شاهدان على أحداث الاتحادية.. ساعات من تغطية ''حرب الشوارع''
كتبت- رنا الجميعي:
لم يكن يومًا عادياً أو أحد تلك الاشتباكات التي اعتاد المرء سماعها، كان ذلك الاشتباك المسلح الأول بين طرفين مدنيين، على أسوار الاتحادية دارت معركة بين الثوار والإخوان، رغم اختلاف النوايا إلا أن المشاعر واحدة، حالة من الاحتقان المتزايد، فتصارع بالأحداث إلى أن وصلت لحدث فرّق بين ما قبله وما بعده، شهده صحفيون بعيون موضوعية رغم الصعوبة، وكأنهم لم يكونوا بينهم بل نظروا للأمر من زاوية عمودية.
علم أحمد حسن أن الإخوان ينوون فض الاعتصام، معلومة جاءته من زميل صحفي اخر، وهو ما أكده له أحد أعضاء الإخوان المشهورين، في الساعة السادسة من ذلك اليوم الخامس من ديسمبر تواجد الصحفي ''حسن'' بالاتحادية، كان الإخوان معتصمين أمام القصر الرئاسي بينما تجمعت القوى الثورية عند شارع الخليفة المأمون مما عطّل حركة المرور.
لم يكن ذلك الاشتباك الأول لصحفي جريدة الوطن، فقد شهد عدة اشتباكات كمراسل متخصص في تغطية مثل هذه الأحداث، لذا لم يكن غريبًا عليه أن يظل موجودًا ضمن صفوف الإخوان دون اكتشاف هويته، من بداية الأحداث وارتأى ''حسن'' أن الاشتباك سيكون مسلح فأعدّ نفسه، تسلق إلى أحد مواسير البنايات وارتكن إليه ليأمن الرصاص المتطاير، على ما يقول.
كصحفي اشتباكات كان على ''حسن'' تصوير الأحداث وتوثيقها، وإبلاغ مؤسسته الأخبار أول بأول. جهد أداه لثماني ساعات متتالية، استطاع خلالها توثيق العديد من الأحداث؛ أشهرها فيديو تعذيب المهندس ''مينا فيليب'' على باب الاتحادية ''دا الفيديو اللي اعتمدت عليه المحكمة ضد مرسي''، ودُعي في تلك القضية للشهادة لكنه رفض ''مش عاوز أبقى طرف سياسي''.
استطاع ''حسن'' تصوير مقاطع أخرى مصورة، تمكن من التواجد بمهارة وسط صفوف الإخوان ''مكنتش بقعد في مكان ثابت''، تلك الفيديوهات اعتمدت عليها أحد القنوات التليفزيونية على حد قوله، كان على الصحفي التنقل من مكان للآخر حتى لا يشتبه به أحد وفي بعض الأحيان يسعف المصابين من الإخوان ''بشكل إنساني''، وفي الأوقات المُناسبة يتمكن من إظهار الكاميرا للتصوير.
يحكي ''حسن'' أن صفوف الإخوان حملت عدد كبير من الأسلحة النارية مختلفة الأنواع، لكن صفوف القوى الثورية خلا منها الأسلحة الحية ''كانوا بيضربوا بالخرطوش والمولوتوف والحجارة''، كما كانت الأعداد ضخمة لدى الجماعة في مقابل الثوار، ذلك العنف المتزايد من قبل الإخوان يصاحبه استخدام الشرطة للغاز المسيل للدموع لتفريق جبهة الثوار.
شهد ''حسن'' بعينيه اختطاف الإخوان لعدد من الشباب منهم فتاة وشاب ''قالوا إنهم بيحدفوا عليهم طوب''، وتعذيب مينا فيليب ''أخدوه من الخليفة المأمون للاتحادية ضرب وسحل''، وحسب كلام صحفي الوطن فالإخوان أثناء تعذيبهم للضحايا ''كانوا بيسألوهم انتو بتاخدوا تمويل من البرادعي وصباحي ولا لا''.
عند الساعة الثانية عشر صباح قام شخص من صف الإخوان بحمل ميكروفون والدعاء، في بادئ الأمر كان ''حسن'' وسطهم يؤمن ورائه ''كانت أدعية عادية في الأول''، إلا أن الأدعية تزايد فيها حالة الكراهية الشديدة ''كانت أدعية إنه ربنا يرجم هؤلاء الكفار واعتدوا على المعتدين''.
كصحفي ارتأى ''حسن'' ألا يتعاطف مع الأحداث ''لو كنت اتعاطفت مكنتش هعرف أصور''، فكان عليه أن ينظر للمشهد بصورة فوقية ليوثق عنفًا دار عند عتبات قصر الاتحادية.
كان هو أيضا في صفوف الإخوان، لكنه لم يرَ سلاح حي بينهم، هكذا قال محمد عنتر الصحفي بموقع الشروق، تواجد يومها ''عنتر'' بفاعليات التحرير مع القوى الثورية ثم انطلقوا إلى الاتحادية، فيما وقف الإخوان مجتمعين عند أسوار الاتحادية، واحتدت الاشتباكات عند الساعة الحادية عشر مساء.
من بين القوى الثورية كان الاولتراس يحاولون الوصول للاتحادية فيما تجمع عدد من أنصار مرسي وحازمون والسلفيون لاختطاف شباب الأولتراس، على حد قول ''عنتر''، كما حدثت اختطافات من داخل الخيام ذاتها.
أعدّ ''عنتر'' نفسه للاشتباكات، واحتاط فلم يبقي معه أية هوية لتحديد مهنته سوى البطاقة الشخصية والتي لم يكتب بها صحفي، كما لم يحتفظ بأي أدوات لتسجيل ما يحدث ''ذاكرتي وبس''، واستطاع الاندساس وسط صفوف الإخوان ولم يتعرض له أحد ''مكنش حد واخد باله أوي''.
في بعض الأحيان كان يسايرهم فيما يفعلونه ''كنت أرفع صورة مرسي وأهتف معاهم، وأوقات أضرب بالحجارة على عمود النور زيهم''، ما فعله ''عنتر'' كان للإبقاء على حياته ''كان رعب لو حد اكتشفني، كانت حياتي راحت بس ربنا ستر''، شاهد أحد المنتمين لصفوف الإخوان يضرب آخر بالحجارة حتى جاءت سيارة الإسعاف وأخذته.
انتقل ''عنتر'' إلى صفوف الثوار لتكتمل الزاوية، الضرب كان متبادل بين الطرفين لكن عدد الجبهة الثورية أقل، الإصابات كانت في تزايد أكبر عند الثوار، والأولتراس لم يكن معهم سوى ''ألعاب نارية وشماريخ''.
ظل ''عنتر'' وسط صفوف الإخوان إلى اليوم التالي، فلم يستطع الخروج من الاتحادية في الليل ''كان فيه بلطجية''، يوم بأكمله عايش فيه ''رعب''، لم تنساه الذاكرة إلى الآن.
أحداث الاتحادية.. صدام الداخلية مع مرسي وجماعته
جماعة ''محظورة'' وجبهة ''خاملة''.. مصير طرفي الصراع في أحداث الاتحادية
الحسيني أبو ضيف.. ذهب وبقيت ابتسامته على سلالم نقابة الصحفيين
''جبنة نستو يامعفنيين''.. ''بلطجية مرسي''.. شعارات الاتحادية التي حرقت من في القصر
بعد ثورة 25 يناير.. 5 إعلانات دستورية آخرها مسمار نعش نظام الإخوان
أحداث الاتحادية.. قصة ثلاثة أيام كانت تسير في تجاه حرب أهلية
يحيى نجم.. ليس كل من كان أمام الاتحادية "بلطجي أو مأجور"
سور الاتحادية.. معركة على الجدران و''الدهان'' على الجيران
أساطير الاتحادية.. من هروب ''مرسي'' حتى ميزانية ''البط''
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: