''عفاريت الأسفلت'' في انتظار ''وقف الحال'' بسبب الإرهاب
كتبت - يسرا سلامة:
''عفاريت الأسفلت'' يقطعون الطريق أسرع من غيرهم، فصغر الوسيلة وقدرتها على السير وسط الزحام تجعلهم أصحاب السرعة الأولى، منهم من يجد في الموتوسيكل وسيلة تقله بسهولة وسرعة ترحمهم من زحام المواصلات، وتحميهم من غلاء التاكسي، ومنهم من يجد في الموتوسيكل ''أكل العيش'' ينقل به غذاء أو طرد أو غيرها.
لكن أصحاب الدراجات البخارية أصبحوا في الفترة الأخيرة محل شكوك وريبة، من وزارة الداخلية قبل المواطنين العاديين، فالموتوسيكل رابط بين عدد من حوادث التفجيرات أو الاغتيال التي تشهدها البلاد، مثل إصابة مدير مرور الأقصر العميد محمد درويش بكسر مضاعف، بعد اقتحام دراجة بخارية مخالفة، بجانب حوادث التعدي والسرقة من سارقين مستقلين لموتوسيكلات.
كل تلك السلسة من الحوادث أعلت من صوت بعض الإعلاميين لوقف كل أصحاب الدراجات البخارية، لتضع ''الصالح والطالح'' تحت وطأة قرار واحد بوقف الدراجات البخارية في الشارع المصري، بجانب مطالبات من وزير الداخلية بوقف الاستيراد من ناحية، والنية لمنعها في الشارع المصري هروباً من ''وجع الدماغ''، وليس فقط حد الأمر على أصحاب الدرجات البخارية غير المرخصة.
الموتوسيكل.. ''أكل عيش'' تلاحقه الداخلية
حملات أمنية وكمين مشدد وتهديد بوقف العيش، كل هذا يواجه ''محمود المليجي'' عامل بالبريد السريع في أحد الشركات الخاصة، ''لو وقفوا الموتسيكل هأكل عيش إزاى؟!'' أسئلة لا يملك لها ''المليجي'' إجابة ولا الدولة تطرح الحل، أكثر من ثماني ساعات يقضي ''المليجي'' معظمها على ظهر مركبته البخارية، ينقل الطرود والأوراق من هنا لهناك، وعلى الرغم من قصر عمله على منطة المعادي، إلا أن الأمر بعد التفجيرات أخذ شكل آخر.
فـ''المليجي'' الذى يعمل أكثر من اثنتي عشرة عاماً في البريد السريع، لم يتم ايقافه في كمائن بعد ثورة يناير سوي بضع مرات يعدها على يده الواحدة، سرعان ما تحول الأمر إلى ثلاث مرات أسبوعيا بعد تصاعد حدة التفجيرات والحوادث الإرهابية، لا يتوقف فيها السؤال على الرخص أو أوراق ثبوت المكنة، لكن أيضاً سؤال رجال المرور عما يحمله من طرود، ورغبة رجل المرور في فتح الطرود الخاصة بالزبائن.
''وقف حال''، قالها ''المليجي'' عما سيحدث له في حالة وقف الموتوسيكلات في الشارع، فيقول: ''شركتي لا تعين شخص إلا إذا كان يملك موتوسيكل، وده معناه أن الشركة هتقولنا ''شكراً''، لا يبدو البديل سهلاً لـ''المليجي''، فسعر الموتوسيكل استلفه من أحد أقاربه، ولا يقوي على شراء عربية كما يقول.
''لما يوقفوا الموتوسيكلات هنشتغل إزاى؟!'' ..تساؤل أطلقه ''محمد صبحي'' -23 عاماً- عامل الدليفري بأحد محلات المأكولات السريعة، والذي يعتمد في عمله المعروف بإسم ''طيار'' على الموتوسيكل الخاص به، ملحقاً به صندوق الطعام الخاص بمحل عمله، يقول ''صبحي'' :''ليه الدولة تمنعني طالما ورقي سليم؟''، ليقول الشاب أن الموتوسيكل هو باب رزقه، وأن عمله لا يمكن أن يتم بوسيلة أخري.
أصحال الموتسيكلات يسألون ''أين البديل''؟
تفتيش في النهار والليل على مدار عشر ساعات يتعرض لها ''صبحي'' في عمله، من الكمائن في الداخلية وفى إشارات المرور، وتفتيش فيما يحمله من مأكولات، يقول الشاب ''أنا ماشي سليم والنمرة في مكانها وورق الترخيص معايا..ليه يوقفوني؟!''، الأمر ذاته يراه ''أحمد سالمان'' زميله فى الدليفري، من معاناة في التفتيش في الكمائن.
''ياريت الدولة تشوفلنا شغلانة تانية أفضل'' ..قالها ''سالمان'' متهمكماً ، فهو خريج دراسات إسلامية، وعمل بالدليفري لعدم إيجاده وظيفة بمؤهله العالي، يقول ''المضايقات لنا في الشارع من الكمائن وأكثر من مرة يوقفونا للتفتيش''، كما يشكو الشاب العشريني من نظرة الإعلام لأصحاب الموتوسيكلات ويقول ''مصطفي بكري قال لو اثنين راكبين على الموتوسيكل اقبضوا عليهم، ازاي يقبضوا على أي اتنين وخلاص؟!''.
أما ''عبد الرحمن'' عامل في بنزينة يستخدم الموتوسيكل فقط كمواصلة من عمله إلي بيته والعكس، يجد فيه وسيلة سريعة تنقله في نصف ساعة إلى مقر عمله، يقول ''أنا دخلى الشهري 500 جنيه ..ومعيش فلوس اجيب عربية ولا ادفع 4 جنيه في المواصلات، هعمل ايه لو الموتوسيكلات؟'' ، يقول الرجل الثلاثيني أنه يستخدم الموتوسيكل أيضاً لنقل زوجته أو أولاده من المدرسة، ويقول ''ياريت المرور يشدوا على التكاتك لإن فعلا كل سائقنها من الأطفال، وطالما أصحاب الموتسيكلات مرخصين وورقهم سليم يبقي خلاص''.
لكن ''حسني نادي محمد'' أحد أصحاب المطاعم لم يبد رافضاً لأى نوايا بوقف الموتوسيكلات في الشارع، بل مرحباً بالأمر مادام في صالح البلد، وعلي الرغم من اعتماد الرجل علي الموتوسيكل في مطعمه الخاص به، ونقل ما يحتاجه من مخزون أو نقل الطعام إلى الزبائن، إلا أنه يقول ''مش مهم عشان أزمة البلد تعدي''.
ووافق ''حسني'' على القرار شريطة أن يكون مؤقتاً من الدولة، مبدياً عدم الرفض إن كان القرار للأبد بحسب رأيه، فهو يري طيلة عمله حوالي 16 ساعة بالموتوسيكل كثير من الحوادث التي تقع من سارقين لحقائب السيدات، أو أطفال صغيرة تستقل الموتوسيكلات وارتفاع نسبة الخطر عليه، ولا ينكر الرجل الملتحي أن تساؤلات رجال المرور زادت بشدة بعد أحداث التفجيرات، وارتفعت حدة الحملات الأمنية ليقول ''الأسئلة كترت أوى بعد الحوادث''.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: