''عبد الله''.. خطر القنابل ولا ضياع أكل العيش
كتبت -دعاء الفولي:
صندوق صغير مساحته لا تزيد عن متر ونصف، سقفه مُغطى بالورق الكارتوني المُبطن بخشب رفيع وبعض البطاطين، خارجه عربة ممتلئة بصنوف الفاكهة، وفي الأعلى كان كوبري الجيزة، الصندوق لم يكن إلا بيتًا يأوي ''عبد الله محمد''، يعيش به غصبًا كي يبيع الفاكهة، يتحمل برودة قارسة ليلًا، ومناوشات تحدث نهارًا لجانبه في محيط ميدان الجيزة، لا يعترض رغم ذلك كله، حتى أوقعته الصدمة صباح اليوم من فرشته.
''انا لقيت نفسي بترمي من السرير''، قال الرجل الخمسيني، ملتفحًا بشال كبير، وجلباب صعيدي، بلهجته السوهاجية الواضحة، لم يعلم ما حدث، فهرع إلى داخل أحد الشوارع بسوق الجيزة كي ينجو ''وبعدين قالولي إنها قنبلة اتضربت فوق الكوبري''، ذلك ما سمعه عندما سكت عنه الخوف، عاد إلى بيته الصغير مرة أخرى وبدأ في إزالة الغطاء عن عربة الفواكه استعدادًا للبيع. وكانت قنبلة قد انفجرت صباح الجمعة أعلى كوبري الجيزة بجانب سيارة أمن المركزي، مما أسفر عن إصابة ضابط وثلاث مجندين.
يقطن ''محمد'' بذلك المنزل منذ ثمان سنوات، بعدما ترك بلدته للعمل في القاهرة ''قلنا نيجي نقلب عيشنا''، لم يأتِ بمفرده، بل مع زوجته ''أم حمادة''، ولضيق المكان بالكشك ''بتروح تبات عند أمها وتيجي الصبح تصحيني نشتغل''، عندما يحدث شيئًا في المنطقة يستطيع الأب لخمسة أبناء التعامل مع الوضع ''بجري أستخبى في أي محل أو بدخل البيت وأقفل عليا''، حتى قنابل الغاز المسيلة للدموع التي يتم إطلاقها عند خروج مسيرات بالقرب من مسجد الاستقامة، فقد تعود عليها.
رغم الأميّة فقد شارك وزوجته في استفتاء الدستور الماضي ''قلت أصوت بنعم عشان البلد تهدى''، ومع تلك القنبلة التي انفجرت بالقرب منه فلم ييأس من المشاركة في باقي الانتخابات - على حد قوله :''هشارك برضو في انتخابات الرئاسة''، لا يريد رئيس بعينه ''واحد راجل بس يرحمنا من اللي احنا فيه''، يضع آمالًا على الرئيس المقبل أن يوفر له منزلا ومعاشا شهريا له ولزوجته بعد أن هجره أولاده.
أما الرحيل من مكانه أسفل الكوبري ''معنديش مكان تاني أروحه والزبون بتاعي عارفني هنا''، لا يخاف من صوت الطلقات أو الغاز أو القنابل طالما المكان يوفر له نفقاته الشخصية وزوجته.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: