لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بالصور.. في شارع ''الصاغة''.. ''الكسر'' يكسب

10:21 م الثلاثاء 25 مارس 2014

شارع الصاغة

كتبت- نوريهان سيف الدين:

شارع يتلألأ بأحجاره الكريمة، دكاكين اقتربت من بعضها البعض، تكاد بضائعها أن تتوحد، تنبعث من إحدى المحال صوت ''زغرودة'' لإمرأة فرحة بشراء ''شبكة'' ابنتها، وتلمح رجلا بصحبة زوجته جاءا ليزيد إلى صاغتها سوارا أو اثنين، فالذهب لديهم ''أمان من غدر الزمن وفلوس مركونة لوقت زنقة''، وأمام كل تلك الوجوه تلمح رجلا أمام كل محل يناديك بإصرار ''تبيع دهب كسر؟''.

في شارع الصاغة القديمة بجوار مسجد الحسين، تراصت محلات فاقت 40 محل ومثلها من ورش صناعة الذهب والحُلي المرصعة بالأحجار الكريمة، فضلا عن محلات الفضة، كلها آثرت تقليل المعروض من بضاعتها، فلسان حال أهل الصاغة ينطق ليقول: ''الرجل قليلة والسوق نايم''، إلا أن سوق ''الكسر'' هو الرائج الآن، والأكثر رواجا منه هو ''بيع الزباين'' لمصوغاتهم الذهبية، استغلالا لصعود أسعار جرامات الذهب الآن.

بين ''البنك المركزي'' و ''السوق السودا'' يتابعون الشريط الإخباري المثبت على شاشات التليفزيون، ينتظرون ظهور أسعار الذهب لهذا اليوم، ''عيار 24'' ارتفع سعره ليصل حد 309 جنيها، يجمعون المال اللازم لشراء ما يحتاجونه من الذهب، تطرق أقدامهم الشارع المرصوف بالحجارة والمزدحم بالمارة والباعة، يسألون عن السعر فيجدوه أعلى قليلا، وإن عرف السبب بطل العجب.

شرح ''حماده متولي'' صاحب أحد محال الذهب سبب تباين الأسعار في الصاغة الأم عن السعر المعلن قائلا: ''دا سعر البنك المركزي إنما احنا بنتعامل سوق سودا''، وهو ما فسره قائلا: ''دا سعر بورصة الدهب ومربوط بسعر العملة العالمية، وإحنا على كل بطاقة استيرادية محدد لنا 120 ألف دولار قيمة بضاعة نستوردها بما إن مفيش إنتاج دهب محلي، لكن طبعا إحنا بنحتاج بضاعة أكتر من كدا بكتير، فبنضطر نجيب الدولار من السوق السودا عشان نستورد دهب، وبالتالي بيزيد سعر الجرام عن سعر المركزي''.

حتى الصاغة الأم ''الحسين وخان الخليلي'' تختلف عن مثيلاتها في بقية الأحياء، الصاغات الكبرى في مصر الجديدة وتحديدا ''صلاح الدين'' فسرها

''متولي'' بأنها تزيد قليلا عن سعر الصاغة الكبرى في مبيعات الذهب الجديد، لكنه قال: ''سعر الجرام ثابت في أي مكان في مصر، والدمغة برضو ثابتة وقيمتها 3 جنيه ونص، لكن هو بيلعب في (المصنعية) عشان يطلع منها مكسبه''.

ابحث عن ''اللوجو'' ''محمود رضوان'' البائع بأحد محال صاغة الحسين، قال إن في كل تجارة ومجال أساليب الغش الخاصة به، وأيضا سوق الذهب كذلك، مضيفا ''ناس كتير بتيجي تبيع دهب عشان تفك زنقة أو حتى تجدد بنقشة جديدة، وتتفاجئ إن السعر نازل جدا خصوصا لو (الحتة فيها فصوص)، هنا إحنا بنلغي المصنعية وكمان بنخصم وزن الفصوص''، إلا أنه قدم الحل والنصيحة لتلافي هذه المشكلة فقال: ''فيه دلوقت شركات عالمية بتسمح ببيع الفصوص نفسها من ضمن وزن الحتة، عشان كدا أي حد نازل يشتري دهب لازم يبص على الدمغة و(لوجو) الشركات دي المدموغ في قلب الدهب نفسه''.

تلميع ''المستعمل'' أزقة صغيرة مختنقة، تكاد تتسع للمترين عرضا ليس أكثر، بيوت قديمة هجرها سكانها منذ أكثر من نصف قرن من الزمان، لتتبدل أثاثاتها القديمة بـ''الخزن المصفحة''، ''كاميرات المراقبة'' تحيطك في كل مكان، و غرفة مراقبة ترصت بها شاشات الكمبيوتر تلاحظ المكان، وقف الشباب يتابعون القادمين للشراء، ولكل قادم ''كيس دهب'' و ''قلب وشوف زي ما انت عايز'' و''كله بالميزان''.

تلك البيوت القديمة اشتراها تجار الصاغة لتكون بمأمن عن الفاترينات المكشوفة، ويكون المعرض الأكبر والورشة بجانب بعضهما البعض، بداخلها ما

يربو على خمسة أمثال كمية الذهب المعروضة في المعارض المفتوحة على الشارع، والسعر بداخلها أقل قليلا من مثيلاتها ذات واجهات العرض

الزجاجية، ولا تكاد تتصور أن بداخل تلك البيوت ضيقة الأبواب متعرجة السلالم تكمن ''خزائن علي بابا'' على حد وصف ''بكار''.

''محمد'' والشهرة ''بكار'' البائع ذو 15 عاما، قال إن بداخل البيت الواحد حوالي 3 شقق فقط، إلا أن الناس يعرفونها جيدا، ويأتون إليها للفرز واختيار الذهب ''بمزاج من غير ما حد يجرحها''، وغالبا ما يأتي ميسوري الحال لشراء كميات كبيرة من الذهب المستعمل ليكسبوا فرق السعر بدون (المصنعية)، مضيفا: ''هنا صاحب الورشة بيكرمهم إنه بيلمع لهم الدهب وبيبقى زي الجديد بالظبط''.

''الفاتورة'' أو ''البوليس'' عمليات بيع كثيرة من الجمهور إلى أصحاب المحلات تكاد أن تتوقف، وربما يتطور الأمر إلى استدعاء الشرطة القريبة ''قسم الجمالية'' إذا شك الصائغ في أمر من جاء يبيع له، وتبقى ''فاتورة الشراء'' هي الفيصل والضمان لامتلاك الشخص لهذه القطعة الذهبية.

''حمادة متولي'' قال إن عمليات سرقة الذهب غالبا ما تكتمل ببيع القطعة لأحد التجار، ويقوم بدوره بصهر الذهب محولا إياه إلى سبيكة، ليعيد تشكيله في قوالب أخرى (سلاسل وغوايش وخواتم)، ثم يقدمها إلى مصلحة الدمغة والموازين ليتم دمغها إيذانا منها ببيعها للجمهور كالجديدة، ولكن لضمان حق المالك الأصلي للذهب، فإن شروط الرقابة تقتضي بتوافر الفواتير.

''الفاتورة'' كانت نقطة سجال واختلاف بين ''حماده'' وبين إحدى السيدات القادمات لعرض ''حلق مخرطة'' للبيع ورثته عن أمها، ورغم القسم أنها المالكة الشرعية لهذه (الصيغة)، إلا أنه لم يستطع مساعدتها سوى بقول ''روحي لحد ثقة أو بيعيه لحد من قرايبك''، ثم عاد ليوضح: ''حتى الفاتورة نفسها مش ضمان كافي لأنها بتوضح (سعر ووزن وعيار) بس، إنما مش بتوضح الشكل للقطعة نفسها''، وأضاف: ''أنا مجبور لو شكيت في حد جاي يبيع دهب بدون فاتورة إني لازم أسلمه للبوليس''.

الهدية ''دهب صيني'' ''الهدية دهب صيني''.. قالتها ''هبه'' التي عرضت قرط ابنتها الصغيرة بعد أن أبدلتها بآخر جديد، وقالت: ''هما بيحبوا –تقصد أمها وحماتها- يبدلوا في الذهب بأشكال كتير، وطبعا الأسعار دلوقت محدش يقدر عليها ومفيش ست كبيرة هتفهم في الفضة، فأقنعتهم هجيب لكل واحدة فيهم حاجة في البيت من أجهزة المطبخ، وقطعة اكسسوار دهب صيني''.

رحلة البحث عن ''الصيني'' لم تكن مرهقة للشقيقتين، فعلى تقاطع ''الصاغة'' مع ''خان الخليلي''، تراصت (فتارين) جاءت من ''حراة اليهود'' حيث ورش انتاجها، تعرض أشكالا مختلفة من اكسسوارات الذهب الصيني متفاوتة الأسعار، تبدأ من 20 جنيها للقطعة الواحدة، وتصل حد 100 جنيه، والضمان الوحيد لها ''انها مش بتصدي ولا بتفقد لونها''.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان