل سوى العُزل، لذا لا يشعر أب الثلاثة أطفال هذا العام بالعيد، لم يعتاد الاستسلام للظروف القاسية لكن الوضع لم يعد مُحتمل على حد تعبيره ''اعتبر نفسي من أثرى عوائل مدينتي دوما ومع ذلك لم أشتر ثياب العيد لأطفالي.. كل طفل يكلف تقريباً بحدود 20 ألف ليرة سورية وهذا المبلغ يشتري في مدينتي ٥٠ كيلو من القمح لذلك نستبدل الطعام بالملابس''.

الحذر هو صديق ''دوما'' في عيد الأضحى، ففي العام الماضي قصف النظام السوري مدينة دوما ثالث أيام العيد وقد سقط ما يزيد عن ثلاثين شهيد منهم أطفال ونساء، أما أبناء الرجل السوري فيسألونه عن عيدهم الذي تغيّر رغم أن عمر أكبرهم لا يجاوز الثماني سنوات، فيخبرهم أن العيد هو ''يوم سقوط بشار.. سنحضر لكم الحلوى والملابس''.

أضحية فوق الأنقاض


غزة، القطاع الذي لا يهاب السعادة رغم أنف الموت، لم يُشف أهله بعد من لهيب الحرب، لكن ذلك لم يمنعهم من التخطيط لقضاء عيد الأضحى ولو بطرق بسيطة، كحال ''مُثنى نجار'' أحد أهالي مدينة ''خان يونس''، يعلم أن عيد هذا العام سيكون صعبا لعدم وجود مأوى للكثيرين وهو منهم، بالإضافة لمقتنياتهم التي ضاعت أسفل المنازل ''لكننا مصرين على إحياء سنة الرسول والذبح بأي شكل''، بعض الجمعيات في غزة تُقدم الأضاحي بالتقسيط، كما يجمع أهل الحي من بعضهم لمساعدة الأكثر فقرا وأهالي الشهداء ''عشان نعطيهم أمل إن كلنا سوا''.

82 شخص قضوا نحبهم من عائلة ''نجار'' فقط، لن يستطيع أحد التغافل عن زيارة المقابر، لكن في هذه الأثناء تنشط حركة التجارة قليلا، من رفح أو سيناء أو غزة يأتي البعض لبيع العجول ''العدد هذا العام أقل بكثير نظرا للظروف''، تفاصيل قضاء العيد لدى المصريين لا يختلف عن أهل غزة، غير أن الأخيرة يذبح أهلها العجول فوق منازلهم المتهدمة متعمدين ''بدنا نقول لإسرائيل إننا هنعيش غصب عنهم''، الأطفال يلهون بطريقتهم الخاصة في الشوارع، باتت صدورهم أكثر سعة للتعايش مع آثار العدوان ''بيضلوا يلعبوا وبيكون فيه مراجيح صغيرة ليهم وبنشتري لهم لبس على قد الحال''، بداية اليوم لا تكون باللهو، فتكليف الصغار بتوزيع اللحوم على المحتاجين هو الطقس الأهم لدى آل ''خان يونس''، رغم محاولات البقاء إلا أن ''النجار'' يتمنى أن يحل العيد القادم دون احتلال ''عايزين نكون زي الناس الطبيعيين''.

فرحة تحت الأرض


وجوه ملأتها الفرحة، أخت ترفع أخيها الأصغر فوق أرجوحة كي لا يسقط، شخص ينظم صعود الأطفال إلى أخرى تهتز يمينا ويسارا، عصائر مُثلجة، أكواب من ''الترمس'' وأشياء أخرى، لم يختلف حال مدينة الغوطة بسوريا، عن ''دوما'' لكن محاولات شباب المجالس المحلية لإدخال السرور على قلب الأطفال بالعيد كان جديدا، فمنذ بدء الضرب يقومون بإنشاء مجموعة من الألعاب البسيطة لهم ''في أقبية كبيرة تحت الأرض لحماية الصغار من القصف''، قال ''حيدر الدمشقي'' أحد سكان المدينة، كانت الألعاب توضع في الساحات العامة، لكن تم نقلها خوفا من استهدافها كما حدث من قبل وفقد بعض الأطفال حياتهم.

أقصى ما يتمناه ''حيدر'' هذا العيد في ظل الحصار الدائم، أن تتوقف النيران وقت العيد على الأقل ''وهذا مستحيل لأن الغوطة كل يوم تُستهدف بصواريخ الارض - ـرض والطيران لا يغادر سماءها''.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ... اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان