لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

''الفسيخ''.. زهرة المصريين ذات الرائحة النفاذة..''بروفايل)

02:50 م الإثنين 21 أبريل 2014

''الفسيخ''.. زهرة المصريين ذات الرائحة النفاذة..''

كتبت – دعاء الفولي:

السمكة المُملحة جليستهم المفضلة، اختلاف الظروف لا يمنع تواجدها، فوق منضدة كبيرة مملوءة بأطايب الأسماك الأخرى، على ورق جرائد قديم يغطي أرضية غرفة ضيقة، قطعة قماشية تتخللها حشائش خضراء تتطاير مع هواء حديقة مفتوحة، برميل كبير يرصها فيه أحدهم بعناية، يُخرجها عند البيع، يضعها على ميزان، يُغلفها ويقبض الثمن ممتنًا، ارتباط السمكة بأعياد الربيع ليس تناقضًا، هي الزهرة الموسمية التي ينتظرها الناس، تأتيهم برعاية أسعارها المرتفعة وتحذير وزارة الصحة من أكلها.

المصريون القدماء ابتكروا ''الفسيخ''، أصل التسمية يرجع لحالة التفسخ، الناتجة عن ترك سمكة ''البوري'' بالملح لمدة طويلة، قد تصل شهرًا، يتهافت عليها المعجبون، يبذل بعضهم مبلغًا قد يصل إلى 120جنيه للكيلو الواحد، آخرون يقتطعون من ميزانية المنزل القليلة، للحصول على سمكة أو اثنتان يقتسمونهما، ينظر لهما الأب بإكبار، متناسيًا المبلغ الذي تكبده، مُصبرًا نفسه بجملة ''هي مناسبة مبتجيش غير مرة في السنة''.

لا يعبأ الكثيرون بتحذيرات وزارة الصحة، أو حالات التسمم الموثقة، لهم حدس يُخبرهم بالأنواع الجيدة والفاسدة، أشخاص تعودوا الاعتماد عليهم في تلك المناسبة، لا يرتضون سواهم بديلًا، يغنونهم عن التوجس، سواء لشهرتهم في سوق الأسماك، أو لمعرفتهم الشخصية بهم ''بنشتري فسيخ من محل عارفين أصحابه من سنين وواثقين فيه''، يظهر على ثغورهم شبح ابتسامة، بعد أن ينفضوا عن عقولهم هواجس الخوف، يتمتمون بجملة ''ربنا يسترها بقى''، بينما تنتعش تجارة البائعين.

يأتي ذكر ''الفسيخ'' في السينما في شكل ''فانتازي'' تعبيرا عن ''صك وطنية'' يؤكد أصالة آكليه وانتمائهم للوطن ''مصر''، ففي إحدى مشاهد فيلم ''عسل أسود'' يحاول ''مصري'' بطل الفيلم -أحمد حلمي- أن يشارك أبناء جيرته وجبة الفسيخ واضعا ''مشبك غسيل'' يقبض على أنفه، فيما تخور قواه، قبل أن تأتيه الإجابة الشافية لتطمئن قلبه ''متخافش.. اللي بياكل فسيخ بيموت.. أو عادي.. متقلقش''.

الحفظ، البيع، الازدحام، محاولة مستميتة للحفاظ على السمعة، عدد ساعات عمل أطول، الموسم السنوي لبيع الفسيخ، يجعله يد تربت بلطف على أكتاف المتاجرين به، يستمتع الناس بتناوله، ويسعد الباعة بالبيع، يعتبرونه وردتهم المفضلة، تحاصرهم رائحتها مُرغمين، لكنها تُدر عليهم مالًا وفيرًا.

يصعب حفظ ''الفسيخ'' وتخزينه، يحتاج لمهارة وخبرة، قد تُفسد خطوة واحدة خاطئة برميل بأكمله، بينما تهون أموال الزبائن، وإقبالهم الكثيف الجهد الذي يضرب البائعين؛ فعدد الأسر المصرية التي تشتري مستلزمات شم النسيم يصل حوالي 20 مليون أسرة، تدفع كل منهم 100 جنيه في المتوسط، أما ''الفسيخ'' فارتفاع أسعاره في موسم الربيع بما يقارب الضعف، لم يُخفف الضغط المُحبب على الباعة لشراءه.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان