مأوى الصيادين.. بيوت تغرق في "شبر مايه"
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
كتب- أحمد الليثي ومحمد مهدي:
في شارع لا يتعدى عرضه المتر الواحد، كان "محمد بلال" يلعب مع رفاقه في حيهم البسيط إحدى ألعاب الأطفال، غير أن براح المكان لم يسعهم كي يقفوا جنبا إلى جنب، لذا كانت لعبتهم تتم بطول الشارع، فيما كان الحاج عبدالرحمن عبدالخالق عبده ينظر قِبل حفيده بعين الشفقة متذكرا ذلك اليوم الذي ألقته فيه الدولة بذلك المأوى.
"لو حفرت شبر هتلاقي البيوت عايمة على المايه" قالها الرجل التسعيني مشيرًا إلى منزله الذي طالته التصدعات، المحاطه بـ "ريم البحر" على بُعد أمتار من ملاحة "مريوط" بحي القباري غربي الإسكندرية، حيث تكمن نحو 2000 أسرة بـ"مأوى الصيادين" بينهم عائلة الحاج عبدالرحمن، نزحت جميعها مع بدايات عام 1962؛ حين قررت الحكومة إخلاء سكان عزبة الجمهورية في محرم بك وما يجاورها لإنشاء عدة مصانع حديثة.
في منزل لا يتخطى مساحته الـ 5 أمتار كانت البداية، قبل أن يقرر عبدالرحمن وعدد من الأهالي إلحاق غرفتين بذلك المكان، كان للرجل التسعيني فضل كبير في ذلك حينها "أنا كنت مقاول بناء والحمدلله بيوتنا وصلت 35 متر وأهي عيشة والسلام". قبل أن يمتد العمران –العشوائي- للمكان بشكل طولي آيل للسقوط.
عبر ممر صغير يصل بك من الشارع العمومي على أطراف المدينة يكمن أهالي المأوى، كأسرة واحدة بحكم التلاصق الغريب، وبفعل الأمل المفقود في نقلهم "المأوى الواحد بيشيل 10/15 روح" هكذا تبدأ الزوجة حديثها وهي ترتكن أسفل عمود خشبي هو أساس المنزل، المكان يتخذ شكلا طوليا يتوسطه مطبخ لا تتعدى مساحته المتر الواحد ودورة مياه، تسميها الحاجة أم بلال "علبة"، غير أن كل ما ترجوه هو أن تعترف الحكومة بملكية المكان لهم "خايفين ننطرد من المكان ومنلاقيش متوى تلمنا".
مرتديا جلباب فلاحي وبعين يمنى أصابها العطب وأخرى تحاول عدم اللحاق بمثيلتها كان الحاج عبدالرحمن –كعادة لا تتبدل- يتناول كوب الشاي اليومي مع دقات الثانية عشرا ظهرا، على تلك المصطبة المنتصبة أمام منزله البسيط، محاطا بصرف صحي متهالك ومنازل ضيقة، بينما يصدر في الخلفية أصوات عدة لأسر أولاده الخمسة المقيمين في ذات المكان، لكلا منهما مشكلته الملخصة لأزمات أهالي المأوى، من زوجة ابن تعاني الأمرين بفعل انقطاع التيار الكهربي، وأخرى تحلم بمنزل يقيها هواجس الانهيار، وابنة تفتقد خصوصية مفقودة في دورة مياه، وطفل يرنو إلى براح يساع ألعابه ورفاقه دون أن تصطدم أجسادهم رغما عنهم.
"الثورة" كلمة يعرفها الرجل وعائلته عبر التلفاز وأخبار الموتى يوميا، هكذا يعبر عن المعنى المعادل للمظاهرات المتتالية وهو يخرج سيجارته محلية الصنع، غير أن زوجته تعتبرها "نقمة" لم تزد وضعهم إلا وبالًا "العيال مش لاقيين شغل والحالة ضنك"، 300 جنيها فقط هي كل ما يتحصل عليه الرجل الهرم من حطام الدولة كمعاش للضمان الاجتماعي، تغرق عينه في الدموع وهو يتمتم بكلمات الحمد قبل أن يتهدج صوته "أنا بنيت البلد طوبة طوبة وهي مش معبراني بنكلة".
تابع باقي موضوعات الملف:
في إسكندرية.. البحر غضبان ما بيضحكش (ملف خاص)
بالصور- مصراوي داخل ''مساكن السجون''.. الحياة في زنزانة مفتوحة
بالصور- ''مخابئ'' القباري.. معجزة الحياة تحت الأرض
بالصور- كبائن خدم الملك فاروق.. من جاور السعيد ''يحزن''
بالصور.. مصراوي على ضفاف ''فينيسيا'' المعجونة بمياه الصرف
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: