لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

مدرسة "صناع الحياة" في سيناء.. حكاية أكبر من الجدران

07:17 م الخميس 06 نوفمبر 2014

كتبت – يسرا سلامة:

على صحراء واسعة ممتدة، كانت مدرسة واحدة يرتادها كل الطلاب من أبناء منطقة "الحسنة" بمحافظة سيناء، ثلاثة فصول تجمع بين كل المراحل الدراسية لهم من المرحلة الابتدائية، أي لكل مرحلتين فصل واحد، يحملون الرغبة في العلم رغم الفقر، ينكبون على الدراسة رغم المستقبل المجهول، فلا مدرسة إعدادية قريبة لهم إلا على مسافة 70 كم على الأقل، ليخرج أغلبهم بالشهادة الابتدائية فقط.

حلم التعليم والانتقال للمرحلة الإعدادية لاح في أعين شباب من مؤسسة "صناع الحياة"، بعد أن قدموا زيارة استكشافية للمنطقة، بهدف التعرف على الأماكن التي تحتاج لبناء مدرسة وسط مناطق أخرى على مستوى الجمهورية، لتأتي منطقة "الحسنة" بسيناء في المرتبة الأولى للاختيار، بسبب الحاجة الشديدة لأبناء القبائل هناك، ويكون بها أول مدرسة إعدادية تجمع الأطفال في بداية العام الدراسي الحالي، تضم أكثر من 120 طالب.

توجه أكثر من 10 أفراد متطوعين في مجالات مختلفة من "صناع الحياة" بسواعدهم ومجهودهم ووقتهم لبناء تلك المدرسة، والتي تحمل اسم المؤسسة أيضا، وبرفقة 50 عامل من أبناء المحافظات المختلفة، كان أول وقع لقدمهم على أرض سيناء الخصبة لاستكشاف الوضع، ليضعوا بعدها التصور الهندسي على ماكيت يقوده المهندس محمود صلاح.

يحكي المهندس "صلاح" عن المشروع من بذرته إلى ثمرته، حيث بدأ فريق العمل في التكوين، وجمع الرجال من العمال والتحرك لمقر المشروع، ليصف "صلاح" الفرحة التي ارتسمت أعلى وجوه أهالي القرية، للاهتمام بالخدمات للقرية العطشى للمرافق المختلفة بها، والتي لم يكن بها كهرباء حتى أوائل 2011.

من "الماكيت" انطلق الرجال لبناء المدرسة، حيث بدء التواصل مع شيوخ القبائل من أجل استيفاء الإجراءات الرسمية، أرض المدرسة تم التبرع بها من القبائل، والتي لا تملك -بطبيعة الحال هناك- أي أوراق رسمية، ليتوافق أهالي القبائل والمسؤولين في القوات المسلحة على الأمر بشكل عرفي.

بدأ العمل في شهر أبريل السابق على قدم وساق، حتى يلحق الطلاب ببداية العام الدراسي الجديد في سبتمبر، حيث استغرقت عمليات الإنشاء ما يقارب من خمسة أشهر، وتتكلف المدرسة ما يقارب من 500 ألف جنيه.

معوقات العمل كانت كبيرة أمام مدرسة "صناع الحياة"، ليقول مهندس المشروع إنه ليس كل العمال كان مستعدا للعمل في مكان بعيد، والمبيت في ظروف صعبة، وبدائل الانتقال المرتفعة، ليستعين بحرفيين من عدد من المحافظات من الشرقية والفيوم وغيرها، بجانب صعوبة الانتقال وتحرك المواد الانشائية بسبب عدم وجود شبكة طرق بسيناء، والاعتماد على العربات الخاصة، للبلدة التي تقع على بعد 180 كم عن مدينة العريش.

معوق آخر ظهر للشباب في بناء المدرسة، كان من وزارة التربية والتعليم التي أوضحت لهم أنه لا يوجد لدى الوزارة ميزانية كافية من أجل مرتبات لمدرسين جدد في منطقة سيناء، ولا توجد تعيينات بحسب قرارات حكومية، ورغبة الوزارة في أن تتولى مؤسسة "صناع الحياة" مرتبات المدرسين، لتحل الأزمة بعدها من القبائل وتوافق الوزارة على منح المرتبات لهم.

معوق آخر ذكره مهندس المدرسة عن طبيعة الانغلاق –رغم الترحاب- المتواجدة بين أبناء البدو من المنطقة، وقت ومجهود قطعه أصحاب المبادرة لإزالة جدار الثلج بين أهالي سيناء وأهالي الوادي -كما يطلقون على أبناء المدينة- وبناء الثقة طوال فترة العمل في تشييد المدرسة.

"شعرنا إننا تركنا بصمة".. بصوت يملؤه الفرحة تحدث مهندس المشروع عن شعور الفريق عقب انتهاء العمل بالمدرسة، التي رغم حداثتها فيها كثافة طلابية لاستقبال الطلبة، "هناك ناقصهم كتير جدا.. والحلو اللي بيوصلهم قليل"، يقول "صلاح" إن مصادر الدخل لساكني "الحسنة" تكاد تكون منعدمة، لأنهم بحاجة إلى فرص عمل، رغم الخير الوفير الذي لم يتم استغلاله هناك، "إحنا هنموت والمدرسة هتفضل عايشة" يتابع "صلاح" أن ليس فقط المشروعات والاستثمار فقط هي ما يحتاجه أهل سيناء "محتاجين خبرات ومعلومات في كل المجالات، محتاجين ناس مننا تروح تتواصل معاهم وتعمر المكان".

يرى مهندس المشروع أن المبادرة التي انطلقت من رئيس الجمهورية بخطابه على هامش المناورة العسكرية "بدر" بأن يتحفز الشباب للمراقبة على المدارس والمستشفيات طيبة، لكنها تحتاج إلى منظومة كاملة من الدولة، لتتحول إلى واقع وأدوات للممارسة، وتحرك من الجهات المسؤولة، بجانب ما تقدمه منظمات المجتمع المدني مثل "صناع الحياة"، أو حتى من أهل الخير.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك .. اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان