''شادية''.. حق العودة مكفول ولو كره المحتلون
كتبت - دعاء الفولي:
تشبثت بيد أبيها، بينما تودع عيناه الوطن، خرج مُكرهًا، لم تفهم ''شادية جبريل'' إلا عندما كبرت، طُردت فيمن خرجوا من فلسطين بعدما كان والدها أحد أفراد جيش التحرير، مطلوب من قبل المحتل الإسرائيلي، تحت وطأة سنوات الغُربة بمصر، حدثها وأخواتها الخمسة عن رياحين أرضهم المقدسة، ظلال مسكنهم في غزة لم تغب، حتى عاد الأب والإخوة بعد معاهدة أوسلو 13 سبتمبر 1993 التي سمحت لهم بالدخول، بينما لم تعد معهم بسبب زواجها بمصر، لكنها ظلت تتردد عليهم بين الحين والآخر، تعاني ما عاناه الوالد من قبل؛ كي ترى أهلها والأرض.
أراضي 48 هي موطن السيدة الأربعينية الأصلي، نزحت منها مع العائلة إلى غزة، ورغم قُرب غزة عن باقي المدن الفلسطينية من مصر، إلا أن دخولها صار صعبًا ''من ساعة الحصار على غزة عام 2006 الدخول بقى أمنية''، بين الحين والآخر تذهب لأهلها، تكرر الزيارة في العام مرتين، أو تذهب مرة واحدة، حسبما تتيح لها السلطات، تغض الطرف عن المعاملة السيئة التي تلقاها على الحدود ''بيبقى بدي أشوف والدي وأشوف إخواتي''، تبقى عند المعبر يومين أو ثلاثة لتدخل، وقد لا تفعل في النهاية بسبب عدم اقتناع الموجودين على الحدود.
''إحساس بالقهر لما أدخل الأرض بتاعتي وأبقى مش عارفة أتحرك فيها''، لم تنال من غزة أكثر من رؤية أهلها، أما رغبتها في زيارة الضفة الغربية، فمحفوفة بالمنع ''فيه أماكن ممنوع عن الفلسطينيين دخولها هناك''، تذهب على استحياء للمناطق المسموح بها، تستغل الفرص أحيانًا عندما تدخل مع وفد فلسطيني لعقد مؤتمر بها، لتحاول الصلاة في المسجد الأقصى ''لكن معرفتش أروح، كان لازم تصريح زيارة، كنت جنب الأقصى ومعرفتش أدخل''، غُصة تجرح حلقها كلما تذكرت الموقف أو مرت من هناك.
بملامح فلسطينية تتذكر الزيارة لغزة منذ عدة شهور، تختفي ابتسامتها التي لا تبرح ثغرها، عندما تأتيها مشاهد الوضع بغزة المحاصر مثلها ''النساء أكثر من يعاني هناك، الطعام والكهرباء وكل شيء ناقص، فيه خراب بكل شيء''، تلمع عيناها بدموع عندما تفتقد الأهل، تعوضها الصور عن فراقهم ولو قليلًا، والأحاديث المبتورة معهم عبر شبكة الإنترنت قبل انقطاع الكهرباء اليومي ''الكهرباء ما بتيجي بغزة إلا ست ساعات باليوم''.
قد تمكث ''جبريل'' عند أهلها في المرة الواحدة 3 أشهر، تتشرب فيها روح الوطن والأهل، خاصة مع علمها أن الخروج صعب كذلك، قد تبدأ الحرب بلحظة ''مببقاش عارفة إذا كنت هقدر أشوفهم تاني أو لأ''، يعتريها هَم عندما تبدأ بالإجراءات كل مرة قبل الذهاب، الطريق إلى الوطن طويل، تمر فيه بأسئلة لا حصر لها عن سبب الزيارة ولماذا الآن، وقد لا تكون إجاباتها كافية للحصول على تصريح ''بمرة قبل الثورة كنت بخلص الورق في مجمع التحرير، دخلت للضابط وقولتله إني بدي أروح غزة عشان أبويا هناك ونفسي أشوفه''، فرفض الضابط، وباغتها بسؤال ''قال لي هو انتي أخدتي حق العودة؟ مقدرتش أرد عليه''.
حق العودة كفلته لنفسها رغم أنف الاحتلال، تعلم يقينًا أنها سترجع يومًا، زوجها الفلسطيني لا يذهب معها في زياراتها الفردية للبلد، فأسرته الصغيرة هنا بمصر، وكذلك بناتها الأربعة اللاتي لم تصطحبهن معها إلا مرات قليلة بسبب الوضع العام.
''بدي أقول للعالم إن المرأة الفلسطينية هي عماد الأسرة عندنا، لازم يكفلوا لها حياة كريمة''، تؤكد السيدة أن النساء بغزة وفلسطين منهن تحت خط الفقر وكذلك عائلاتهن ''عايزين توفير أساسيات الحياة فقط، العالم يجب أن يتعامل معنا بشكل إنساني، ويعامل إسرائيل ككيان محتل''، لذا كانت تأمل في اليوم العالمي للمرأة، أن تتكاتف النساء من دول مختلفة، لمحاولة فك الحصار عن نساء غزة، وكل المحاصرات.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: