لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

التدوين في زمن ''محمد محمود''.. ''النسيان تهاون''

02:29 م الخميس 20 نوفمبر 2014

أحداث محمد محمود

كتبت-رنا الجميعي:

هناك ذلك الخط الرفيع الذي يفصل بين ذكريات وأخرى، حدث جلل يفرق بين ما قبله وبعده، حينما يُذكر يصغر ما عداه، تلك كانت أحداث محمد محمود التي اندلعت شرارتها في 19 نوفمبر عام 2011. إنها أحداث قال عنها الكثير أن من لم يمر بها لم يرى الثورة، كانت أيامًا سبع، انشطر عنها العديد من الذكريات، تفاصيل عاشها أصحابها، ولم يرتضوا نسيانها، فكتبوا وحفظوا أحداثها صورًا بعقولهم، لذا كان التدوين عن أحداث محمد محمود يختلف عما سبقه، وركيزة لما جاء بعده.

أيام علقت بأذهان أصحابها فمنحتهم وسائل التواصل الاجتماعي سبيلًا للمشاركة، كانت الكتابة والحكي فرضًا لمن مر بتلك الأيام، سواء كانت تلك الكتابة عن احتياجات الميدان كالأدوية أو تحذيرات للعبور بمناطق معينة أو موقف عابر رأته العين فرغبت في توثيقه.

تُقسم ''هاجر محمد'' تلك الأحداث بمرور الذكرى الرابعة عليها، وأن كل تلك السنون التي مرت اختلف خلالها التدوين، بينما كانت الكتابة على فيسبوك تتم بشكل أساسي أثناء الحدث ذاته، فكان تويتر ملجأ لها في الذكرى الثانية، أما الثالثة فاستخدمت للتذكير بالحدث موقع انستجرام، وهو ما يعبر بالصور مصاحبًا لها الكتابة.

ترصد ''هاجر'' بعين ناقدة لكتاباتها بمرور تلك السنين، كيف اختلفت من عام لآخر، بينما كتبت أثناء الأحداث كمتنفس للغضب الذي داخلها ''كنت متنرفزة ومتعصبة، عشان كدا كنت بكتب''، لم تكن الفتاة العشرينية تقوم بأرشفة الأحداث وتأريخها على صفحتها، إنما ترصد موقفًا بعينه وتقوم بكتابته ''كنت بقول للناس أهو دا اللي حصل، شوفوا هتتصرفوا ازاي''.

لاحظت ''هاجر'' أن الكتابة على تويتر مع التزامن بالتواجد في الميدان هو نوع من العشوائية، كانت ترى كتابة أحدهم بتحذير ما ''وممكن يكون دا مبيحصلش في الميدان'' فكان كتابة التحذير متأخرة نوعًا عما يحدث بالفعل، وهو ما يسبب بعض الفوضى ''تويتر كان بيحسس الناس إن اللي بيحصل في الميدان حرب شوارع''، إلا أن تلك الكتابة العشوائية اختفت مع الوقت.

أصبح رواد الموقع من المناصرين للأحداث أكثر وعيًا واستفسار ''بقوا الناس يسألوا طب دا بيحصل فين وليه''، تدرجت الكتابة على تويتر في رأي ''هاجر'' إلى أن أصبحت توثيقًا للأحداث وأكثر موضوعية، وهو ما فعلته ''كنت بركز على التوثيق حتى لما بشيّر معلومة ببقى عارفة مين صاحبها وإنه بيقول معلومة صح''، لكن الكتابة على انستجرام التي استعملتها ''هاجر'' قليلًا كانت بلا تفاعل، بالإضافة إلى أن دائرة المتلقين ضيقة تقتصر على الأصدقاء.

على قدر أهمية الكتابة عن محمد محمود كان الحكي عن اعتصام كلية الإعلام في مارس 2011، واعتصام ماسبيرو في أكتوبر 2011، هكذا كانت ترى ''نانسي فارس''، إلا أن التدوين عن محمد محمود كان مختلف بعض الشيء ''محدش عارف ايه اللي بيحصل هناك''، فكان لزامًا عليها كجزء من الحدث أن تشارك بالكتابة ''لما أخرج من الميدان كنت بروح أكتب عشان اللي داخل واللي خارج يعرفوا''، فهي موقنة أن الأحداث بدأت بالكتابة أصلًا ''لما كتب الناس على الفيس إن مصابي الثورة بيضربوا، من هنا بدأ محمد محمود والناس نزلت''.

لم تكن الكتابة بالنسبة لنانسي هي توثيق للحدث ''مكنتش بكتب جوة الميدان إنه فيه قبض على الناس دلوقت مثلا'' بقدر ماكانت توصف احساس ألمّ بها.

تؤمن ''نانسي'' أن الكتابة ليست ترفًا تبتغيه، بقدر الألم الذي يحاط بالحكي إلا أنها متأكدة أن تلك التفاصيل الصغيرة التي تُخلد بالكتابة هي ما ستبقى لأجيال قادمة ''فيه آية في التوراة بتتكلم عن كتابة التوراة وإنه نقولها لأولادنا عشان تفضل موجودة''، فهي على يقين بأن ''كل حاجة لازم تتحكي''.

ولأن التفاصيل الصغيرة هي ما تعلق بالذهن أكثر، لذا لم تنس ''نانسي'' عدد من طلاب الإعدادي والثانوي الذين مروا بمحمد محمود بشكل يومي، تصفهم ''العيال دول اللي شكلهم مبهدل''، وأن هؤلاء ''العيال'' من كانت تقلق من تواجدهم في الظروف العادية ''كنت بخاف يعاكسوني''، لكن في تلك الأوقات التي تظهر جوانب أخرى ''كانوا أكتر ناس بطمن لوجودهم في الميدان ومتأكدة إنهم هيحموني''.

للكتابة قلق آخر ظهر مع مرور الوقت وحلول الذكرى الرابعة للأحداث في رأي ''نانسي''، وهو ما تعبر عنه من خلال قولها ''الدنيا بتتزور''، حيث تتبدل الحقائق ''فيه اللي بيقول إن اللي قتلوهم مش الداخلية''، ما تسمعه وتراه ''نانسي'' من خلط الأوراق هو ما يقلقها لذا تجد دافعًا حتى الآن للكتابة عن محمد محمود.

بالنسبة ل''نادية حسين'' فهي لم تنس بعد اليوم الأول لها بالميدان، تكتب ما ترغب به في ''نوت'' صغير، وتنقل ما تريده منها إلى صفحتها بالفيس بوك، وهناك ما كانت تكتبه لصفحتها مباشرة دون تدوينه، أما الحكي عن يومها الأول بالميدان فلم تكتبه سوى في الذكرى الثانية عام 2012.

تتذكر ذلك اليوم الذي امتحنت به بكليتها وهرولت مع أصدقائها إلى الميدان، لم تنس أنها لم تحصل على تقدير جيد بتلك المادة ''كان كل تركيزي على اللي بيحصل في الميدان''، قمن هي وصديقاتها بالتوجه إلى الصيدلية وشراء بعض الأدوية التي يحتاجها المستشفى الميداني ثم الذهاب إلى شارع محمد محمود، القدر الذي سمعته ''نادية'' في ذلك اليوم من رصاص حي، ظل يرن بأذنها لفترة طويلة كلما حصلت على بعض النوم.

ما لم تراكمه الأيام أيضًا تلك الذكرى الخاصة بما حدث بعد الخطاب الذي ألقاه المشير طنطاوي حينها، تقول ''نادية'' ''قالوا هنعمل هدنة، لكن بعد صلاة المغرب بدأ الضرب فجأة وقطعوا النور''، تتذكر الفتاة العشرينية كيف كانت تجري في ظلام لم ترى فيها يدها لتفتش عن أصحابها وقنابل الغاز تلقى بكل اتجاه.

رغم حلول الذكرى الرابعة لأحداث محمد محمود مازالت طاقة ''نادية'' على الحكي موجودة، إيمانها أنه لا ينبغي لأحد أن ينسى ما حدث هو ما يجدد طاقتها، كذلك ترى أن النسيان هو تهاون في حق من مات، وأن التأكيد على الحقائق هو ما يثبت لمن لم يشارك ماحدث فعلًا ''أختي كانت في اسكندرية وكانت مقتنعة إن الشباب بيقتحموا الداخلية''، لكن مع كتابة ''نادية'' على فيسبوك عرفت أختها حقيقة الأحداث.

أحداث محمد محمود

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان